لقاء الرئيس مرسي الاخير فيه نقاط كثيرة تستحق النقاش وتؤكد ان الاحياء من المصريين سيعانون من مشكلة ستؤثر علي تكوينهم الخاص و السياسي فيما سيعرف في المستقبل باسم : ' عقدة مرسي ' اي ' Moursi Complex ' . الدكتور مرسي لا يساعدنا ولا يساعد نفسه كثيرا لا بقراراته ولا بلقاءاته التليفزيونية. ما الهدف من هذا الحوار التليفزيوني ؟
هل كان الهدف هو التاكيد علي انه لا يبالي بالاصوات المعارضة؟ طيب ما هذا كان واضحا من غير الحوار. هل كان الهدف هو التاكيد علي انه لن يبذل اي جهد في اعطاء مجلس القضاء الاعلي الحق في اختيار النائب العام الجديد , وفقا للدستور الجديد؟ طيب ما هذا كان واضحا من غير الحوار. هل كان الهدف هو ان الحكومة باقية لمدة اربعة اشهر حتي تنتهي الانتخابات؟ طيب ما هذا كان واضحا من غير الحوار. هل كان الهدف هو دعوة المعارضين لحوار آخر بطريقة تجعلهم لا يحضرون؟ طيب ما هذا كان واضحا من غير الحوار. وهكذا من قضايا مكررة.
كنت اتوقع اجابات مختلفة علي بعض الاسئلة بحكم التطورات السياسية التي نعيشها , ولكن تغير الموقف علي الارض لم ينعكس علي مواقف الرئيس السياسية. قال السيد الرئيس انه استشار 150 شخصية قانونية وسياسية بشان موعد الانتخابات. مَن هؤلاء؟ الم يكن من الاولي استشارة الفرق المتنافسة علي بطولة البرلمان بشان موعد الدوري الانتخابي؟ الم يكن الاولي ان تكون الدعوة للحوار بشان ضمانات نزاهة الانتخابات قبل اصدار القانون بشكل نهائي بقرار منه؟ هل هو يخلق امرا واقعا ثم يطلب من الناس الحوار بشانه؟ اذن لماذا الحوار؟
الدكتور مرسي غير محاط بمن يُسمعونه التنوع الموجود بين الطبقة السياسية. الدكتور مرسي يقود اتوبيسا من غير ' مرايات ' توضح له ما الذي يحدث في الخلف وعلي جانبي الطريق. من معرفتي بالرجل ومن المحيطين به ومن طريقة تفكيره خلال حملته الانتخابية وكيف انه اعتبر انه قد ' انتدب ' من الله سبحانه وتعالي لهذه المهمة تجعلني احذر من انه قد يكون ممن يخلطون بين التوكل و التواكل , مثل من يتخذ القرارات التي تتراءي له انها صواب ويتوكل علي الله فيها في حين انه كان من المفروض ان يبذل جهدا اكبر. هو ياخذ بالاسباب المحيطة به في قصر الرئاسة ومن بعض انصاره ومؤيديه , لكن المعضلة ان قصر الرئاسة ومن فيه ومن ياتون معهم يرتدون في اغلبيتهم الكاسحة نظارة ذات لون ازرق , فيرون الكون كله بنفس اللون مع ان المجتمع السياسي المصري مليء بالالوان كلها.
اخشي ان ياتي يوم يقول فيه الرئيس , مثلما اعترف باخطاء في الاعلان الدستوري , لقد اخطات بالتعجل في تحديد موعد الانتخابات البرلمانية , ولقد اخطات في انني لم احافظ علي التركيبة المتنوعة من المستشارين , ولقد اخطات في انني لم اقرب مني اكثر قيادات المعارضة , ولقد اخطات حين لم احسن تقدير حجم المعارضة لي ولسياساتي , وينتهي بالقول لقد اخطات حين ترشحت لرئاسة الجمهورية.
اعتقد ان الرئيس مرسي سيشكل لنا نحن المصريين عقدة اول رئيس منتخب ليثبت لنا ان الديمقراطية بذاتها لا تضمن حسن اختيار الحاكم. ولكن المعضلة ان الديمقراطية ليس من خصائصها انها تصنع الملائكة ولكن من فضائلها انها تقمع الشياطين. وقمع الشياطين يتطلب توازنا في السلطات ووجود معارضة قوية ممثلة في المؤسسة النيابية.
ومع اتجاه المعارضة لمقاطعة الانتخابات فاننا سنواجه مخاطر اكبر : لو كان الاخوان اشرارا او لديهم نزعة للشر , فقد حكموا البلد منفردين , ولو كانوا حسني النية قليلي الخبرة , فقد حكموا البلد منفردين.
ولو كانت معارضة الاخوان فقط من القوي التي علي يمينهم دينيا , فهذه وصفة سهلة ومباشرة لمزيد من التشدد. ولو قررت المعارضة ان تقوم بدورها فقط من خلال التظاهرات و الاعتصامات و الاضرابات و العصيان المدني وصولا الي تدخل الجيش لانقاذ البلاد من الاخوان , فهذا خراب علي البلد لن ينجو منه احد.
رسالتي الي الدكتور مرسي : ' وسع دائرة مشورتك ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق