و امام عملية ' تقديس ' الصناديق تلك تري التيار الآخر يتطرف في رد فعله , فيحتقر الصناديق , ويزدري من يصوِّت , ويعيب علي اختيارات الامة المصرية , و الانكي من ذلك ان البعض يعتبر من يحترم نتيجة الصناديق خائنا للثورة و الوطن !
بالنسبة لي احب ان اكون صريحا مع ذاتي اولا , لذلك اقول ان تقديس الصناديق مرفوض , و احتقار الصناديق مرفوض , وكلا الامرين تطرف لا احب ان اقع فيه .
احتقار الصناديق فيه احتقار للامة , ولا بد من تذكير محتقري الصناديق باننا دعونا الشعب المصري الي التوقيع علي بيان التغيير الذي وقعه الدكتور البرادعي , ووقع علي هذا البيان مئات الآلاف من المصريين , وكان ذلك بتضحيات عظيمة من آلاف الناشطين , و قد نص البيان علي مجموعة مطالبات , خلاصتها :
انهاء حالة الطوارئ .
تمكين القضاء المصري من الاشراف الكامل علي العملية الانتخابية .
الرقابة علي الانتخابات من قبل منظمات المجتمع المدني المحلي و الدولي .
توفير فرص متكافئة في وسائل الاعلام لجميع المرشحين وخاصة في الانتخابات الرئاسية .
تمكين المصريين في الخارج من التصويت بالسفارات و القنصليات المصرية .
كفالة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية اتساقا مع التزامات مصر طبقا للاتفاقية الدولية للحقوق السياسية و المدنية , وقصر حق الترشح للرئاسة علي فترتين .
التصويت بالرقم القومي. و لذلك لابد من تعديل المواد 76 و 77 و 88 من الدستور .
جميع هذه المطالب تحققت , وغالبيتها تتعلق بالصندوق , فهل كان الصندوق مقدسا حينها ثم فقد قداسته الآن بعد ان فاز به آخرون ؟
لا مجال للتهرب من الاستحقاق الانتخابي , خصوصا ان هناك مكاسب اخري كثيرة اصبحت واقعا حيا علي الارض , مثل حرية تكوين الاحزاب , و اصدار الصحف , و غير ذلك من المكاسب التي لا يماري فيها احد .
لكل هذه الاسباب فان من يغير كلامه اليوم فهو امام ازمة اخلاقية , وهو يهرب من مواجهة جماهير الشعب العظيم .
يقول البعض ان الانتصار علي الاسلاميين بالصناديق مستحيل , وهذا الكلام ليس له الا معني من اثنين , الاول : ان الاخوان سينتصرون بالصندوق بنزاهة , وبدون تزوير , و الانتصار عليهم مستحيل لان الناس ستختارهم .
وهذه حجة العاجز , وهي دعوة للعودة الي الاستبداد , وهي لا تستحق الرد , ومن يروجها يروج لانقلاب عسكري , او لحكم مستبد ايا كان شكله .
المعني الثاني : هو ان الاسلاميين لن يتركوا الحكم حتي اذا خسروا الانتخابات , وهذا رجم بالغيب , واستخفاف بارادة الجماهير , وبقدرة الامة علي ان تولي وتعزل بالآليات الديمقراطية الطبيعية .
خلاصة القول : كل من وقع علي بيان التغيير , وكل من روَّج له , وكل من دعا المصريين اليه لا يحق له اليوم ان يشكك في شرعية الصناديق , لان البيان كله اصبح واقعا علي الارض , ومن يعترض اليوم كان كاذبا بالامس .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق