من الضروري ان نتفهم طبيعة واشنطن كعاصمة ' براجماتية ' من طرازٍ فريد . تقبع المبادئ بالنسبة الي ساستها في الدرك الاسفل من سلم الاولويات -- فلم تكن لتكترث كثيرا بديكتاتوريات قائمة في مصر وتونس وغيرها طالما ظلت مصالحها الحيوية آمنة غير مهددة . وان كان لها ثمة اعتراض تبديه بين الحين و الآخر علي انظمة حكمٍ شمولية فكان فقط من قبيل مساحيق تجميلٍ لستر تناقضها امام شعبها وشعوب العالم . او كان نوعا من فرض مساحةٍ اكبر من الهيمنة ودس الانف في شئون الآخرين بزعم الاهتمام بنشر الديمقراطية.
وبعد ان بوغتت ' واشنطن ' بسلسلة ثورات الربيع العربي تسحب البساط من تحت اقدام نفوذها . ويتساقط رجالها في المنطقة الواحد تلو الآخر وعلي راسهم ' مبارك ' . الحق انها استوعبت الصدمة سريعا وعمدت الي اعادة ترتيب الاوراق وتغيير ' التكتيكات ' في محاولة لاستكشاف طبيعة التحول الذي طرا علي المنطقة العربية ومن ثم رسم سياساتها الجديدة التي تحفظ لها استمرار رعاية مصالحها الحيوية.
الامريكيون لا يعنيهم كثيرا هُوية من يصل الي سُدة الحكم في مصر طالما لم تمتد يده للعبث بمصالح واشنطن الحيوية في المنطقة او يتعد َخطوطها الحمراء كالحفاظ علي امن اسرائيل مثلا -- وحتي اللحظة الراهنة فان ' واشنطن ' لتفضل كثيرا التعامل مع نظامٍ شرعيٍ قائمٍ حتي وان تناوشته المعارضة وبدا في كثيرٍ من الاحوال مضطربا مرتبكا لكن يمكن الوصول معه الي تفاهمات تُبقي الامور علي ما هي عليه ان لم تطورها باتجاه نفوذٍ اكبر -- عن انتظار ' فوضي ' لا يستطيع احدٌ الجزم بانها ستكون ' خلاقة ' !
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق