الاخوان و جبهة الانقاذ مهارة شديدة لكل في مجال تخصصه



عماد الدين حسين .... كالعادة يواصل الاخوان بمهارة شديدة حشد انصارهم في القري و النجوع و البنادر و المراكز و المدن استعدادا للانتخابات النيابية في نهاية ابريل القادم.

وكما كان متوقعا , لم تخيب معظم القوي المدنية ظن خصومها , وتواصل بمهارة شديدة ايضا سياسة عدم الوضوح وتكتفي بحشد انصارها في ميادين المظاهرات خصوصا ايام الجمع.

هدف الاخوان الطبيعي و المنطقي هو الحصول علي مقاعد في البرلمان باعتباره المكان الذي تتقرر فيه السياسات وتسن فيه التشريعات , ويستطيع مراقبة الحكومات و الرؤساء.

لكن هدف غالبية القوي المدنية ليس واضحا حتي الآن , هي بالطبع تريد مقاعد البرلمان لكنها لا تبذل الجهد الكافي للحصول عليها وتكتفي بمقاعد ستديوهات الفضائيات.

التواجد في الميادين من اجل التظاهر وفي الفضائيات وسائر وسائل الاعلام من اجل انتقاد الحكومة مهم جدا , لكنه لا يستطيع ان يغير الواقع بمفرده , ولا يكفي بمفرده طريقا للتغيير الا اذا كان الحشد بالملايين.

حالة الاخوان التي تحشد في لجان الانتخاب وحالة القوي الليبرالية التي تحشد في ميادين التظاهر ليست جديدة , بل تكررت بصورة كربونية قبل انتخابات مجلس الشعب الماضي.

في اواخر العام قبل الماضي انشغلت القوي المدنية و الثوار بالتظاهر , لكن الاخوان بطريقتهم البراجماتية تركوا الميدان وقتها وانشغلوا بالانتخابات , وحققوا هدفين بضربة واحدة , فازوا بالانتخابات وتركوا زملاء الميدان يؤدون لهم خدمة جليلة وهي الاشتباك مع وزارة الداخلية و المجلس الاعلي للقوات المسلحة في احداث محمد محمود الاولي ثم احداث مجلس الشعب و الوزراء في قصر العيني. وهي الاشتباكات ورغم نبلها فقد ادت عمليا الي تكسير اطرافها معا وكان المستفيد الوحيد هو الاخوان.

الآن ايضا ينشغل جزء كبير في القوي المدنية بمعارك جانبية وينسون المعركة الاساسية وهي المستقبل , خصوصا البرلمان القادم , و المستفيد الوحيد هو التيار الاسلامي , تظاهر المعارضة ضد سياسات الحكومة و الرئاسة مهم لكنه ليس كل شيء. يمكن للمعارضة ان تحشد من اجل مظاهرة كبري توصل فيه صوتها ومطالبها , لكن التظاهر المستمر يبدو صعبا , خصوصا في ظل غياب الحشود الضخمة و المنظمة عند القوي الليبرالية , كما انه يجعل الكثير من المتعاطفين البسطاء يصابون بالياس و الاحباط , وهو ما يصب في صالح التيار الاسلامي خصوصا الاخوان في نهاية الامر.

المثير للامر ان القوي المدنية بدات تواجه صعوبات في الحشد الجماهيري اثناء المظاهرات الرئيسية الكبري وهكذا , قد تجد نفسها في ازمة حقيقية اذا لم تراجع اساليبها في المرحلة القادمة.

علي القوي الليبرالية ان تدرس بعمق الطريقة التي تلعب بها جماعة الاخوان سياسيا خصوصا فيما يتعلق بالانتخابات , هذه الجماعة لا تشغلها صورتها الراهنة بل بما ستحصل عليه في المستقبل , ولذلك نري انها تضحي بما تعتبره خسارة بسيطة عندما تترك ميدان التظاهر وتتوجه الي لجان الانتخابات لانه الجائزة الكبري.

و اضافة لذلك , فان الجماعة تحشد انصارها للتظاهر عندما تصل الي قناعة بان المظاهرات مهمة كي تبعث برسالة لخصومها انها قادرة علي الحشد الجماهيري ايضا .

القضية الجوهرية هي متي تصل القوي و الاحزاب الليبرالية الي فهم المعادلة الصحيحة وهي ان تتظاهر عندما يكون التظاهر مهما , و ان تحشد الانصار امام لجان الانتخاب عندما يحين اوان الانتخابات .

لا يوجد حزب جدي او جبهة سياسية في العالم يتعامل مع الانتخابات بمثل هذه الخفة , و يعتقد ان وظيفته هي التظاهر و ليس الوصول الي الحكم لتنفيذ برنامجه الا اذا اتخذ قرارا مدروسا و مترويا بان مقاطعة الانتخابات افضل كثيرا من المشاركة و ان النظام الموجود لا يؤمن فعلا بالديموقراطية , و بالتالي لا ينبغي مكافاته باسباغ الشرعية السياسية عليه .

ليست هناك تعليقات :