نجل الرئيس و ابنة السيسي و الحرب الكلامية الساقطة و مساعي الشيطنة وائل قنديل



المعارضة تشكو من محاولات ' شيطنة ' النظام واعلامه لها __ و النظام يئن من شيطنته علي ايدي المعارضة , وبين الطرفين ترقد مصر جثة هامدة لا تقوي علي الحركة , ولا تجرؤ علي الحلم او تجار بالامل في حياة تليق ببشر ثاروا علي القبح و الفساد و الاستعباد.

ان المواطن المصري البسيط صار محبوسا بين معسكرين , يريد كلاهما ان يبيد الآخر , في حرب غير مقدسة , تدور بكل انواع الاسلحة المشروعة وغير المشروعة , وكان مصر صارت وكرا لشياطين يتصارعون ويتقاتلون من مطلع الشمس حتي اختفاء القمر , في لعبة عبثية مكررة ونمطية , حتي فقدت جاذبيتها للمتابعين.

ووسط هذه المعمعة الصاخبة شاهت الوجوه وديست المعاني المحترمة بالاقدام , بعد ان صار لكل طرف معياره الخاص وتعريفه الذاتي لمفاهيم كنا نظنها ثابتة وموضوعية فتبين ان كل شيء صار نسبيا بما في ذلك قيم مثل الصدق و الشهادة و الوطنية.

وبالامس كتبت عن عبقرية استشهاد الشاب محمد محرز في سوريا , وهي واحدة من الاشياء التي يخلدها تاريخ البشرية , مثله مثل جيفارا وسليمان الحلبي وجول جمال وقائمة طويلة من شخصيات كانت عادية واتخذت مواقف استثنائية فدخلت تاريخ الانسانية من بوابة الدفاع عن الحق و المقاومة ضد الظلم و القمع.

غير ان حكاية محرز مثلها مثل كل الحكايات الخلابة دهست في غمار الحرب الكلامية الساقطة بين شركاء الوطن , وضنت عليه صفحات وشاشات بما يستحقه من احتفاء وتكريم , الا فيما ندر , ولم يصل الي واحد في المائة مما جري مع الابطال المزيفين في بلادنا التي صارت بلاد الزند و السند وطابور من ' حمادات ' الاصدار الجديد من الثورة.

وفي اجواء كهذه لم يعد ثم يقين يجمع عليه الناس , بعد ان صارت البراعة في صناعة الكذب وترويجه هي القيمة العليا للمجتمع , اكاذيب للمضغ ليوم واحد وربما لساعات , دون خجل او وجل.

لقد قيل مثلا ان ابن الرئيس خريج 2012 عين في وظيفة براتب يتجاوز الاربعين الف جنيه في احدي شركات وزارة الطيران , وخرج رئيس الشركة لينفي صحة المبلغ ولم يكذب خبر التعيين , ولا تزال المعركة دائرة استنادا علي ان رقم الاربعين الفا صحيح , علي الرغم من ان واقعة التعيين في حد ذاتها بها كثير من الفجاجة و الاهدار لمبدا تكافؤ الفرص و الابتعاد عن قيمة التعفف وضرب المثل الاعلي في التجرد و النزاهة , خصوصا ان في مصر نوابغ ومتفوقين ينتحرون شنقا بحبل البطالة الممتدة لسنوات طويلة بعد التخرج.

ولعلك تذكر واقعة انتحار الشاب عبدالحميد شتا قبل سنوات لرفض وزارة الخارجية تعيينه لانه فقير , رغم كونه اول دفعته في كلية الاقتصاد و العلوم السياسية.

والامر نفسه تكرر بالطريقة ذاتها وفي الشركة نفسها مع ابنة وزير الدفاع , حين قالوا انها عينت بمبلغ مماثل , الامر الذي تطلب خروج الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة لينفي الخبر جملة وتفصيلا __ وهذا تصرف جيد من المؤسسة العسكرية , نتمني ان تاتي مؤسسة الرئاسة بمثله , لان هذا النوع من ' الشماريخ الاعلامية ' من شانه ان يسكب كميات اضافية من السموم في مياه البحيرة المسممة اصلا.

نريد بيانا رسميا يعلن الحقائق و الاكاذيب في موضوع تعيين ابن الرئيس , ونريد مبادرة من الرئيس شخصيا بالغاء قرار تعيين ابنه حديث التخريج في هذا المكان , لانه بالتاكيد جاء علي حساب من يستحق هذه الفرصة اكثر منه.

ولن يعيب المسئول تصحيح خطا , بينما العيب كل العيب في التعامل مع الامر بطريقه ' دعه يمر ' .

ليست هناك تعليقات :