كلام كاثرين عن أزمة القيادة معتز بالله عبد الفتاح


ساحكي واقعة , كان الاصل انني لا ينبغي ان احكيها , ولكن سافعل بلا اسماء حتي لا اصيب اقواما بجهالة. جمعت احدي الشركات المصرية العاملة في مجال الاستثمار مجموعة من الاسماء الابرز في حياتنا السياسية للاجتماع مع عدد من خبراء وممثلي الشركات و المستثمرين الاجانب , وكان لكل من هؤلاء فرصة لان يجلسوا مع الخبراء الاجانب في حوارات مفتوحة للرد علي اسئلتهم , ومعظم هؤلاء الاجانب اسماء بارزة جدا في مجالاتهم علي مستوي العالم , ويلتقون بقيادات دول العالم.

وبعد ان استمعوا لعدد من هؤلاء الاسماء الابرز في حياتنا السياسية , قالت واحدة منهم ولنطلق عليها اسم كاثرين بشكل شخصي لصديق ممن يقومون علي تنظيم الاجتماع : ' ستواجه مصر ازمة قيادة قريبا ' , كان هذا الكلام منذ حوالي سنة ونصف. وبالمناسبة هذه السيدة تحديدا كانت تلفت انظارنا قبل مقولتها هذه الي انها الاكثر المعية بين الضيوف الاجانب. ولما قالت ما قالت لصديقي هذا , جاء لي منزعجا مكررا لي ما قالت.

وحاولت طمانته , رغم انني لم اكن مطمئنا , بان قلت ان الله سيرسل لنا من يستطيع ان يقودنا لما فيه الخير. وتمر الايام , ويصدق كلام كاثرين وانتقل لي تباعا الشعور الذي وصل الي صديقي بعد ان سمع كلامها.

اذن نحن نعاني عجزا في القيادة علي مستوي الجماعة الحاكمة وعلي مستوي الجماعة المعارضة.

لن ادخل في النقاش الخاص بشان مقاطعة او عدم مقاطعة الانتخابات القادمة لكن ساقول بعضا من الدروس المستفادة من خصائص القيادة في المواقف الصراعية وساتركها لكل طرف ان يقيمها وفقا لما يريد :

اولا , لا تستخدم القيادة الحقيقية خطاب التصعيد ما دامت ليست قادرة علي الالتزام به لانها لو فقدت مصداقيتها السياسية , فمن الصعب استرجاعها. وهذه نصيحة صعبة التطبيق لان الكل يزايد علي الكل علي نحو افقد المزايد قيمتها التهديدية. وبالتالي من الحكمة الا نلجا للتهديد اصلا , ولكن من يهدد , فليهدد بما يستطيع.

ثانيا , لو وجد القائد نفسه منقادا بواسطة الاطراف الاكثر تشددا في جماعته سواء الحاكمة او المعارضة فليعلم انه سيرضيهم وسيخسر دعم الاغلبية الكاسحة من المصريين الذين يرون التشدد في اي اتجاه هو دليل علي تغليب مصالح الجماعة سواء الحاكمة او المعارضة علي الصالح العام. المصريون يحترمون من يكون تشدده خروجا علي المالوف من طباعه وان الاصل فيه هو البحث عن الصالح العام بلا تكلف وبلا استبعاد ولا اقصاء ولا تصيد.

ثالثا , الديمقراطية ليست ديكتاتورية لابسة فستانا مكتوبا عليه انتخابات. الديكتاتورية لها وجهان : مخالفة القانون العادل , او صناعة قانون ظالم تكون طاعته هي الخنوع للاستبداد. وكما ان الجماعة الحاكمة مبالغة في فرض واقع علي الارض ثم الدعوة لاجراء حوار حوله , فان الجماعة المعارضة مبالغة في تبني خطاب غير عقلاني وغير مقنع , الا لنفسها ومناصريها , بشان شيطنة كل شيء يحدث في البلد.

رابعا , من يدعو للتظاهر او الاعتصام او الاضراب عليه ان يكون صاحب رسالة خير للمجتمع . انما الاضراب من اجل الاضرار بالآخرين لا ينفع ان يكون رسالة , منطق ' عليّ وعلي اعدائي ' ليس رسالة وانما هو نوع من تفريغ الطاقة السلبية وليس بناء مجتمع. الرسالة هي رسالة خير للمجتمع : ما الخير العائد علي المجتمع في وقف حركة القطارات؟ ما الخير العائد علي المجتمع في حرق مركبة او منشاة عامة؟ ما الخير في توجيه السباب و الشتائم للآخرين؟ هل اي من هذا سيكون مجديا؟ الاجابة يقينا بالنفي.

خامسا , نحن بحاجة لتغيير جيلي حقيقي , نحن بحاجة لان يتقدم مَن هم في الخمسينات و الاربعينات لتصدر المشهد السياسي بدلا من القيادات التاريخية التي عاشت وتربت في فترات كان شعارها : ' انا ما حدش يلوي ذراعي ابدا ' كما كان يقول الرئيس مبارك لان هذا هو ما انتج : ' نحن جلدنا تخين ' التي قالها الرئيس مرسي. نحن بحاجة لجيل مختلف من السياسيين شعاره : ' نتعاون فيما اتفقنا عليه , ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ' .

ولان هذا الكلام لا معني له بين القيادات الحالية , اذن صدق كلام كاثرين.

ليست هناك تعليقات :