بين البيزنس السري و العلني حوار شيق مع مكي حول أبناء المسؤولين وائل قنديل



فسدت مصر من بوابة بيزنس ابناء المسئولين , وتحول القطاع الخاص ايام مبارك الي مرتع لافساد الصغار ابناء الكبار , ثم فسادهم وتناسل الفساد الصغير وتكاثر وتشعب وتوسعت حلقاته حتي تحول البلد كله الي بحيرة عطنة من التهليب , ثم سقط في قبضة المغامرين وعصابات المافيا.

تاتي واقعة تعيين ابن الرئيس في احدي الشركات القابضة التابعة لقطاع الطيران لتفتح هذه القضية مجددا وتطرح سؤالا : ايهما افضل : ان يعمل ابناء المسئولين في جهات حكومية معلنة تخضع لرقابة الاجهزة الرسمية المتعددة , ام يسلكون طريق علاء وجمال مبارك , ويمارسون رياضة التزلج علي الواح القطاع الخاص ويتعلمون مهارات الصفقات السرية مع وحوش البيزنس فتضيع المسافات بين السلطة و الثروة ونعيد انتاج دولة الاوليجارك و الهلّيبة؟

هذا السؤال كان موضوع دردشة طويلة بيني وبين المستشار محمود مكي النائب السابق لرئيس الجمهورية و القاضي الجليل الذي يجلس بلا عمل حتي الآن بعد استقالته من منصبه.

في البداية فاجاني مكي بسؤال : ماذا نصنع لكي يعمل ابناؤنا في مهنة كريمة و محترمة , ضاربا مثلا بقصة ابنه الذي حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة الاسكندرية بمجموع ٧٥ و نصف في المائة و هو ما يفصله عن تقدير جيد جدا بنصف في المائة فقط , و بالتالي لم يعين في سلك النيابة .

يقول المستشار مكي ان ابنه واصل دراسته و حصل علي دبلومة في القانون العام , و يستعد لمناقشة الماجستير في القانون الخاص كي يحصل علي فرصة عمل محترمة , فتقدم الي مسابقة للتعيين بمجلس الدولة , فهل ارتكب خريج الحقوق المتفوق جريمة حين تقدم الي هذه المسابقة منذ اكثر من عام و لم يكن والده نائبا لرئيس الدولة بعد ؟

يكمل المستشار محمود مكي بسخرية مريرة : اشاعوا ان ابني تم تعيينه في مجلس الدولة , بينما الحقيقة انه تم ابعاده و تجاوزه في التعيين رغم احقيته , حيث تم قبول اكثر من عشرة متقدمين حاصلين علي مجموع اقل منه في ليسانس الحقوق -- و رغم ذلك نشط اعلام الكذب السريع في ترويج انباء مكذوبة عن قبوله مجاملة لابيه .

و يسالني مكي مرة اخري : ايهما اكثر احتراما : ان يتقدم ابن المسئول الي مسابقة معلنة لوظيفة حكومية محددة الراتب ومعروف وسائل الترقي فيها وخاضعة لرقابة اجهزة الرقابة المحاسبية و الادارية ؟ ام يمشي في طريق ابناء الكبار في النظام السابق , طريق البيزنس السري و العلني , السفلي و العلوي بلا رقيب او حسيب ؟

السؤال يبدو وجيها ومنطقيا , خصوصا ان حواديت واساطير بيزنس ابناء الكبار في العهد الذي ثارت عليه مصر لا تزال رائحتها تزكم الانوف حتي الآن , فضلا عن انها كانت السوس الذي نخر في عظام الدولة المصرية فحولها من جمهورية الي اقطاعية ممتدة .

و اخيرا يسال مكي : هل سيكون شيئا محترما واخلاقيا لو قرر ابن محمد مرسي وابن محمود مكي ان يذهبا لتكوين شركة خاصة تعمل في اي نشاط , وساعتها يهرول صوبهما حيتان البيزنس متطوعين بالعون و الشراكة لنبدا فصلا جديدا من دراما الزواج الحرام بين السلطة و الثروة ؟

و اخيرا يقول مكي بضمير القاضي انه من الاكرم و الافضل لمصر ان يعمل ابناء المسئولين في وظائف حكومية خاضعة للرقابة و المحاسبة في وضح النهار , بدلا من مزاولة اعمال البيزنس السفلية .

و للحديث بقية لا تتسع لها هذه المساحة .

ليست هناك تعليقات :