جمال سلطان ... هناك حالة من الفوضي في السلوك السياسي هذه الايام , هذا مفهوم ولا يحتاج الي مزيد شرح , ولكن ان تصل هذه الفوضي ببعض القوي السياسية الي الاسفاف و التدني في التصريحات وادوات الاحتجاج , فهذا ما يمثل انتكاسة للثورة وتشويها خطيرا لمسيرتها واعلانا للافلاس ايضا , انا لا اتصور ان تصدر تصريحات من شخصية معارضة كانت مرشحة لمنصب وزاري ايام المجلس العسكري وهي تخاطب رئيس الجمهورية باسلوب بالغ الفحش و التدني , و المسالة هنا ليست متصلة باسم رئيس الجمهورية , وانما بالمنصب و المقام الذي هو جزء من مؤسسات الدولة التي نحرص علي حماية هيبتها وحرمتها , لانها احدي ضمانات ترسيخ مفهوم الدولة في حد ذاته , انها ليست شجاعة علي الاطلاق ان اتحدث مع رئيس الجمهورية بمثل هذا الاسلوب المتدني و الرخيص , بل هو افلاس يكشف عن انعدام الاحساس بالمسؤولية , هل يتصور احد ان مثل هذه الشخصيات يمكن ان تمثل بدائل سياسية مسؤولة تاتمنها علي دولة وحكومتها ومؤسساتها , كيف يستبيح لنفسه اعلامي معروف بعصبيته وتوتره المزمن ان يتحدث عن رئيس الدولة بما يقترب من السباب المحض واستباحة الكرامة , ثم هو يشتكي ان يغضب للرئيس انصار وان يردوا عنه بسلوك قد لا نرتضيه لكن لا يمكنك ان تسقط مبرراته الاخلاقية , لان بعض السلوك الاعلامي انهي الفواصل بين الاخلاقي وغير الاخلاقي في التعبير السياسي , ايضا لا اعرف اي معني او مبرر لسلوك بعض الكتل السياسية المعارضة بذهابها الي منزل رئيس الجمهورية وهي تحمل حزما من البرسيم وتهتف بكلمات غير لائقة ومهينة , ثم هم يشتكون اذا وصفهم الاسلاميون باوصاف عنيفة وجارحة ومشينة ايضا , واعتقد جازما ان مثل هذه السلوكيات تمثل ما يشبه اعترافا بالهزيمة و العجز اكثر من ان تكون تعبيرا عن شجاعة في الراي او نضالا سياسيا باي شكل من الاشكال , لن اتحدث هنا عن المشروعية و القانون , فهناك من يستبيح كل ذلك الآن ويعتبره غير موجود , ولكني اتحدث عما قبل القانون نفسه , احساسنا كمواطنين بالمسؤولية تجاه البلد وتجاه الدولة , لاننا من المفترض اننا الذين بنيناها و الذين نطورها ونحاول اصلاحها وتقويم ما يعتبره بعضنا اعوجاجا بها , فكيف نستبيح لانفسنا ان نهدم كل شيء فيها , ونؤسس للوحشية في السلوك السياسي عملا ولفظا , ونسقط هيبة واحترام مؤسساتها الرفيعة.
ان محاولة اهانة او اسقاط هيبة رئيس الجمهورية لا تصيب الرئيس محمد مرسي وحده , بل ستكون عبئا خطيرا علي اي شخص آخر لو اتت به الصناديق او المقادير , وبالتالي نعرض الوطن نفسه للتلاشي المستعصي علي الحل , من حق الجميع ان يحتج علي سياسات الرئيس او حزبه او جماعته , بل لا تستقيم ديمقراطية بدون معارضة واحتجاج , ولكن اتمني ان يكون لدي الجميع القدر الضروري من الاحساس بالمسؤولية في اخلاقيات هذا الاحتجاج , لقد انتصرت الثورة المصرية باخلاقياتها , وسوف تفشل مسيرتها لا سمح الله اذا استمر ذلك الانهيار و الانحدار في اخلاقيات الناطقين باسمها.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق