
أحمد عطوان ... لن تكون دماء المصريين الزكية التي سالت في محيط جبل المقطم الجمعة الماضي , هي آخر الفتن الداخلية التي تشهدها مصر منذ احداث ثورة 25 يناير المجيدة , بل هي حلقة في مسلسل مستمر من التخريب وتاجيج النيران وزيادة الاحتقان بين القوي السياسية المصرية , وهي مرشحة للتصعيد خلال الفترة القادمة , طالما اخطانا في تقدير المرض العضال الذي ينخر في الجسد المصري المثخن بالجراح , وحصرناه في خلاف سياسي عقيم بين القوي المدنية ' المعارضة ' و الاخوان المسلمين ' السلطة الحاكمة ' ولم نول وجوهنا شطر راس الفتنة الذي يخطط ويدبر ويمول ويرعي كل عمليات البلطجة و التخريب , ويعمل علي تزكية الخلافات , مستهدفا مزيدا من الانشقاقات و النزاعات لقناعته الكاملة بانها السبيل لاسقاط ' الثورة ' و ' الوطن ' .
وحدها دولة الامارات وعاصمتها ابو ظبي ومنتجعها ' دبي ' هي التي جاهرت بفتح احضانها وهي راغبة لترعي رءوس الفتنة في العالم العربي , الفارين من اوطانهم , و السارقين لاموال شعوبهم , و الملوثين بتاريخهم الاسود , و المعروفين بعدائهم للحريات , و المطلوبين في بلدانهم للمحاكمات , و المفضوحين بعلاقاتهم مع الحليف الامريكي او الصديق الصهيوني , وكفي بالثنائي احمد شفيق ومحمد دحلان مثلا ناصعا لامراء فيه للتدليل علي ذلك.
لقد اكدت الاحداث الدموية في مصر بما لا يدع مجالا للشك ان ' ابو ظبي ' صارت راعية الارهاب بالمنطقة العربية , فقد تبدلت المواقف وتغيرت اللهجة وزادت حدة النبرة العدائية تجاه مصر و المصريين , ولا نعرف تفسيرا لهذا التغير الانقلابي , فالامارات منذ نشاتها كانت مصر شريكا في تاسيسها , و الشيخ ' زايد ' _ رحمة الله عليه * ما زال اسمه محفورا في قلب كل مصري , ولن تمحي من الذاكرة مقولته الشهيرة ابان حرب اكتوبر 1973 : ' البترول العربي ليس اغلي من الدم العربي ' , ولكن بعد ثورة يناير , استباحت ' الامارات ' الدماء المصرية , واعتقال المصريين , وساهمت في تاجيج الحرائق السياسية , وآوت الهاربين من النظام البائد , ومهدت لهم ادارة معاركهم من اراضيها , وتهديد النظام الشرعي , وتمويل الفلول من اربابه بالداخل , وتحريكهم نحو افتعال الازمات الاقتصادية , واثارة القلاقل وقطع الطرق وترويع الآمنين , واغداق الاموال علي الشبيحة للاندساس في المظاهرات , وتسترت علي منفذي موقعة الجمل و الجبل , فانتشرت ظاهرة العنف وحمل المولوتوف و الخرطوش و الرصاص الحي وازهاق الارواح , تحت حماية ورعاية المسئولين في ' ابوظبي ' .
وبين لحظة واخري نستمع الي تصريحات من مسئولين اماراتيين تحمل التهديد و الوعيد لمصر , وتبشر بقصم ظهر الاقتصاد المصري , ومما يدعو للدهشة انه في الوقت الذي يصرح فيه الدكتور سمير رضوان وزير المالية الاسبق , بان الامارات تراجعت عن تقديم منحة مالية قُدرت ب3 مليارات جنيه , يخرج علينا الرئيس الفرنسي هولاند ليقول ان بلاده حصلت علي دعم الامارات المادي للعملية العسكرية في مالي , مصرحا بان ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد قد قام بدفع 400 مليون دولار للجيش الفرنسي!!.
واعتاد وزير خارجيتها , الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان ان يلبس المواقف , ويتخذ من خلاف ظاهري مع جماعة الاخوان المسلمين ستارا لتمرير المؤامرات السياسية ضد الشعب المصري , متناسيا ان الضربات المتتالية يدفع ثمنها باهظا كل المصريين بمختلف الانتماءات و التوجهات , بل وناشد بن زايد كل دول الخليج لمنع التعاون مع مصر بزعم التصدي لجماعة الاخوان من التآمر لتقويض الحكومات في المنطقة في تحريض واضح للتاليب علي الشعب المصري.
ولا يتورع ضاحي خلفان , رئيس شرطة دبي , ان يهاجم المصريين و الاخوان المسلمين واطلاق تصريحاته العدائية المتواصلة بشكل منفلت خال من الذوق و العروبة , ونظرا لسطحيته فقد كشف اللعبة الاماراتية و المؤامرة الساذجة ضد مصر , بما كتبه مؤخرا في رسالة له علي ' تويتر ' حيث قال : ' ان تقديم اي دعم لمصر انما هو دعم للاخوان , وتقديم اي دعم لمصر باي شكل من الاشكال يعد خطا استراتيجيّا , كما توهم خلفان في رسالة اخري ان ' هناك انهيارا ماليا قادما في دولة من دول الثورات الفسيخية حسب تعبيره ' .
المدهش حقا ان يستشهد خلفان في مقولة اخري بكلام رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عندما قال : ' يجب ان نقصم ظهر مصر اقتصاديّا حتي لا تقوم لها قائمة اذا اتاها مال , ولن ياتي لها المال ' .
حان الوقت ان ينكشف الستار عن المتلاعبين بالسياسة الداخلية و الداعين لانهيار مصر وضعفها وهوانها , وتصدير العنف لشعبها المسالم , فالمعلوم ان الامارات هي اكثر دولة عربية تعتمد سياسيا ومخابراتيا علي الموساد الاسرائيلي و المخابرات الامريكية فهي مخلب القط في المنطقة العربية.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق