حينما التقيت الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس بعد تشكيل الحكومة التي راسها حمادي الجبالي , قال لي انه كان حريصا علي ان يتولي علي العريض وزارة الداخلية لانه كان اكثر رجال الحركة الذين تعرضوا للاهانة و الملاحقة من وزارة الداخلية , ولان وزارة الداخلية بها قبو كان يدخل منه الذين يقبض عليهم او الملاحقون , فقد انتشرت نكتة في تونس آنذاك تقول ان الوزير علي العريض تعوَّد طيلة اكثر من ربع قرن ان يدخل الوزارة من القبو , ومن المؤكد انه سيذهب الي مكتب الوزير من نفس المكان الذي تعود دخول الوزارة منه. علي العريض من مواليد عام 1955 كان و الده لطيف العريض احد اقطاب المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي , وتخرج العريض في كلية الهندسة البحرية التجارية في سوسة , حيث عمل في مجال النقل , وانتمي مبكرا لحركة النهضة , وترقي في المسئوليات حتي اصبح امينا عاما للحركة , واختير وزيرا للداخلية في حكومة حمادي الجبالي في 23 ديسمبر الماضي 2012 ثم رشحته حركة النهضة لتولي رئاسة الحكومة في 22 فبراير 2013 ثم كلفه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بتشكيل الحكومة , ' العريض ' ابتلي بالسجن وحكم عليه بالاعدام , لكن ابتلاء السلطة اكبر من ابتلاء السجن , وهو الآن ابتلي بالسلطة ولا ندري ماذا سيفعل فيها , لكنه بعد تكليفه قال في كلمة للشعب التونسي ' لقد كلفني رئيس الجمهورية رسميا بتشكيل حكومة جديدة -- سندخل في مشاورات لتشكيل حكومة جديدة ستكون لكل التونسيين ' , ووجه ' العريض ' الدعوة لجميع التوانسة من اجل دعم حكومته لتحقيق اهداف الثورة وبناء الديمقراطية في البلاد.
كثير من الاسلاميين صبروا علي السجون و المعتقلات وابتلاءاتها ونجحوا في اختباراتها لكنهم فشلوا في اختبارات الدنيا حينما فتحت عليهم او المناصب حينما تولوها , فالدنيا حلوة خضرة , و المناصب تفتن بسلطتها وجبروتها ويكفي ان يكون الانسان شخصا عاديا ثم يجد مقدرات دولة بين يديه , وفي يوم وليلة تصبح كلماته قانونا واوامره نافذة بمجرد ان يصدرها او يوقع عليها , ولا يعود يري الدنيا من موقع الناس بل من موقع كرسي الحكم الذي يجلس عليه , الكل ينتظر ماذا سيفعل الرجل الذي نجا من الاعدام ومحنة السجون الطويلة ماذا سيفعل في محنة السلطة وبلائها؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق