فورين بوليسي : أمريكا لا تدعم الاخوان و هدف أوباما سحقهم في الانتخابات القادمة



قالت مجلة ' فورين بوليسي ' الامريكية ان عمل ادارة الرئيس باراك اوباما مع الرئيس محمد مرسي كاول رئيس منتخب ديمقراطيا لا يعني دعمه او تاييده له وللاخوان المسلمين في السلطة , واشارت الي ان واشنطن لا تريد شيئا اكثر من سحق الاخوان في انتخابات ثانية وربما تكون هذه رؤيتهم الاستراتيجية.

وتحدثت المجلة عن الازمة الراهنة ورد الفعل الامريكي عليها , وقالت ان الازمة الاخيرة في مصر و الاشتباكات المستمرة في محيط ميدان التحرير تثير احساسا عاما بانهيار النظام العام , لافتة الي ان هذا المظهر الاحدث من مظاهر الازمة السياسية و المؤسسية المستمرة في مصر له اسباب عديدة , تشمل القيادة الخرقاء الاستثنائية من جماعة الاخوان المسلمين ومحاولات الاستيلاء علي السلطة.

ورفض المعارضة للتحول السياسي مع عدم قدرتها علي تقديم بديل مقنع , واحباط الثوار وظهور الاحتجاجات العنيفة و الفوضوية في الشارع , و الاستقطاب السياسي و الاجتماعي الشديد الذي لا يستطيع احد فيه ان يضبط نفسه و الازمة الاقتصادية و الفراغ الامني الذي يبقي الجميع علي الحافة.

ويبدو ان ما قاله وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بان الازمة المستمرة قد تؤدي الي انهيار الدولة وتهدد مستقبل الاجيال القادمة , هو تحليل رصين اكثر من تهديد بانقلاب.

وعن رد الفعل الامريكي , تقول المجلة ان رد امريكا حتي الآن كان علي مستوي منخفض. فهناك بالتاكيد نوع من تعب الازمة اي احساس بان الطبقة السياسية في مصر قد شكت من قرب الانهيار مرات كثيرة من قبل. وبرغم ذلك , فان البيت الابيض و الخارجية الامريكية ادانا العنف في الشارع ودعيا الي حوار شامل لبناء التوافق. ومثلما كان الحال خلال الربيع العربي , رسم اوباما خطا عند استخدام العنف , لكن استمر بشكل صحيح في الاصرار علي ان حل الازمة يجب ان ياتي من المصريين.

وبالنسبة لكثير من المصريين , وجزء كبير من المجتمع السياسي الامريكي في الولايات المتحدة , فان هذا لا يكفي وينبغي علي الولايات المتحدة ان تفعل اكثر من ذلك , وان تفعله بجراة. وتتابع المجلة قائلة : يتفق معظم المحللين علي ضرورة ان تفعل واشنطن المزيد لدعم الديمقراطية المصرية, وهذا صعب الي حد ما لان الاخوان فازوا في انتخابات ديمقراطية حرة , و الدفع لاسقاط الحكومة المنتخبة باسم الديمقراطية سيكون صعبا.

وتعتقد ادارة اوباما انها تدعم الديمقراطية في مصر ولديها مبرر جيد , ليس فقط دورها الذي لا يزال هناك خلاف عليه في الثورة ومساعدتها في خروج مبارك من السلطة. ففريق اوباما يستطيع ان يتحدث ايضا عن دوره في دفع الجيش الي الالتزام بنقل السلطة لحكومة منتحبة و الوفاء بالالتزام بعدم ترجيح كفة احمد شفيق في الانتخابات الرئاسية.

وتمضي الصحيفة قائلة بان الادارة الامريكية التزمت بموقفها حتي عندما واجهت بالعاصفة من الدعوات المذعورة للتاجيل بسبب العنف و الفوضي المؤسسية او الاعتراف المذكور او غير المذكور بالهزيمة الوشيكة. فعلي العكس من استسلام الرئيس السابق جورج بوش بعد فوز حماس في فلسطين , فان اوباما لم يتراجع عندما فاز الاسلاميون. فقد اظهرت ادارة اوباما قولا وفعلا التزاما لدعم الديمقراطية المصرية الي ابعد من اي شيء ابديته اي ادارة امريكية من قبل.

وهذا لا يعني ان اوباما يريد الاخوان ان يفوزوا في الانتخابات , حسبما تقول الصحيفة. فكان من الصعب في السياسة الامريكية ان يري اوباما اي ميزة في فوز الاسلاميين في الانتخابات , كما ان احدا في واشنطن كان لديه اوهام بشان الاخوان , اي يعتقد انهم ممكن ان يكونوا ليبراليين او يحبون اسرائيل و السوق الحرة. وقد عمل مع اوباما مع مرسي باعتباره اول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا , لكن هذا لا يعني انه يدعم او يؤيد مرسي مثلما ان العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا تعني ان اوباما يدعم ديفيد كاميرون.

بل ربما لا تريد ادارة اوباما شيئا اكثر من ان يتم سحق الاخوان في انتخابات مفتوحة. بل ربما تكون تلك رؤيته الاستراتيجية. فما الذي يمكن ان يكون افضل كتطور علي المدي الطويل للثقافة السياسية العربية اكثر من دخول الاسلاميين في عملية ديمقراطية , ثم ولو اول مرة في تاريخهم يتم اسقاطهم من جانب الناخبين بسبب اخطاءهم وتجاوزهم. فهل يشكك احد في قيمة توازن حقيقي للسلطة بين الاتجاهات السياسية المتعارضة في الرئاسة و البرلمان لاول مرة في تاريخ مصر المعاصر , وهناك سببا لتاكيد وزيرة الخارجية الامريكية المنتهية ولايتها هيلاري كلينتون علي الاهمية الكبيرة للانتخابات الثانية في التحولات الديمقراطية.

وتري الصحيفة ان هذا الامر ليس بالرهان الرهيب , فجبل المشكلات التي اسفر عنها حكم الاخوان ومحدودية قاعدتها الانتخابية حيث ان 25 في المائة انتخبوا مرسي في الجولة الاولي في الانتخابات الرئاسية , الي جانب المستويات العالية من التعبئة ضدهم خلال الازمة الدستورية كل ذلك قد اضر بهم سياسيا.

ولكي يخسر الاخوان نحتاج الي شخص يغلبهم , لكن واشنطن تشعر بحالة من الحيرة و الاكتئاب من المعارضة التي تبدو عازمة علي الاضرار بفرصها حيث ان جبهة الانقاذ يظل بها صراعات شخصية وطموحات فردية وتفتقر لاستراتيجية متماسكة وليس لديها الرغبة الواضحة في القيام ب ' العمل القذر , كما تقول الصحيفة , المتمثل في بناء ماكينة سياسية و الفوز بالاصوات ولا يساعدهم اغراء المقاطعة او العداء الدائم للنظام باكمله.

وقالت الصحيفة في الختام ان واحدة من الرؤي الاساسية لفريق اوباما بشان الثورات العربية كان ان الولايات المتحدة يجب ان تتجنب قدر الامكان لعب دور نشط في السياسات الداخلية للدول العربية. و المسئولون الامريكيون يقولون ان الحلول السياسية المصرية يجب ان تاتي من المصريين وهم محقون. يجب ان تدعم واشنطن قيمها ومصالحها الحقيقية في رؤية مصر تقوم بتحول نحو ديمقراطية كاملة , بل يجب الا يحاولوا اجهاض الحياة السياسية المصرية.

ليست هناك تعليقات :