تُوفي مهندس حرب اكتوبر رئيس اركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي يوم الخميس الموافق في 10 من فبراير 2011 , بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة , عن عمر بلغ 88 عاما قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وامانة واخلاص , وقد جاءت وفاته في خضم ثورة 2011 في مصر , وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض , وقد شيّع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة بعد صلاة الجمعة.
كانت جنازته في نفس اليوم الذي اعلن فيه عمر سليمان تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية , واعاد المجلس الاعلي للقوات المسلحة نجمة سيناء لاسرة الفريق الشاذلي بعد تنحي الرئيس حسني مبارك باسبوعين.
ولد الشاذلي بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية , و التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان عمره وقتها 17 سنة , وتخرج برتبة ملازم في يوليو 1940 ثم انتدب للخدمة في الحرس الملكي من 1943 الي 1949.
وشارك الشاذلي في حرب فلسطين عام 1948 ضمن سرية ملكية مرسلة من قبل القصر , وانضم الي الضباط الاحرار عام 1951 , كما اسس اول قوات مظلية في مصر عام 1954 , وشارك في العدوان الثلاثي عام 1956 , وشارك في حرب اليمن كقائد للواء مشاة بين عامي 1965 1966 , وشكل مجموعة من القوات الخاصة عرفت فيما بعد ' بمجموعة الشاذلي ' عام 1967.
واثبت الشاذلي نفسه مرة اخري في نكسة 1967 عندما كان برتبة لواء ويقود وحدة من القوات المصرية الخاصة مجموع افرادها حوالي ١٥٠٠ فرد و المعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط اسوا هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية.
ونتيجه لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء , فقد اتخذ الشاذلي قرارا جريئا فعبر بقواته الحدود الدوليه قبل غروب يوم 5 يونيو وتمركز بقواته داخل الاراضي الفلسطينية المحتله بحوالي خمسة كيلومترات وبقي هناك يومان الي ان تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التي اصدرت اليه الاوامر بالانسحاب فورا.
فاستجاب لتلك الاوامر وبدا انسحابه ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة , باعتباره كان يسير في ارض يسيطر العدو تماما عليها , ومن دون اي دعم جوي , وبالحدود الدنيا من المؤن , واستطاع بحرفية نادرة ان يقطع اراضي سيناء كاملة من الشرق الي الشط الغربي لقناة السويس ' حوالي 200 كم ' .
وقد نجح في العوده بقواته ومعداته الي الجيش المصري سالما , وتفادي النيران الاسرائيلية , وتكبد خسائر بنسبة 10 في المائة الي 20 في المائة , فكان آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء.
بعد هذه الحادثه اكتسب سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري , فتم تعيينه قائدا للقوات الخاصة و الصاعقة و المظلات , وقد كانت اول وآخر مرة في التاريخ المصري يتم فيها ضم قوات المظلات وقوات الصاعقة الي قوة موحدة هي القوات الخاصة.
وفي يوم 6 اكتوبر 1973 في الساعة الثانية ظهرا شن الجيش المصري هجوما علي اسرائيل , بطول الجبهتين , ونفذ الجيش المصري خطة ' المآذن العالية ' التي وضعها الفريق الشاذلي بنجاح غير متوقع , لدرجة ان الشاذلي يقول في كتابه ' حرب اكتوبر ' : ' في اول 24 ساعة قتال لم يصدر من القيادة العامة اي امر لاي وحدة فرعية -- قواتنا كانت تؤدي مهامها بمنتهي الكفاءة و السهولة و اليسر كانها تؤدي طابور تدريب تكتيكي ' .
وعن ثغرة الدفرسوار يقول : ' اكتشفت طائرة استطلاع امريكية لم تستطع الدفاعات الجوية المصرية اسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس و الجيش الثاني في الاسماعيلية , وقام الامريكان بابلاغ اسرائيل ونجح ارئيل شارون قائد احدي الفرق المدرعة الاسرائيلية بالعبور الي غرب القناة من الثغرة بين الجيشين الثاني و الثالث , عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرّة بقوة محدودة ليلة 16 اكتوبر , وصلت الي 6 الوية مدرعة , و3 الوية مشاة مع يوم 22 اكتوبر.
احتل شارون المنطقة ما بين مدينتي الاسماعيلية و السويس , ولم يتمكن من احتلال اي منهما وكبدته القوات المصرية و المقاومة الشعبية خسائر فادحة.
تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس , ووصلت القوات الاسرائيلية الي طريق السويس القاهرة , ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة , خصوصا بعد فشل الجنرال شارون في الاستيلاء علي الاسماعيلية وفشل الجيش الاسرائيلي في احتلال السويس مما وضع القوات الاسرائيلية غرب القناة في مازق صعب وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية و الاستنزاف و القلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك.
في يوم 17 اكتوبر طالب الفريق الشاذلي بسحب عدد 4 الوية مدرعة من الشرق الي الغرب , ليزيد من الخناق علي القوات الاسرائيلية الموجودة في الغرب , و القضاء عليها نهائيّا , علما بان القوات الاسرائيلية يوم 17 اكتوبر كانت لواء مدرع ولواء مظلات فقط وتوقع الفريق الشاذلي عبور لواء اسرائيلي اضافي ليلا لذا فطالب بسحب عدد 4 الوية مدرعة تحسبا لذلك , واضاف ان القوات المصرية ستقاتل تحت مظلة الدفاع الجوي وبمساعدة الطيران المصري , وهو ما يضمن التفوق المصري الكاسح وسيتم تدمير الثغرة تدميرا نهائيا وكان عاصفة هبت علي الثغرة وقضت عليها ' حسب ما وصف الشاذلي ' , وهذه الخطة تعتبر من وجهة نظر الشاذلي تطبيق لمبدا من مبادئ الحرب الحديثة , وهو ' المناورة بالقوات ' , علما بان سحب هذه الالوية لن يؤثر مطلقا علي اوضاع الفرق المشاة الخمس المتمركزة في الشرق.
لكن السادات واحمد اسماعيل رفضا هذا الامر بشدة , بدعوي ان الجنود المصريين لديهم عقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ نكسة 1967 , وبالتالي رفضا سحب اي قوات من الشرق للغرب , وهنا وصلت الامور بينهما وبين الشاذلي الي مرحلة الطلاق.
في 13 ديسمبر 1973م وفي قمة عمله العسكري بعد حرب اكتوبر تم انهاء خدمة الفريق الشاذلي من الجيش وتعيينه سفيرا لمصر في انجلترا ثم البرتغال.
شاهد الفيديو :
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق