الجنزوري النكتة التي تستمر مع استمرار العبث وائل قنديل



تعامل البعض مع تسريب انباء عن التفكير في اسم الدكتور كمال الجنزوري كرئيس لحكومة انقاذ وطني بعد مذبحة محمد محمود الاولي في نوفمبر ٢٠١١ باعتباره نكتة من قبل المجلس العسكري الحاكم في ذلك الوقت , غير ان ما اعتبرناه نكتة صار حقيقة تصفع كل الحالمين بالتغيير الحقيقي.

والآن يعاد طرح اسم الجنزوري مرة اخري في ظل حكم الرئيس ' المدني المنتخب ' للحفاظ علي الحد الادني من ملامح بقاء الثورة علي قيد الحياة , في تجسيد صارخ لشعار ' النكتة مستمرة ' بينما الثورة اصبحت وحدها تدفع فاتورة المنافسة العنيفة بين السلطة و المعارضة المهجنة علي تدليل الدولة العميقة , قضائيا وسياسيا واعلاميا.

واذا كان البعض يري في التلويح باسم الجنزوري محاولة لدفع الناس للقبول ببقاء حكومة هشام قنديل , علي طريقة ' المر و الامر منه ' فان هذا الافتراض يبدو نوعا من الافراط في التفاؤل , ذلك ان عديدا من الاشارات التي تتطاير في الافق السياسي الآن تقول ان الامور تتجه ناحية مصالحات طوعية وقسرية مع النظام القديم , ولك ان تتابع وقائع الخروج الكبير لرموز النظام السابق من محابسهم وعودتهم منتصرين الي قصورهم.

وحين اطل اسم الجنزوري رئيسا للوزراء ايام المجلس العسكري قلت ان الشارع المصري مع الاخبار المسربة عن تكليف كمال الجنزوري بتشكيل حكومة جديدة باعتبارها نكتة , لكن المجلس العسكري الح علي تحويل النكتة الي امر واقع , وهنا قرر المصريون اعادة القضية الي دائرة التنكيت.

وفي اقل من 24 ساعة من بروز اسم الجنزوري كاختيار مفضل لدي المجلس العسكري لرئاسة الحكومة التي ارادها المصريون حكومة انقاذ وطني , تداول الشعب المصري علي مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الموبايل اكثر من الف نكتة تعليقا علي هذا الاختيار العجيب.

وبتحليل مضمون هذه النكات ستكتشف انها تتاسس علي ان مصر وهي تسقط ماضيا بليدا وتتطلع الي مستقبل مفعم بالروح الشابة بعد ان انجزت كثيرا في اسقاط دولة العواجيز , لم تجد رئيسا لحكومة ثورتها الا بين صفحات ارشيف حسني مبارك -- وكان شعبها دفع كل هذا الثمن الفادح من دماء الشهداء و الضحايا للتخلص من الكراكيب القديمة لكي ياتي المجلس العسكري بابرز وجوه عصر مبارك رئيسا للحكومة الجديدة.

وكما لم يكن اختيار الجنزوري تعبيرا عن اي ملمح ثوري , كذلك كان اختيار هشام قنديل من بعده ومازلت اري ان ان اسمه في حد ذاته يصلح مؤشرا جيدا علي ان المستهدف منها ان تمد الجسور مع ما يسمي بالدولة العميقة و النظام القديم , بالقدر ذاته الذي تتصالح به مع الحاضر المفروض بالقوة وتتواصل به مع المستقبل , وعليه لا مفاجاة علي الاطلاق في ان تشتمل تركيبة الحكومة الجديدة علي عديد من الاسماء المجهولة , مادام رئيسها مع كل الاحترام لشخصه قادما من المجهول.

واكرر انه في الحالتين جري استخدام كلمة ' الكفاءة ' ومصطلح ' التكنوقراط ' كفزاعة لاسكات كل من ينطق بكلمة عن تشكيل الحكومة , وكان هناك تناقضا بين معياري الكفاءة و الثورية.

ومن الواضح ان اسلوب ' النكتة ' لايزال يواصل تفوقه وسيادته علي منطق الثورة فمتي يتوقف هذا العبث السياسي ؟

ليست هناك تعليقات :