انظر الي هذا التصاعد الخطير في مؤشر العداء لايران و التفزيع منها , وتصويرها علي انها العدو الاول للامة العربية , و الاخطر عليها من الكيان الصهيوني ذاته , وتامل كيف تمتد الفزاعة الطائفية لتشمل العراق ايضا , لتصبح معها زيارة رئيس الوزراء المصري الي بغداد عملا مخالفا لثوابت الشريعة ومبادئ الوطنية , بينما ' اسرائيل ' العدو الاول الواضح الصريح الاستراتيجي ترفل في نعيم لم تكن تحلم به و هي تري ان مد الجسور مع ايران و العراق صار اكثر استهجانا من التطبيع معها.
ان ما بين العرب وايران خلاف سياسي وتنافر ايديولوجي , لكنه بالتاكيد لا يرقي لان يكون عداء تاريخيا , وقد يكون عداء فكريا غير انه بالتاكيد ليس صراعا كما هو الحال مع العدو الصهيوني -- ومن هنا فالمستفيد الاول و الوحيد من افتعال حالة حرب عقائدية مع ايران هو بالضرورة وبالتاكيد ذلك الكيان الصهيوني الغاصب المغتصب.
ولا يعني ذلك ان ما بين العرب وايران رائق و هادئ وخال من الشوائب و المشكلات , فلا احد يقبل بان تكون طهران مصدرا لقلاقل وزوابع في هذه العاصمة العربية او تلك , لكن تحويل الامر الي نوع من الفوبيا و الهستيريا يبدو شيئا مثيرا للاسي علي هذا الانقلاب في خارطة العلاقات بين مصر و محيطها.
والمضحك في الامر ان مناصبة ايران العداء لا تاتي فقط من رموز الاسلام السني و السلفي في مصر , بل دخل علي الخط قومجيون وثوريون كانوا طوال الوقت يحجون الي طهران وتوابعها علي الخارطة العربية ايام النظام السابق , وكانوا ينطلقون في مهاجمته من انه غارق في التبعية للمعسكر الامريكي الصهيوني ويعادي ايران خدمة للامبريالية واذعانا لاملاءات واشنطن وتل ابيب , لكنهم هذه المرة يدخلون علي خط الترويع و التفزيع من عودة العلاقات مع ايران الي طبيعتها من زاوية استهداف النظام و المكايدة له -- فان ذهب الي السعودية فهو متهم بتعريض مصالح البلاد و العباد للخطر , وان استقبل طهران و الدوحة فهو متهم بالعبث بامن مصر القومي .
و من علامات الانحطاط ايضا الا ييئس البعض من محاولاته لاشعالها حرب قبائل وطوائف في البلد , تارة مستخدما شعار ' حماية الجيش ' لتاليب المؤسسة العسكرية ضد نظام الدولة , واخري بافتعال ساقط لاشتباك بين الجيش و الشرطة في بورسعيد -- وازعم ان استمرار هذا الفحيح المتواصل يتطلب موقفا صارما ومعالجة واضحة من جميع مؤسسات الدولة , لان المستهدف هو تصوير الامر وكان مصر منشطرة الي دويلات , واحدة رئاسية واخري عسكرية وثالثة بوليسية -- و الصمت علي ترويج هذا الخطاب من شانه ان ينعش بورصة التكهنات و التخرصات اكثر .
و في مواجهة هذا اللعب بالنار مطلوب ان يخرج رئيس الجمهورية ليحدث الناس مباشرة و معه وزير دفاعه و وزير داخليته لوضع الامور في نصابها , و عدم ترك الناس نهبا للشائعات و الاكاذيب , و الا فليستقر الجميع في قاع المهزلة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق