من أهان قصر الاتحادية منذ البداية ؟ أحمد منصور



المرة الوحيدة التي دخلت فيها القصر الجمهوري ' الاتحادية ' في مصر قبل عدة اسابيع ' قصر الشعب ' اصابتني باحباط والم شديد . فقد وجدت امام بوابة 4 التي دخلت منها عددا من جنود الامن المركزي المتهالكين المرهقين وبدا من خلال حديثي معهم انهم من الاميين البسطاء الذين لا يعرفون حتي كيف يرتدون ملابسهم العسكرية او يقفون بشكل لائق امام القصر , وحينما ابديت ملاحظاتي لاحد المسئولين في الرئاسة ان هذا لا يليق بالقصر الذي يختار الشعب المصري من يدخله رئيسا , وان الجنود الواقفين علي بوابات القصر يجب ان يكونوا من متوسطي الرتب او الضباط حتي يعطوا الهيبة و المكانة لقصر الحكم , لم يعطني اجابة مقنعة , ثم سالته : اين ضباط و جنود الحرس الجمهوري؟ فقال : ان مهمة الحرس الجمهوري داخل القصر وليس خارجه. قلت له : هل دورهم حراسة المباني و المنشآت ام فرض الهيبة و ابراز قيمة المكان ؟ و هل يليق بالمبني الذي يعمل منه رئيس الدولة و يقصده كبار المسئولين و كبار زوار الدولة ان يقف علي بابه عسكر اميون متهالكون , ام ان النظام دائما يستخدم اشباهه في مؤسساته و من يقفون علي ابوابها ؟ لم تعجب ملاحظاتي الصريحة المسئول الذي اخذ يسوق المبررات غير المقنعة , و من هنا بدات افهم لماذا يهان القصر الجمهوري الذي هو قصر الشعب المصري و الذي يجب ان يكون بعيدا عن كل المزايدات و التظاهرات و السلوكيات غير اللائقة , وادركت السبب في ان القائمين عليه و المقيمين فيه اهانوه -- اهانوه في البداية حينما سمحوا للعامة بالتظاهر علي ابوابه و اسواره و تحويله و محيطه الي مزبلة كتبت عنها في نهاية يوليو الماضي وبعد اسابيع من دخول الرئيس مرسي للقصر , تحت عنوان ' فوضي في القصر الرئاسي ' , ودعوت الرئيس ان ينهي حالة الفوضي الموجودة داخل القصر وخارجه من الخيام و المزابل , ومن اراد التظاهر فالقاهرة من كبريات عواصم الدنيا ويمكنه اختيار المكان الذي يناسبه بعيدا عن قصر الشعب , لكن التهاون من قِبل القائمين علي القصر كان يزداد يوما بعد يوم حتي وصل الحال الي محاولات اقتحام للقصر عدة مرات لم نسمع فيها عن وجود الحرس الجمهوري الا حينما خرج علينا يوم الجمعة الماضي قائد الحرس الجمهوري وهو يناشد المتظاهرين بعدما حرقوا اسوار القصر ومكتب الحراسة الداخلي فيه التظاهر السلمي , وقد كتبت , قبل يومين , منتقدا تلك التصريحات وذلك الدور الذي اسقط مهابة القصر و الدولة في نفوس الكبير و الصغير , لا سيما بعدما حوّل بعض المتظاهرين , من العاطلين و البلطجية الذين اختلطوا بهم , ساحاته الخارجية الي مزبلة من خلال الخيام التي نصبوها حول اسوار القصر , وكنت وما زلت اتساءل : من الذي يمول طعام وشراب هؤلاء ويدعمهم للقيام بعمليات الحرق للقصر و الكر و الفر مع قوات الامن؟ واين تلك المؤامرات التي سبق ان تحدث الرئيس عنها ثم تبخرت بعدما افرج المحامي العام لنيابات شرق القاهرة عن كل من اعتقلوا في محاولة اقتحام القصر الاولي؟ ولا ندري ما نتائج التحقيقات مع الذين حاولوا اقتحام القصر وحرقه في الثانية بعدما غطت مسرحية ' المسحول ' علي كل الاحداث!

الشرطة التي كانت تسعي للقيام بواجبها في حماية القصر يوم الجمعة الماضي اخطا بعض رجالها , واستخدم الاعلاميون و السياسيون الموتورون هذا الخطا وشنوا هجوما لهدم جهاز الشرطة ودوره في اعادة الامن للبلاد , وحينما تساءلت يوم الثلاثاء الماضي عن الحرس الجمهوري , ولماذا يتم استخدام الامن وقودا لتلك المعارك , جاءت الاجابة في نفس اليوم حينما نشرت وسائل الاعلام خبرا يقول ان قوات الحرس الجمهوري دفعت بعشرة من افرادها امام كل بوابة من بوابات القصر لحمايته بعد انسحاب قوات الامن المركزي من محيط القصر , وهذا الاجراء كان ينبغي ان يحدث منذ دخول الرئيس مرسي للقصر وكان يمكن لهذا الاجراء لو تم في وقته المناسب ان يوقف كثيرا من الاحتجاجات التي وقعت و الدماء التي سالت ويحفظ للقصر مهابته ومكانته في نفوس المصريين . لان الجيش له مكانته واحترامه لدي الشعب , وبمجرد قيام الحرس الجمهوري بذلك , انساب المرور في الشوارع المحيطة بالقصر وساد الهدوء المكان , لكن الاهم من ذلك هو الا يسمح الحرس الجمهوري بعودة المزابل و الخيام و التجمهرات و التظاهرات و الباعة الجائلين امام القصر و الاعلان عن ان هذا المكان ليس مكانا للتظاهر وانما هو رمز لسيادة الشعب ومكانة مصر بين الدول.

ليست هناك تعليقات :