منع اليوتيوب قرار قضائي مثير للجدل و أزمة تقنية في التطبيق و تخوف بين مستخدمي الأنترنت



طرح حكم محكمة يلزم الحكومة المصرية بحجب موقع يوتيوب لمدة شهر بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد , تساؤلات عديدة حول قدرة مصر التكنولوجية و الاقتصادية علي تنفيذ هذا الحكم.

ففي حين يقول نقيب العلميين في مصر ' ان القضية ليست في التكلفة ولكن في طريقة الادارة ' , يختلف معه خبير آخر في نظم المعلومات قائلا : ' ان دولا كثيرة في العالم حاولت تنفيذ هذا الاجراء بينها السعودية و الصين وباءت محاولاتها بالفشل ' .


و فيما يثير الحقوقيون مخاوف من ان يكون هذا الحكم بداية لعصر جديد من تقييد الحريات , يري خبير بالقانون الدولي ان فرصة مصر في الزام احدي الشركات الدولية مثل غوغل المالكة ليوتيوب علي تغيير اي من محتوياتها ضعيفة , و ترتبط بالتراضي .

كانت محكمة القضاء الاداري المصري و التي تفصل في النزاعات بين الافراد ومؤسسات الدولة قد نظرت قضية اقامها محمد حامد سالم المحامي في 18 سبتمبر الماضي , مختصما فيها رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل ووزير الاتصالات عاطف حلمي بصفتيهما وكذلك موقع يوتيوب , بسبب استمرار عرضه للفيلم المسيء للرسول.

رفض الدفوع

وتداولت المحكمة القضية في ثلاث جلسات قدم فيها محامو الحكومة دفوعا باقامة الدعوي من غير ذي صفة , في حين لم يحضر محامون عن يوتيوب , وتضامنت احدي المنظمات الحقوقية مع الحكومة واكد محاموها ان هذه الدعوي تطالب بتقييد الحريات , ولكن المحكمة رفضت الدفوع المقدمة وقضت بالزام رئيس الوزراء المصري ووزير الاتصالات بغلق موقع اليوتيوب في مصر لمدة شهر , والزام موقع يوتيوب وكافة المواقع الاخري علي الشبكة العنكبوتية برفع الفيلم المسيء للرسول في مصر وتنفيذ الحكم فورا بمسودته دون اعلان.

وقال سالم المحامي انه يمكن تنفيذ هذا الحكم فورا مستندا الي قدرة وزارة الاتصالات علي حجب مواقع الانترنت في مصر لمدة اسبوع اثناء الاحتجاجات التي سبقت تخلي مبارك عن الحكم.

فيما اكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات , المنوط به متابعة نشاط الاتصالات المصرية وتنفيذ الحكم , انه يحترم تماما احكام القضاء الاداري المصري , وسوف يتخذ الاجراءات اللازمة فور وصول صورة الحكم اليه , لتنفيذ حكم القضاء الاداري الصادر بخصوص حجب موقع يوتيوب لمدة 30 يوما.

نقيب العلميين الدكتور محمد فهمي طلبة العميد السابق لكلية الحاسبات و المعلومات بجامعة عين شمس ينظر الي القضية باسلوب استاذ الجامعة مؤكدا ان العلاج بالقوة لن ياتي بثماره , وان المفترض ان يكون علاج القضية بالتوعية و الحوار و المنطق مع مستخدمي الموقع , خاصة وان الرفض النفسي للفيلم محل الخلاف كان المانع الاول من المشاهدة.

' مصيدة ' 


يقول الدكتور طلبة : ' هناك طرق تمكن مصر من حجب هذا الموقع , هذا ممكن تكنولوجيا , صحيح ان المسالة قد تكون مكلفة ولكن القضية ليست في التكلفة ولكن في طريقة الادارة , وعندما يتم هذا المنع فان قدرات المستخدم العادي في الدخول الي الموقع لن تمكنه من هذا , حيث يتم وضع برمجيات تمنع المواقع ذات اسماء معينة من ان يتم فتحها في مصر خلال الفترة التي حددها الحكم ' .

و يضيف : ' ولكن هذا بالطبع لايعني ان الدخول الي الموقع الممنوع مستحيل , فهناك طرق جانبية تمكن الراغب من الدخول , ولكن عليه ان يستخدم طرقا احترافية اعلي تقنيا , ولكن الشاب الذي يستطيع اختراق هذا الحظر الذي تفرضة الدولة , يجب تطويع قدراته بشكل مختلف , حتي نستفيد من قدراته العالية , اي ان هذا الحظر يمكن ان يكون مصيدة جيدة للمواهب الالكترونية ' .

و يختتم الدكتور طلبة حديثه مؤكدا ان التركيز علي مثل هذه الامور يزيدها جماهيرية , اي ان المنع لموقع يوتيوب يمكن ان يثير فضول الكثير من الشباب الذي لم يسبق له مشاهدة الفيلم المسيء للبحث عنه لاستكشاف السبب في مقاومته , مشيرا ان الحل بالحوار و الاقناع وليس المنع.

ازمة تكنولوجيا

غير ان استاذ نظم المعلومات باكاديمية السادات الدكتور محمد الهادي ينظر للقضية من منظور التقني المحترف , وهو يدفعه للتاكيد ان المحاولات التي يمكن ان تبذلها الدولة في محاولة تنفيذ هذا الحكم ستكون محدودة , خاصة وانها اجرت محاولات مشابهة لتنفيذ قرار قضائي سابق بحجب المواقع الاباحية , وكانت مشكلتها الكبري هي تعدد مواقع الارسال لهذه المواقع.

ويقول الدكتور الهادي : ' المشكلة كانت في ان السيرفرات ' الخادم او الناقل ' الذي تبث عليه هذه الشبكات منتشر في مواقع كثيرة في العالم , وبالتالي حتي اذا استطعنا صناعة برنامج يمنع اسماء مواقع معينة من الدخول فهناك مواقع اخري لها اسماء مخادعة و غير حقيقية يمكن ان تخدع البرنامج , كما ان تغيير السيرفر ' الخادم او الناقل ' او تغيير اسمه او مكانه يجعل المرور من البرنامج ممكنا. '

ويضيف : ' دول كثيرة حاولت حجب بعض المواقع مثل الصين مثلا , وفشلت , وكذلك السعودية تمارس هذه المحاولات بشكل مستمر , ولكنها لم تنجح حتي الآن في وقف اختراق الحظر , ودول كثيرة اخري حاولت منع المواقع الاباحية او المواقع التي لاتتناسب معها وفشلت , لان الازمة هنا ازمة تكنولوجيا , فشركة مثل غوغل , التي تبث موقع يوتيوب شركة دولية متعددة الجنسيات , صحيح ان مقرها في كاليفورنيا الامريكية , ولكن امكانياتها التكنولوجية متفوقة. '
ترضيات

ولكن هل تستطيع الحكومة المصرية اذا كانت ترغب في تنفيذ الحكم جديا , اللجوء الي اية وسيلة قانونية اخري للضغط علي يوتيوب والزامه برفع الفيلم المسيء , مادام المنع المباشر يواجه صعوبات تقنية؟

طرحنا هذا السؤال علي استاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة حلوان الدكتور محمد سعد صالح الذي اكد انه مادام الحكم قد صدر بالزام الحكومة المصرية بوقف الموقع الاليكتروني فان الحكومة بهذا ملتزمة بالتنفيذ , وعلي الدولة اذا كانت تستطيع التنفيذ ان توقف الموقع في المدة المحددة.

ويضيف الدكتور صالح : ' ولكن كيف ستلزم الدولة يوتيوب مثلا بحذف الفليم المسيء , اذا فكرت الدولة مثلا في رفع دعوي قضائية امام المحاكم الامريكية لتنفيذ الحكم المصري , فانها ستنظر امام القضاء الامريكي , ويجب عليها ادراك ان معايير الحريات في القانون المصري تختلف عن الامريكي , اي ان القضاء الامريكي من حقه ان يرفض القضية مادام لا يري الفيلم محل النزاع مسيئا , وبالتالي فان الحكومة المصرية يمكنها ان تخاطب غوغل بشكل ودي لتنفيذ هذا وان تتم المسالة بالتراضي. '

معايير محددة

ويري رئيس مجلس امناء المؤسسة الافريقية للتربية المدنية وحقوق الانسان امجد فتحي ان المشكلة انه لا توجد حتي الآن معايير محدده تفصل بين مستوي الحرية و التجاوز في مصر ويقول : ' نحن كحقوقيين مع حرية التعبير و السياسيون دوما ضد حرية التعبير لانها تكشفهم , ولكن المشكلة ان الفيلم مسيء فعلا , ولكننا نخشي ان يكون هذا الحكم بداية للمزيد من الاحكام التي تقيد الحريات ' .

ليست هناك تعليقات :