والجندي الامريكي برادلي ماننج شانه شان كثير من جنود الجيش الامريكي الذين يتم تجنيدهم من الاماكن الفقيرة في الولايات المتحدة الامريكية , حيث التحق بالجيش وعمره عشرون عاما وكما وصف نفسه في البيان المطول الذي تلاه امام المحكمة ' شاب شغوف بالجغرافيا السياسية وتكنولوجيا المعلومات ' وانه انخرط في الجيش من اجل ' تكوين خبرة في العالم كما هو ' كذلك الاستفادة من ' منحة تعليمية جامعية ' , حيث يقدم الجيش الامريكي اغراءات الي الراغبين في الالتحاق به , من اهمها تقديم منحة تعليمية مجانية في احدي الجامعات الامريكية , حيث تبلغ تكاليف التعليم الجامعي في الولايات المتحدة مبالغ طائلة عادة لا يقوي عليها الفقراء او متوسطو الدخل , مما يؤدي الي عدم التحاق معظمهم بالجامعات.
ومع ذوبان معظم المجندين الامريكيين في الحياة العسكرية وتركيز هدفهم علي المنح التعليمية التي تكون الهدف الاول لمعظم صغار السن الذين يلتحقون بالجيش , وجد ' ماننج ' نفسه في وضع آخر وهو يعيش احداث الحروب التي يخوضها الجيش الامريكي في العراق وافغانستان و المراسلات التي يتبادلها الدبلوماسيون الامريكيون مع مقرهم في واشنطن , وبحكم موقعه كمحلل استخبارات في الجيش كان يطلع علي عشرات الآلاف من الوثائق حول هذه الجوانب , وقد عبر ' ماننج ' عن هذا بقوله : ' لقد وجدت نفسي رويدا رويدا في وضع منعزل مع جيش لا يبدو انه يقدر الحياة البشرية ' هذه العزلة جعلته يفكر في كيفية ايقاف هذه الجرائم من خلال سلوك اعتبره الامريكيون واحدة من اكبر الجرائم العسكرية في تاريخهم الحديث , حيث حاول ' ماننج ' الاتصال بصحف امريكية مثل ' واشنطن بوست ' و ' نيويورك تايمز ' وغيرهما لكنه لم يجد تجاوبا فتوجه الي موقع ' ويكيليكس ' الذي نشر كل الوثائق التي سربها ' ماننج ' و التي زادت في الفترة بين شهري نوفمبر 2009 ومايو 2010 عن 260 الف وثيقة عن وزارة الخارجية الامريكية وحدها , مما اثار عاصفة كبيرة في الاوساط الدبلوماسية العالمية واحرج الولايات المتحدة مع كبار حلفائها , حيث لم تترك هذه الوثائق دولة ولا مسئولا لم تتعرض له , واظهرت المسئولين الامريكيين في السفارات علي انهم جواسيس ينقلون كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلاد التي يقيمون فيها الي واشنطن , وعلاوة علي الوثائق الدبلوماسية كان ' ماننج ' بصفته محللا استخباراتيا يمكنه الوصول الي قواعد المعلومات للاحداث اليومية في العراق وافغانستان , حيث اطلع علي اكثر الوثائق اهمية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث , علي حد وصفه , واكد انه كان يهدف من وراء تسريب المعلومات الي ان يسبب الحرج للسياسة الامريكية لكنه لم يقصد علي الاطلاق الاساءة اليها , ومن ثم فقد انكر اثنتي عشرة تهمة من اصل 22 تهمة وجهت اليه , واعترف بعشر منها فقط -- قد تودي به في النهاية الي السجن المؤبد.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق