مصر في حاجة الى سياسيين جدد لا يحملون أخلاق المخلوع عبد الرحمان يوسف



قلت ذات يوم في احدي قصائدي : لعن الله السياسه / و قصورا للرياسه / ساكن القصر دواما اكثر / اكثر الناس نجاسه / كل ما فيه غباء / ما به اي كياسه / و اذا قيل شريف / قلت بل اصل الخساسه !

و كنت اظن القصر هو مصدر كل الشرور , و اننا لو حللنا مشكلة ساكن القصر فان لعنة السياسة ستزول , و سنري الحياة حلوة بلون وردي .

كنا نظن ان ساكن القصر هو مصدر التلوث السياسي , ولكن مع الايام , وبعد سقوط ساكن القصر الذي تفننا في هجائه سنوات وسنوات اكتشفنا ان كثيرا منا يحمل نفس اخلاق ساكن القصر , وان كثيرا منا قد تطبع بطباع من سكن القصر , فيملك من القدرة علي اقصاء الآخر وتشويهه الكثير , ويبدو ان ' مباركا ' صغيرا يسكن في قلوب كثير من المصريين حتي اليوم , ان الخلاف في وجهات النظر في امر مثل التصويت بلا او نعم علي الدستور , او مثل المشاركة و المقاطعة للانتخابات البرلمانية , او انتخاب مرشح برلماني او رئاسي او آخر -- كل هذه الامور اصبحت مبررات للطعن في الاعراض , واصبح الخلاف حولها يجعل الحليف عدوا مبينا , ويحول اقدم الصداقات الي بغضاء , ولا ابالغ اذا قلت انه يكاد يفتك ببعض اعمق العلاقات الانسانية , يؤلمني ان اري بعض الناشطين السياسيين الذين عرفتهم , وزاملتهم , وتشرفت بالعمل معهم لشهور طويلة , وبعضهم خضت الي جواره لحظات فاصلة , راينا فيها الموت سويا وكان احدنا فداء للآخر , يؤسفني ان اري بعض هؤلاء الاعزاء اليوم وقد حملوا اخلاق العهد القديم , بعد ان تخلقنا جميعا باخلاق الميدان!

ان تشويه رفقاء النضال بعضهم البعض ظاهرة من اسوا الظواهر التي حدثت بسبب الاستقطاب السياسي , فتري من وقفوا سويا امام الرصاص الحي يختلق احدهم الاخبار الكاذبة عن الآخر , و يروجها بسائر الوسائل و هو يعلم ان الامر كذب من اوله لآخره دون ان يهتز له جفن .

بالنسبة لي قد سامحت كل من اساء الي , حتي اذا لم يعتذروا , واقتدي في ذلك بقول الشاعر : اقبل معاذير من ياتيك معتذرا / ان بَرَّ عندك فيما قال او فجرا , ان جميع ما يحدث اليوم اختبار انساني صعب لكل المصريين , وهو اختبار اخلاقي اولا , قبل ان يكون اختبارا سياسيا , و اذا رسبنا في الاختبار الاخلاقي , فلا خير فينا , و لا امل في ان يتحرك هذا البلد للامام .

مصر تحتاج الي سياسيين جدد , يمارسون السياسة بمعايير اخلاقية ثابتة لا تتزعزع , و يقدمون القدوة الحسنة قبل ان يقدموا الحلول السياسية .

ليست هناك تعليقات :