ان تجميد اصول 23 من رجال الاعمال علي ذمة تحقيقات بشان تلاعب في البورصة اثناء بيع البنك الوطني المصري الي بنك الكويت الوطني عام 2007 يمكن ان يؤدي في النهاية الي عودة بعض الاموال للحكومة المصرية قد تقدر بعشرات الملايين من الجنيهات. ولكن هذا مقابل متواضع للغاية مقارنة بالخسائر الاكبر التي ستترتب علي الصورة الذهنية بان مصر دولة عالية المخاطر للمستثمرين , لا سيما ان عددا من الاشخاص الذين ذُكروا في هذه القضية يتمتعون بسمعة طيبة ولهم وجود في سوق الاستثمار المصري لفترة طويلة , واذا كان المسئولون المصريون يتعاملون مع المصريين بهذه الطريقة , فاغلب الظن انهم لن يتوانوا عن تطبيق نفس النهج مع آخرين.
تشير بعض التقارير الي ان حجم استثمارات رجال الاعمال السعوديين الستة في مصر باكثر من عشرة مليارات جنيه مصري , حيث صدر في حقهم قراران جديدان احدهما تحديد جلسة للمحاكمة في محكمة استئناف القاهرة , وصدور قرار ادارة البورصة المصرية بتجميد اكوادهم الاستثمارية في جميع الاسهم التي يمتلكونها.
يشير تقرير في صحيفة Financial Times الي ان عدم الاستقرار السياسي و التشريعي و القضائي في مصر يخلق فجوة ثقة ستجعل الكثير من المستثمرين يفضلون الخروج من السوق المصري , وهو امر حادث بالفعل , وان التفكير الجدي في الانتقال الي دول تبدو اكثر استقرارا في المنطقة او خارجها تعني ان هناك تغليبا للعائد قصير المدي علي حساب مناخ استثمار آمن طويل المدي. وهو ما يشير اليه التقرير في ظل ان مناخ الاستثمار الدولي كان لم يزل يدرس الدلالة الاستثمارية لقرار النائب العام وضع رجلي الاعمال ناصف ساويرس الرئيس التنفيذي لاوراسكوم للانشاء و الصناعة ووالده انسي ساويرس علي قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول , علي خلفية ما هو منسوب اليهما من التهرب من ضرائب تقدر بنحو 14 مليار جنيه.
والمثير للتامل ان السيد رئيس الوزراء و الوزراء بل و الرئيس نفسه يجتهدون في زياراتهم الخارجية لجذب استثمارات لمصر , ولكن السؤال : ما هي الضمانات الا يكون مصير المستثمر الجديد نفس مصير المستثمر القديم؟
معلوم ان الحكومة المصرية تسعي الي تسوية نزاعات علي اسعار اراضٍ وقضايا اخري مع نحو 20 مستثمرا اجنبيا ومحليا في محاولة لتجنب عملية تحكيم مكلفة ولاستعادة الثقة في اقتصاد البلاد. ولكن الحكومة تتصرف وكان مكوناتها المختلفة تقوم بالتجديف ضد بعضها البعض , و الاداء العام ليس جيدا. وقد بدات بذوره في اعقاب الثورة مباشرة ولكن من الواضح انه لم تتم العمل علي تنقية مناخ الاستثمار محليا وتدشين لجان فاعلة لفض المنازعات و التصالح مع رجال الاعمال علي نحو يضمن تحقيق الصالح العام علي المدي القريب و المدي المتوسط وبشكل قانوني , بدلا من تلك القرارات التي لها آثار شديدة علي المدي الطويل.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق