كيف نجحت الجماعة الاسلامية في احباط مؤامرة تمرد الشرطة على مرسي ؟



فراج اسماعيل ... توازن الرعب ضرورة حتي لا تطغي فئة علي اخري عندما تحل الفوضي وتسيطر البلطجة و العضلات و المولوتوف.
قلت من قبل ان احتشاد الاسلاميين دفاعا عن الشرعية خلال ازمة الاعلان الدستوري ثم الدستور قضي علي مغامرة غير محسوبة العواقب كانت تهدف الي احتلال قصر الاتحادية واسر محمد مرسي. لكن ذلك الحشد اختفي بدءا من 25 يناير الماضي فتعرضت الدولة لامتحان عصيب , حين انتشرت الحرائق وتجبر المولوتوف وزاد حجم رماته الذين لم تستطع الشرطة النظامية مواجهتهم بقنابل الغاز فقط.


لكن الخطر كله هو ما حذرت منه في مقال تزامن مع اول ظهور لعصيان للشرطة. قلت ان الامر اذا استمر هكذا فلن يصمد الرئيس مرسي اياما قليلة لان الناس واعراضهم واملاكهم و المرافق العامة ستصبح في خطر مستطير , سيغزو البلطجية الشوارع , ويدخل اللصوص البيوت من ابوابها في عز النهار وليس تلصصا من خلال النوافذ تحت جنح الظلام.


بدا اعتصام الشرطة واضرابها بمطلب حق هو التسليح , الا ان فئة متآمرة حولته الي اهداف اخري , واحتفت به جبهة الانقاذ و اليسار ورعاة البلطجية , فامتناع افراد وامناء وضباط الشرطة و الامن المركزي عن تنفيذ الاوامر وتمردهم علي وزير الداخلية وعلي قياداتهم يعني بالضرورة تمردهم علي الرئاسة , وذلك لم يتوقعوه علي الاطلاق , خصوصا انه امتد الي 13 محافظة بسرعة هائلة , مما يعني ان ايام مرسي معدودة.


واشنطن لم تشعر بالقلق الا بعد تمرد الشرطة وقوات الامن المركزي , لان الدولة تسقط في هاوية الحرب الاهلية فورا اذا انسحب نظامها الامني من الشوارع , ولنا في 28 يناير 2011 عبرة , فقد تعرضت مصر كلها لسطو مسلح في هذا اليوم بمجرد انسحاب الشرطة. 


اضراب الشرطة الاخير كان بمثابة استدعاء لانقلاب عسكري لان الجيش سينزل حتما الي الشوارع لمواجهة الانفلات , لكن هذه المرة ليس بتكليف من رئيس الجمهورية كما حدث في 28 يناير 2011 , وانما بقرار من قيادته العامة لان البلد في خطر.
وقد يكون هذا وراء تغيير السياسة التحريرية لجريدة الاهرام , التي بدات مع اضراب الشرطة , تصدير الفريق اول عبد الفتاح السيسي مانشيتاتها الرئيسية مع صورة كبيرة , ولم تكن الاخبار المرتبطة به تستحق ذلك الابراز الذي وصل الي احتلال ثماني اعمدة اعلي الصفحة الاولي.


كان حاسة الشم عند صانعي السياسة التحريرية لتلك الصحيفة استشعرت رياحا عسكرية تهز الابواب بقوة علي اثر انسحاب الشرطة. وللتذكير فان ما حدث في 28 يناير 2011 ليس السابقة الاولي , ففي عام 1986 تمرد الامن المركزي علي وزير الداخلية احمد رشدي وخلال ساعات قليلة كان خطر سقوط مبارك يلوح بقوة لولا نزول دبابات الجيش الي الشوارع بامر مباشر من المشير ابو غزالة , ووقتها ابرقت السفارة الامريكية في القاهرة الي واشنطن بان المشير يستطيع ان يتولي الحكم اذا اراد.


اسيوط __ عاصمة الصعيد المتنمرة كان لها راي آخر. فالجماعة الاسلامية التي كادت تسيطر علي الحكم عام 1981 عقب اغتيال السادات بدقائق , اجهضت مخططا للسيطرة عليه في مارس 2013.


اعلان الجماعة عن تشكيل لجان شعبية لحماية الامن ارعب القوي السياسية التي ابتهجت بالاضراب و العصيان , واكتمل الرعب بالمسيرات التي انطلقت في اسيوط واسمتها وسائل الاعلام دوريات شرطة اسلامية , رغم انها لم تكن مسلحة حتي بالعصي , لكنها خلقت ما يسمي في الحروب بتوازن الرعب , مما جعل قيادات جبهة الانقاذ تتوسل عودة الشرطة النظامية لاقسامها ومواقعها في الشوارع وتفاوضت معهم في سبيل ذلك , ولم يمض وقت طويل حتي انتهي الاضراب وعادت قوات الامن المركزي بدون تنفيذ طلب واحد.


ما فعلته الجماعة الاسلامية وجبابرة اسيوط منع حربا اهلية وحمي النظام الديمقراطي من انقلاب عسكري كان وشيكا.

ليست هناك تعليقات :