ما لفت نظري هنا هو كيف يمارس السياسيون المحترفون مسئولياتهم تجاه شعوبهم , كان بامكان ' كاميرون ' ان يقول انا لست مسئولا عن هذه الاخطاء وكفي , لكن بيان الحقيقة للشعب و الاعتذار عن تلك الممارسات وعدم نسبتها الي نفسه او حزبه تمتص كثيرا من غضب الناس وسخطهم علي النظام , وهو قد حمّل حزب العمال المسئولية الكاملة عن هذه الاخطاء دون ان يدخل في جدل حول المتسبب فيها , ودفع رئيس الحزب هو الآخر للاعتذار للشعب , و السبب في هذه الاخطاء يعود الي طريقة حزب العمال في ادارة الدولة , وليس الي فساد متعمد . فقد ادار حزب العمال المستشفيات و القطاع الصحي بعقلية دكاكين البقالة , تكاليف اقل ومكاسب اكثر , ولم يدرها بعقلية ان الصحة هي اهم ما يملك الانسان وان الضرائب التي تحصل عليها الحكومة من المواطنين يجب ان يخصَّص الجزء الاكبر منها الي صحتهم.
لكن ما حدث في مصر كان له اسلوب آخر في ادارة الدولة خلال العقود الثلاثة , او بالاحري الستة , الماضية . حيث لم يكن للانسان المصري اية قيمة حقيقية لدي من يحكم , وحدثت الاخطاء الفادحة المتعمَّدة لتدمير الانسان المصري و الوصول به الي ادني المستويات في كل شيء , وطالما نتحدث عن الصحة فان مستشفيات الحيوانات في بريطانيا و الدول الغربية ربما تكون افضل من كثير او معظم مستشفيات الانسان في مصر من حيث التجهيزات و الرعاية الصحية , وما كنت ارجوه , وما زلت , من الرئيس محمد مرسي منذ ان تولي السلطة ان يفعل ما فعله ديفيد كاميرون , وهو ان يقف في خطاب الي الشعب يتحدث فيه عن واقع مصر في كل المجالات وكيف تسلمها بالارقام و الاحصاءات و المعلومات , ولا مانع من ان يعتذر للشعب عن تلك الحقبة التي سُرقت فيها مصر من اهلها , وان يضع خطة واضحة للشعب يقول فيها كيف سيعيد بناء البلاد وبناء الانسان المصري ويطلب من الشعب ان يمنحه الفرصة الكافية للقيام بهذه المهمة الكبيرة التي تقتضي ان يقف الشعب الي جواره وان يتفهم الاوضاع الحقيقية المنهارة في جميع مجالات الحياة , وان يشارك في اعادة بناء بلده من جديد , ومن الطبيعي الا يستطيع الرئيس مرسي ان يقوم بهذا الامر وحده , وانما عليه ان يعد الفريق المتكامل في جميع المجالات , الذي يستطيع من خلاله ان يعيد بناء البلاد -- ان العجلة من طبيعة الشعوب , وكذلك عدم التماس الاعذار لمن يحكم , وكذلك عدم فهم ما فهمه الرئيس عن الجوانب الخفية و المختلفة في حقيقة الاوضاع التي عليها الدولة , وقد سبق ان اشدت بالخطوات التي قام بها كل من وزير المواصلات ووزير الصحة المصري حينما خرج كل منهما علي الشعب وبيّن حقيقة الاوضاع في الوزارتين و الاحتياجات الاساسية لهاتين الوزارتين و المدة المطلوبة للانجاز , وهكذا يجب ان يفعل كل مسئول في وزارته او محافظته او حتي المدينة التي يتراسها , وفوق هؤلاء جميعا يفعل الرئيس فيطلع الشعب علي حقيقة الوضع في البلاد التي تسلم مسئوليتها حتي اذا سلم السلطة اوضح للناس كيف تسلمها وكيف سلمها لمن بعده وما هي الانجازات التي قام بها و المشروعات التي لم ينجزها و الاخفاقات التي وقع فيها , انها المسئولية السياسية و الاخلاقية لكل من يتولي امر شعب او مسئولية امة , وان الوقت لم يفت بعد حتي يقوم الرئيس مرسي بهذه الخطوة ليفعل ما فعله ديفيد كاميرون ولكن في كل المجالات -- وانا لمنتظرون.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق