ما نُشر يوم الثلاثاء 12 فبراير , من دراسة استقصائية لقناة ABC الاسترالية , يعطي بعض التلميحات علي شخصية هذا الجاسوس : ' بن زيغير , يهودي استرالي هاجر الي اسرائيل في العام 2001 , وكان عمره 34 سنة عند مقتلهه , وقد تم تجنيده من قبل الموساد , جهاز الاستخبارات الخارجية الاسرائيلية.
وهذه القصة تجمع اغلب مكونات رواية تجسس جيدة , في حين اعتمدت السلطات الاسرائيلية اخيرا عن علي نشر الحد الادني في قصة هذا الجاسوس , مجرد نص من ست فقرات , اذنت به المحكمة الاسرائيلية يوم الاربعاء الماضي.
■ من هو ' بن زيغير ' ؟
قصة ' بن زيغير ' تبدا مثل غيره من ' olim ' وهم كثر ' المهاجرون اليهود في اسرائيل ' . ولد في ملبورن ' الاسترالية ' في عائلة نشطة جدا في المجتمع اليهودي , وكان عضوا في حركة الشباب اليهودي هشومير Hatzahir ' ' الحرس الشاب ' ' , وقام بكثير من الرحلات الي اسرائيل. وما ان صار محاميا في عام 2001 , حتي قرر ان يهاجر الي اسرائيل , حيث تزوج اسرائيلية , ولديه طفلان. وتوقعت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان الرجل قد ادي خدمته العسكرية عند وصوله الي اسرائيل.
ولم يستطع , الي الآن , من عرفوه في السابق تصور صديقهم عميلا للموساد : ' لم اتصور ابدا ان شخصا مثله يمكن ان يكون عميلا للموساد , اذ ان ' بن زيغير ' يتحدث كثيرا ' , كما صرح صديق قديم له , وطلب عدم نشر اسمه --
ولم يتم انكار عضوية ' بن زيغير ' للمخابرات الاسرائيلية. ودون ان يقول ذلك علنا , المح ' افيغدور فيلدمان ' محامي ' بن زيغير ' الي ان موكله عمل لصالح الموساد. ' ضابط الاتصال مع الموساد الذين كنت علي اتصال بع اخبرني ان موكلي , للاسف , لم يعد علي قيد الحياة ' , كما قال المحامي.
■ لماذا تم اعتقاله من قبل اسرائيل؟
شخصية ' بن زيغير ' اثارت بسرعة شكوك اجهزة المخابرات في استراليا ' ASIO ' , حيث ذكرت الصحيفة الالكترونية +972 , ان المخابرات الاسترالية نبهت خلال زيارة ' بن زيغير ' لاستراليا انه يحمل جواز سفر جديد تحت اسم ' بن الين ' . واشارت تقارير اعلامية الي انه في وقت لاحق غير مرة اخري هويته , باسم ' بن الون ' ثم ' بنيامين بوروس ' .
وفقا لصحيفة ' سيدني مورنينغ هيرالد ' , كان ' بن زيغير ' واحدا من مجموعة مكونة من ثلاثة مزدوجي الجنسية استرالية اسرائيلية , وُضعت تحت مراقبة اجهزة المخابرات الاسترالية ' ASIO ' , بدءا من العام 2010م. ' هؤلاء الرجال استخدموا جوازات سفرهم الجديدة للسفر الي ايران وسوريا ولبنان ' , حسبما ذكرت الصحيفة. وذكرت جريدة ' The Age ' في فبراير 2010 ان الثلاثة كانت لديهم اسهم في شركة تبيع المعدات الالكترونية في ايران. وافادت الصحيفة الاسترالية ان مراسل ' فيرفاكس ميديا ' , ' جيسون كوتسوكيز ' , ذكر في سياق تقريره اسم ' بن زيغير ' , واثار بهذا الشبهات حول عضويته في الموساد وكشف عن وجود تحقيق من قبل ' ASIO ' حول هذا الموضوع.
ويمكن ربط هذا الحديث , حسب تقديرات صحيفة ' هآرتس ' , باعتقال ' بن زيغير ' من قبل جهاز ' الشين بيت ' بعدها ايام. وبخصوص اسباب الاعتقال , نقلت المجموعة الاسترالية ' فيرفاكس ميديا ' عن مصادر امنية استرالية , ان ' بن زيغير ' اعتُقل لانه كان علي وشك ان يكشف لحكومة كانبيرا ' عاصمة استراليا ' او للصحف معلومات عن العمليات الاسرائيلية , بما في ذلك استخدام جوازات سفر مزورة.
وتزامن القبض علي ' بن زيغير ' مع حالة توتر حاد في العلاقات بين اسرائيل واستراليا , اثر الكشف عن منفذي عملية اغتيال القيادي العسكري في حركة حماس ' محمود المبحوح ' في دبي في يناير عام 2010. ووفقا لشرطة دبي , فان جوازات السفر من جنسيات مختلفة , بما في ذلك الاسترالية , _والتي كانت تستخدم من قبل القتلة_ كانت مزورة ووهمية. فهل كان ' بن زيغير ' عضوا في الفريق الذي قتل القيادي في حركة حماس , المسؤول عن توريد الاسلحة الي الحركة الفلسطينية؟
هذا ما اكدته ' الجريدة ' الكويتية , نقلا عن مصادر غربية مجهولة. لكن مصادر اخري , بما في ذلك شرطة دبي , انكرت ذلك. وقالت الصحيفة ' بريسبان تايمز ' انه بسبب هذا الوضع المعقد , فان الدبلوماسيين الاستراليين لم يطلبوا ملاقاة السجين , وحتي اسرته لم تطلب ذلك. ولم يشارك الدبلوماسيون الاستراليون في القضية الا بعد وفاته في السجن.
■ كيف تمكن من الانتحار في السجن؟
الرجل شنق نفسه في زنزانته في ديسمبر عام 2010. ولكن مزاعم انتحاره اثارت الشكوك. فالزنزانة الشهيرة التي كان مسجونا فيها من الجناح 15 , تم بناؤها لحبس ' ايغال عمير ' تحديدا , قاتل رئيس الوزراء السابق اسحق رابين , مع تجهيزها بالكاميرات في كل ركن وزازية وحتي في الحمام لضمان المراقبة المستمرة علي مدار 24 ساعة علي 24 ساعة , كما افادت بذلك صحيفة ' هآرتس ' .
ويحدَد نظام الرصد و المراقبة حركات الجسم و التنفس , ويرسل انذارا اذا تم الكشف عن اي حركة في غضون خمسين ثانية. وقالت الصحيفة انه لم تقع اي حالات انتحار وقعت في العامين الماضيين في هذا النوع من الزنزانات.
وقد فاجا هذا الفعل محاميه , افيغدور فيلدمان , الذي كان قد رآه في اليوم الذي سبق موته. ' لم يكن لدي اي انطباع , في اي وقت من الاوقات خلال المحادثة باكملها , ان هذا الشخص كان علي وشك ان يقتل نفسه ' , كما شهد بذلك محاميه. واضاف : ' لقد بدا لي قلقا بالفعل , وذلك بسبب الظروف , ولكن بالتاكيد ليس بالشخص المكتئب او المدمر ' .
دون الافصاح عن ' الجرائم الخطيرة ' الموجهة لموكله , كشف السيد فيلدمان ان السجين واجه خيارا صعب بين التفاوض علي عقوبة _سنوات عديدة في السجن_ او الاستمرار في الدفاع عن نفسه في محاكمة صعبة , ان ثبتت ادانته فقد يؤدي هذا الي الاحتجاز لفترات طويلة. واضاف : ' انهم لعبوا علي كل وتر حساس , وانا اعتقد ان هذا ادي في الاخير الي نهاية ماساوية ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق