انقبض قلبي امس الاول حينما سالني احد الايطاليين الذي كنت اشتري منه شيئا فسالني من اي البلاد انت؟ قلت من مصر , قال وعلامات الاسي علي وجهه : لديكم مشاكل كبيرة في مصر اليوم؟ اعتقدت ان الامر به تطورات غير عادية , تركت ما في يدي وركضت ابحث عن وسيلة تواصل مع الاخبار في ارجاء المكان , وجلست اقلب بقلق تطورات الوضع في مصر , وقلت : يا الهي , مصر كنانة الله في ارضه الكل يسال عن اخبارها ويريد ان يعرف ماذا يجري فيها , ورغم عادة الاوروبيين في عدم الاهتمام الا بشئونهم الداخلية التي تمس حياتهم بشكل مباشر , فان الثورة المصرية جعلت شعوب الارض جميعا تقف في تحية واكبار للشعب المصري علي ما قام به , وجعلته يرقب الثورة وتطوراتها , وجعلت كثيرين منهم في شوق لزيارة مصر و التعرف علي شعبها المعطاء الطيب , هذه الشعوب الآن قلقة علي ما يحدث في مصر وعلي المخاطر التي تتعرض لها هذه الثورة , وتتابع كل يوم بقلق ما يحدث علي ارضها وما تنقله وسائل الاعلام المختلفة.
لاحظت ان تصاعد التظاهرات في مصر له مواسم ترتفع فيها موجة التظاهرات ثم تنخفض , ولم يعد عاقل يعتقد ان ما يحدث مرتبط بمطالب تُرفع سرعان ما تتغير اذا تمت الاستجابة لها , بل مرتبط باهداف ربما تكون ابعد بكثير مما يخرج المتظاهرون من اجله , واذا كان البعض يخرج باخلاص لا شك فيه , فان كثيرين يخرجون بتوجيهات ليست بريئة او للاسترزاق , لان الاستقرار يعني خروج مصر من عنق الزجاجة وجذب الاستثمارات ودوران عجلة الانتاج واستقرار الامن , اما الفوضي فتعني الا تخرج مما هي فيه حتي لا تسترد مصر مكانتها وقرارها وتبقي مازومة تدور في اطار مشاكلها التي لا تنتهي.
ان الفوضي حرفة وصناعة وليست تحركات عفوية او مطالب فئوية , فما يحدث في مصر هو فوضي منظمة تديرها جهات تعرف ماذا تريد , وان كان الذين يمارسون الفوضي بعيدين تماما عن ادراك هذه الاهداف , ولا يشك في النوايا الحسنة لكثيرين منهم , لكن ما يقومون به يصب في النهاية في مصلحة اعداء مصر , وعلي راسهم اسرائيل التي تدرك ان مصر يجب ان تبقي في حالة فوضي وعدم استقرار , لان استقرار مصر يعني ان اسرائيل سوف تجبر علي احترام تعهداتها و التزاماتها علي الاقل مع جيرانها , حينما تتوقف الفوضي سيبدا الاستقرار وتدخل مصر مرحلة جديدة في ثورتها وتاريخها , فمتي تتوقف الفوضي في مصر؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق