يختبئ و يهرب من الانتخابات و يهين الجيش بمظاهرة دعوته للتدخل في السياسة وائل قنديل



من حق اي مواطن في مصر ان يقاطع الانتخابات , مرشحا او مصوتا , ومن حق اي سياسي ان يري في الانتخابات سما قاتلا , ويفر منها ويهرب ويختبئ كما يشاء , وخلف ما شاء من حجج متناهية الضآلة و الصغر , لكنه ليس من حق احد لكي ينجز عملية الهروب و الاختباء ان يشعل النار في كل شيء , ويثير الغبار ويصنع الزوابع ويتهم الجميع بالجهل و التخلف , وينصب نفسه وكيلا للحكمة و الحداثة و التطور.

ولا احد يصادر حق احد في خوض صراع سياسي بكل ما اوتي من قوة لكي يغير نظاما او يسقطه , لكن دون امتداد السنة الصراع الي ما يجب ان يبقي بعيدا عن هذا المستنقع الآسن.

لقد جربت اطراف عديدة كل الوسائل لاستدراج القوات المسلحة للمشهد السياسي , وواصلت اطراف اخري الليل بالنهار في استدعاء العسكريين للحكم , و الانقلاب علي الوضع القائم , ليس حبا في ' العسكرة ' وانما كرها في النظام المنتخب , وقد انتهت كل هذه المحاولات الي شيء , و النتيجة الوحيدة الملموسة لها انها اهانت العسكرية المصرية واظهرتها وكان انصارها مجرد بضع عشرات من البشر تجمعوا في ' مليونية ' فقيرة عددا وبائسة خطابا يوم الجمعة الماضي.

وكم كنت اتمني ان يعلن الجيش المصري تبرؤه منها مبكرا قبل ان تنعقد تلك التظاهرة المضحكة عند المنصة , بما يحمله هذا الموقع من دلالات وذكريات ليست في صالح المؤسسة العسكرية باي حال من الاحوال.

لقد شاهدنا العجب وسمعنا الاعجب في هذه الدائرة الهزيلة من الهتاف , وراينا نماذج ووجوها حفظتها الاعين من كثرة ظهورها في مناسبات عديدة ضد ثورة 25 يناير , وتابعنا مفردات تحريضية ساقطة تستعدي الجيش علي النظام السياسي وتطالبه بنزول هذه البركة العطنة من الصراع , و الاخطر اننا تابعنا خوضا في ادق الشئون الخاصة لقواتنا المسلحة واطلاقا للكلام علي عواهنه بخصوص قادة الجيش واموره الداخلية , و كاننا في مباراة لكرة القدم , كل يفتي و يقرر و يطلب و يحرض و يثير الفتن .

باختصار كانت مليونية للاساءة كما وعددا و كيفا و ليس الدعم للقوات المسلحة , التي سبق لعديد من الحاشدين لهذه التظاهرة دعوتها للخروج من السياسة و العودة الي الثكنات , بل و سيروا المظاهرات و المسيرات تهتف ضد بقاء العسكريين في الحكم .

ان الذي يريد خيرا بجيش مصر عليه ان يتركه وشانه , يحمي حدودها و يتفرغ لما خلق له , و لا يتعامل معه بهذه الانتهازية و هذا النزق , وليتذكر الجميع ان افضل ما تحقق في الشهور الاخيرة هو عودة القوات المسلحة الي عليائها , بعد ان نزلت اكثر مما ينبغي الي سفوح التورط في معارك الشارع و حواديته و اشتباكاته التي خدشت بهاء العسكرية .

و اظن ان عاقلا لا يتمني العودة لتلك الفترة الحالكة التي سالت فيها دماء و تعكرت العلاقة بين الجيش و معسكر الثورة -- و ازعم ان محبا لمصر لا يسعي الي تحويلها الي قبائل و طوائف تتصارع علي مساحات النفوذ و التسلط .

ليست هناك تعليقات :