ولعلكم تتفقون معي علي ان الموارد العظيمة لامتنا وقدراتها الكامنة لا تتناسب بحال مع واقعها الحالي و هذا ما يعكس بوضوح جسامة المهام الملقاة علي عاتقنا -- . فبلادنا تشغل سدس مساحة اليابسة ويقطنها ربع سكان الارض تقريبا -- . كما تمتلك اكثر من نصف احتياطيات العالم من النفط و الغاز -- . وتزخر بالموارد و الثروات الطبيعية -- . و الاهم من ذلك كله بالشباب الواعد الذين هم املنا في واقع متميز و مستقبل مبشر يمثلون اكثر من نصف تعداد الامة.
لكن الواقع يشير في ذات الوقت -- . وعلي المستوي الاقتصادي -- . الي اننا لا نُسهم الا بنصيب متواضع في الناتج المحلي الاجمالي العالمي -- . وبنصيب اكثر تواضعا في مجالات البحث العلمي و الابتكار -- . ويقل متوسط معدلات المُسجلين بمراحل التعليم المختلفة في دولنا عن المعدلات العالمية , بل انه يقل ايضا عن معدلاته في الدول النامية غير الاعضاء -- . و ترتفع نسبة من هم دون خط الفقر في بلداننا الي 38 في المائة في عام 2011 -- . وما تزال احدي وعشرون دولة من دول منظمتنا ضمن الدول الاقل نموا في العالم -- . ومثلها : ضمن الدول الاقل في مستوي التنمية البشرية.مة
لابد من اﻹشارة هنا ومن واقع مسئوليتنا جميعا الي ان هناك قضايا كبري تتعلق بحاضر ومستقبل عالمنا اﻹسلامي ككل ينبغي معالجتها _ اضافة الي الازمات و المشكلات التي تعتري بعض الدول و الاقاليم _ ولعل من ابرزها ما يلي :
اولا : المعضلات الناشئة عن القصور في النواحي التعليمية و الثقافة الدينية وتراجع قدرة المجتمعات علي توفير التنشئة الدينية السليمة التي هي السبيل الوحيد لمواجهة جذور التطرف و العنف الذي احيانا ما يظهر ليهدد امن مواطنينا و استقرار مجتمعاتنا و التنمية في دولنا.
ثانيا : الصورة السلبية عن الاسلام و المجتمعات اﻹسلامية : فبرغم اقرارنا بان هناك اطرافا خارجية لها اغراضها الخاصة ساهمت في رسم تلك الصورة المشوهة -- . الا ان دولنا تتحمل دون شك نصيبها من المسئولية في ذلك -- . و علينا ان نكثف جهود منظمتنا لتصحيح تلك الصورة بما يمنع الاساءة الي ديننا الحنيف و يعرف بقيمه الانسانية الحضارية السامية -- .
ثالثا : في ذات اﻹطار , يعاني عدد من الجاليات المسلمة في دول عديدة من ظاهرة اﻹسلاموفوبيا اي كراهية الاسلام او الخوف المرضي من الاسلام و هو ما يدعونا لمناقشة الامر بما يستحقه من اهتمام كبير مع شركائنا في المجتمع الدولي اذ اننا نشعر جميعا بالقلق العميق لما تتعرض له الاقليات المسلمة في عدد من بلاد العالم و نعتقد ان المطالبة باحترام حقوق اﻹنسان و الحريات الاساسية لكل بني البشر انما هي مبادئ عالمية مستقرة ومُتفق عليها و ان احترام حقوق الاقليات هو معيار حقيقي لحضارة الامم و الشعوب -- .
وقد قطعت منظمتنا في هذا المجال شوطا ينبغي البناء عليه : فباسمكم جميعا ادعو دول العالم ومؤسساته الدولية الي اتخاذ الاجراءات واصدار التشريعات اللازمة -- . لمواجهة كل محاولات اثارة الكراهية و التمييز و العنف ضد الاشخاص بسبب خلفياتهم العرقية او العقائدية.
رابعا : تعزيز وتفعيل الحوار و التفاهم بين العالم اﻹسلامي وبين الدول و التجمعات اﻷخري علي نحو يضمن تحقيق الاحترام المتبادل ويجسر هوة الثقة بينها -- -- . فلقد عانينا مرارا من جراء ضعف آليات الحوار القائمة بين الاطراف المختلفة او عدم فعاليتها -- . كما اكتفينا مرارا بالتالم لوقوع قتلي وجرحي جراء الاحتجاجات علي افعال مشينة تُسئ لمقدساتنا -- . وقد كان الاجدر بنا ان نتقي جميعا تلك الشرور من خلال الحوار الهادف .
خامسا : ضرورة التصدي للفتن المذهبية و الطائفية علي صعيد الامة من خلال الحوار و التثقيف -- . لان تلك الفتن , ان لم نُخمدها سويا , فانها سوف تسري في جسد الامة -- وقد تفلح لا قدر الله , في تحقيق ما فشل اعداء الامة في تحقيقه من خارجها -- .
وانني اذ اشيد بما اتفقنا عليه خلال قمتنا الاستثنائية الاخيرة بمكة المكرمة بانشاء مركز للحوار بين المذاهب الاسلامية في الرياض … فانني اؤكد ايضا انه من دواعي فخر مصر ان ازهرها وعلماءها كانوا وسيظلون , ان شاء الله , رافعي لواء العلوم الاسلامية , في سبيل احتواء خطر الفتنة ونشر صحيح الدين في كل بقاع العالم الاسلامي.
سادسا : واخيرا , فان ما تعانيه بعض دول امتنا من اوضاع اقتصادية او انسانية صعبة سواء بسبب خلل هيكلي او جراء كوارث طارئة -- . يستدعي النظر في تطوير منظومة الاغاثة القائمة و اعادة هيكلة الصناديق الاغاثية للمنظمة بما يضمن تنميتها و زيادة فعاليتها و التفكير في وضع آليات للانذار المُبكر تضمن المساهمة في منع او معالجة آثار مثل تلك الكوارث -- هذا بالاضافة الي.الاتفاق علي تشكيل آلية تنسيقية بين الجمعيات الاغاثية و مؤسسات المجتمع المدني داخل الدول الاعضاء لتوجيه جهودها و رفع كفاءتها مع كل التقدير و الاحترام لما هو قائم من جهود .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق