هل الهدف مما يحدث أن يكره الشعب الثورة و يربطها بالعنف الحاصل ؟



في كل احياء لذكري دماء شهداء راحوا في موقعة ما للمطالبة بتحقيق اهداف الثورة ' عيش , حرية , عدالة اجتماعية ' تتجدد الدماء , وتنزف الشوارع من جديد , تتغير الاسماء , وتتغير الاماكن , وتتعدد الوسائل للمطالبة بالحقوق , و التعبير عن الغضب , وتبقي مشاهد القمع و القتل واحدة لا تتغير , وان كانت تتفاوت في درجة وحشيتها وما تخلفه وراءها من مصابين وقتلي.

فمنذ عامين مضا كانت موقعة الجمل آخر الكروت التي لعب بها نظام مبارك لفض ميدان التحرير بالقوة واخماد التظاهرات ضده , لكن اللعبة انقلبت عليه حين سالت دماء ما يقرب من 130 شهيدا , وعدد اصابات اقترب من ال1000 , وفي الذكري الاولي للموقعة تحول ابطالها الي شهداء جدد حين دفع 72 شابا من رابطة الاولتراس حياتهم علي مدرجات استاد بورسعيد , في ابشع جريمة شهدتها الملاعب الرياضية.

وعلي مدار الاسبوع الماضي تزامنا مع الذكري الثانية لموقعة الجمل , و الاولي لمذبحة بورسعيد , شهدت مصر احداث عنف خلفت ما يقرب من 60 قتيلا , ومئات المصابين , في محافظات مختلفة , للدرجة التي جعلت الامور ترتبط في ذهن المواطن العادي انه في كل احياء لذكري شهداء سيسقط شهداء جدد.

وجاء اليوم المنتظر , السادس و العشرون من يناير الماضي لتحكم المحكمة بتحويل اوراق 21 متهما الي المفتي في قضية ' مذبحة بورسعيد ' , وتاجيل محاكمة الضباط و المتهمين بالتدبير الي 9 مارس القادم , بعد ان شهدت البلاد قبيل هذا الحكم العديد من الوقفات الحاشدة لاولتراس اهلاوي للتحذير من تاجيل الحكم , او صدور احكام بالبراءة ضد المتهمين في تنفيذ المذبحة.

وعلي الرغم من ان مدن القناة كانت تشهد احتجاجات واحداث عنف منذ جمعة 25 يناير , الا انها وصلت لذروتها في بورسعيد بعد مقتل 30 شخصا امام سجن بورسعيد , احتجاجا علي تحويل اوراق 21 من ابناء المدينة الي المفتي , في الوقت الذي لم يحاكم فيه احد من الضباط او رموز النظام السابق المتهمين بتدبير المذبحة , وسط اتهامات من الاهالي ان الحكم جاء سياسيا لتفادي غضب مجموعات اولتراس اهلاوي.

وشهدت مدينة السويس ايضا احتجاجات واحداث عنف خاصة بعد محاولات اقتحام السجون ومهاجمة اقسام الشرطة , ليصل اجمالي القتلي هناك الي عشرة مواطنين ونحو 300 مصاب.

وامتدت محاولات مهاجمة اجهزة الدولة الي بعض المحافظات , مثل الاسكندرية التي اندلعت الاشتباكات فيها اثر محاولة المتظاهرين مهاجمة المجلس الشعبي المحلي , علي مدار اربعة ايام , ولكنها لم تسفر عن اي قتلي.

ووصلت احداث العنف الي القاهرة , التي لقي فيها شخصان مصرعهما , احداهما سقط يوم الاثنين الماضي , و الآخر سقط امس الاول امام قصر الاتحادية في ' جمعة الخلاص ' .

وفي مساء يوم الاحد الماضي , اصدر الرئيس محمد مرسي قرارا باعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول علي مدن القناة الثلاثة ' السويس_ الاسماعيلية _ بورسعيد ' , خاصة بعد نزول الجيشين الثاني و الثالث الي مدينتي بورسعيد و السويس , في محاولة لضبط الحالة الامينة , وانهاء حالة الفوضي.

وفور صدور القرار بحظر التجوال , توقفت احداث العنف داخل المدن الثلاث , وتحولت الي مظاهرات ضد القرار , وللتنديد بحكم الاخوان المسلمين و المطالبة بسقوط الرئيس محمد مرسي.

ولم يكتف الاهالي بالمظاهرات في ساعات حظر التجوال فقط , بل دعوا الي تنظيم دوري لكرة القدم في المدن الثلاث , وكان الناس يخرجون بالآلاف في الشوارع في ساعات حظر التجوال تحديا للقرار , الامر الذي دعا الرئيس محمد مرسي الي تفويض المحافظين بتعديل او الغاء قرار حظر التجوال , حسب الحالة الامنية لكل محافظة.

لكن عادت الامور لتشتعل من جديد في القاهرة يوم الاثنين الماضي , بعد ان لقي احد المتظاهرين مصرعه , وفي المساء وصلت الفوضي لذروتها بعد احراق مدرعة للامن المركزي في ميدان التحرير , ومحاولة مجهولين اقتحام فندق ' سميراميس ' القريب من موقع الاحداث , ولكن قوات الامن تمكنت من التصدي لهم بعد اشتباكات عنيفة دارت لساعات طويلة.

وفي يوم الخميس الماضي , وقعت مجموعة من الشباب مبادرة لنبذ العنف مع مؤسسة الازهر الشريف , تمثلت في وثيقة تجرم استخدام كافة اشكال العنف سواء اللفظي او الجسدي او التحريض عليه او استغلاله , ولكن بعد يوم واحد من اطلاق تلك المبادرة , وفي مساء امس الاول الجمعة , قامت قوات الامن بفض مظاهرة امام قصر الاتحادية بالقوة , بعد حريق شب في حديقة القصر.

واطلقت قوات الامن الرصاص و الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع , مما ادي الي مقتل الشاب محمد حسن الشهير ب ' كريستي ' , اثر طلق ناري في الرقبة وآخر في الصدر , كما قامت قوات الامن بتجريد متظاهر من ملابسه وسحله علي الارض في مشاهد تناقلته كاميرات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي , واصدر وزير الداخلية بيانا يعتذر فيه عما قام به جنود الامن المركزي تجاه هذا المتظاهر.

ليست هناك تعليقات :