العبث بالثورة ينقلها من التحرير الى منصة الفلول وائل قنديل



ظلت ' المنصة ' عنوانا ثابتا للثورة المضادة وقبلة لفلول مبارك وجنرالاته منذ الحادي عشر من فبراير ٢0١١ وحتي الآن -- كل الفاعليات الخاصة بدعم جنرال تيرمينال ثري و الهتاف المؤيد لعمليات سحل وتعذيب متظاهري التحرير كانت تنعقد عند المنصة في طريق الاوتوستراد -- حتي اكتسب المكان سمعة فلولية سيئة.

ويقول لنا التاريخ القريب جدا ان المنصة تقف رمزا لما سميته مبكرا بحالة ' عكشنة ' , حيث يحتشد فيها ابناء مبارك ثم ابناء عمر سليمان وابناء شفيق وابناء المشير ودعاة ' العسكرة ' , اجمالا ابناء الكراهية للثورة كما اشرقت من ميدان التحرير.

ولعل اكثر ما كان يميز ' بتوع المنصة ' هو حالة كره وغل استراتيجيين ضد التحرير بناسه ورموزه وقيمه في تلك الفترة التي كان فيها الميدان مستعصيا علي اختراقات الثورة المضادة وعمال تراحيل حملة شفيق وعمر سليمان , وهي المناعة التي انهارت الآن علي ايدي العائدين من معركتهم الخاسرة تحت لواء رئيس وزراء مبارك في موقعة الجمل.

وبشكل عام كانت المنصة تجسيدا لحالة ثورية مبتذلة ان علي مستوي الخطاب و الهتاف الصادر عنها او من حيث تركيبة الحضور ومنطلقاتهم واغراضهم ' حمادة صابر نموذجا ' , ومن هنا تاتي الدهشة من انتقال راية النضال ' المنصاتي ' من المدعو توفيق عكاشة , بقاموسه الفريد ومنظومته القيمية النادرة , الي شخصيات بحجم المستشارة تهاني الجبالي المحامية وعضو المحكمة الدستورية ' سابقا ' لكن الدهشة الاكبر تاتي من ان الخطاب و المنطلقات لم تتغير , فكما كانت المنصة في ذروة العكشنة مخصصة للمطالبة بالعسكرة و المطالبة باستمرار حكم الجنرالات , تدعو المستشارة لتظاهرة داعمة ومؤيدة للجيش , وفي الحالتين لا اظن ان هناك اساءة للقوات المسلحة اكبر من ان يتعامل معها البعض علي انها مجرد لعبة او اداة في ايدي سياسيين عجزة فارين من اي مواجهة ديمقراطية محترمة , متوهمين انهم قادرون علي ان يضربوا بها خصمهم اللدود ويستطيعون استعمالها لاسقاطه.

وتبقي هذه الحالة من استحضار الفوضي واصطناع الفزاعات , تارة ' قطرنة ' واخري ' افغنة ' و الآن ' تركنة ' و ' اخونة ' استمرارا لسيكولوجية الهروب من الامتحانات الجادة , سمها فوبيا الانتخابات , او سمها اوهام القدرة علي دفع مؤسسات الدولة للصدام.

ومن الصعب ان يستوعب البعض ان يثير بعضهم دوامات الرعب من الفوضي لو اجريت الانتخابات , وهو في الوقت ذاته احد رعاة ما يعتبرها فوضي و المشجعين عليها -- ومن المذهل ان يلوك البعض كلمة ' عبث ' تعليقا علي كل محاولة للنقاش و الحوار وهو في اللحظة ذاتها يمارس العبثية في اوضح صورها .

و في الاطار ذاته من العبثية , يمكن ان توضع تصريحات القيادي الاخواني علي عبد الفتاح و التي تحمل اساءة للمؤسسة العسكرية , في توقيت مثالي لمن ينفخون في الجمر و يريدونها نارا حامية .

و مرة اخري مطلوب بيان واضح قاطع صارم من الرئاسة يوقف هذا العبث .

ليست هناك تعليقات :