هل نصدق ما يلي؟
اولا : الدم واحد و العمر واحد و المصاب واحد ولكننا شربنا من نهر التعصب و العصبية و العُصاب.
ثانيا , نحن نتبادل مقاعد الضحية و الجلاد بمهارة شديدة. وكل طرف يسعي لضبط الآخر متلبسا بالجريمة , دون ان يسعي لمنع الجريمة.
ثالثا , في كل مرة يكون فيه دعوة لمظاهرات , ننتهي بثلاثة انواع من المشاركين : المتظاهرين لاسباب سياسية , الراكبين لانها فرصة للانتقام وركوب الموجة , و المندسين الذين يستغلون انشغال الامن و الناس بالتجمع الكبير كي يسرقوا ما يريدون سرقته او تخريب ما يريدون تخريبه.
رابعا , اصبحنا علي ثقة انه لا يمكن ان نتصور ان اي فصيل سيكون من العدد و القوة بما يجعله يقضي علي الطرف الآخر. وبالتالي تصفية الآخرين جسديا مستحيلة.
خامسا , المتطرفون في كل تيار حين يقودون المشهد , ننتهي الي مزيد من الدماء , وبدل ما نجيب حقهم , نموت زيهم , وبعد ما نموت زيهم يطلع ناس تانية تقول انها هتجيب حقهم , فتموت زيهم , وبعدين يطلع ناس جديدة , بتتوكل علي الله وتنوي انها تجيب حقهم , فتموت زيهم ايضا , وهكذا.
طيب , اذا اتفقنا , حتي ولو بشيء من التحفظ علي النقاط الخمس السابقة , طيب هل ممكن نتفق علي الاستنتاجات الخمسة التالية؟
اولا , هل ممكن ان نتفق علي انه ممنوع الدعوة للتظاهر وبالتالي التظاهر امام المؤسسات العامة ' احزاب , محاكم , القصر الرئاسي , مدينة الانتاج الاعلامي ' ؟ ومن يخالف هذا , يعرِّض نفسه للقبض عليه باي تهمة من التهم الموجودة في قانون العقوبات. طبعا انا لا اهوي منع الناس من ممارسة حقهم في التظاهر السلمي وفقا للمعايير الدولية , ولكن المشاهد انهم لا يجيدون التخطيط لها ' بفرض انهم كانوا يريدونها سلمية اصلا ' , او انهم يجيدون التخطيط لها علي نحو يترتب عليه دماء و المزيد من الشهداء و المصابين. ونحن لا نريد ان تنتهي هذه الثورة العظيمة باحتراب اهلي لا يبقي ولا يذر.
ثانيا , ممكن نتفق علي ان الرئيس مرسي , ادام الله بقاءه , ليس من نوعية نهرو او غاندي او نيلسون مانديلا . وانما هو من نوع آخر اقرب الي نمط ' الفرعون المنتخب ' الذي يري انه فاز في الانتخابات وبالتالي نحاسبه آخر فترته الرئاسية. وممكن نتفق كذلك علي ان الشعب المصري الشقيق اخيرا عرف من هم الاخوان وهذه هي نوعية الرئاسة التي تاتي منهم , وهذه هي طريقة حكمهم للبلاد , وبالتالي المنطقي , ان تكون نتائج الانتخابات القادمة مختلفة عن الانتخابات التشريعية السابقة. المصريون بشر طبيعيون تنطبق عليهم نظرية ' الاختيار العقلاني ' , فهم يفاضلون بين البدائل مثلما نفاضل بين انواع السلع او مقدمي الخدمات المختلفة , ولهذا تراجع التصويت للاخوان في الجامعات و النقابات. واحسب ان هذا سيحدث كذلك في انتخابات مجلس الشعب بفرض نزاهتها. اذن المعركة الحقيقية القادمة هي معركة نزاهة الانتخابات. وانا ممن يراهنون علي ان عمل القضاة , مع منظمات المجتمع المدني , مع مندوبي المرشحين , مع اجهزة الاعلام , مع المتابعة الدولية سيجعل فكرة تزوير الانتخابات مستحيلة ان كان هناك من يسعي اليها. وتصويت المصريين باعداد كبيرة في الانتخابات القادمة سيعني غالبا تراجعا حادا في التصويت للاخوان. ولن يجد الاخوان الا رئيسهم كي يلوموه.
ثالثا , ومع مجلس النواب الجديد , سيكون هناك دور مهم للنواب في تحديد تشكيلة الحكومة الجديدة التي يستطيعون , ان كانت الاكثرية من غير الاخوان , ان يلعبوا دورا كبيرا في تشكيلها , وفقا للدستور. وبالمناسبة غير منصوص في الدستور الجديد علي حق رئيس الجمهورية في اقالة الحكومة بعد ان اكتسبت الثقة من البرلمان كي تؤدي دورها دون وصاية من الرئاسة عليها.
رابعا , المجلس القادم فرصة جديدة لوجوه جديدة , لم تتلوث بنار الاستقطاب كي تشارك فيها. وهناك جهود تبذل من اجل انتقاء ودعم اسماء جديدة للمنافسة في الانتخابات القادمة.
خامسا , الثورة علي نتائج الانتخابات خطر كبير لانها ستعني الدخول في دائرة خبيثة من رفض قواعد اللعبة الدستورية. وكما قلت من قبل ' الدور كان علي الاخوان ' حتي يخرجوا من عباءة القوي المظلومة الي القوي المشاركة في الحياة السياسية. وها هم قد شاركوا. و الحكم للناخب المصري.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق