الفرق بين التظاهر و المتظاهرين و البلطجة و من يمارسها حلمي الجزار
ما حدث يوم الجمعة الماضي لافت للنظر ، فقد تنادت عدة احزاب وقوي سياسية للتظاهر امام دار القضاء العالي بشكل سلمي ، فيما عُرف بجمعة ' تطهير القضاء ' . وسواء اعترضنا علي عنوان المظاهرة او وافقنا عليه ، فقد استمرت بشكل سلمي حتي تعرض بعض المشاركين فيها لهجوم من مجموعات شبابية استعملت فيه الحجارة و المولوتوف. وكان صادما لكل متابع ان يري ذلك النفر من الشباب الذي صورته بعض القنوات الفضائية وهو يوجه الرصاص من اسلحة نارية صوب المتظاهرين السلميين فيسقط عدد منهم ، بعضهم الآن بين الحياة و الموت . لان رصاصات الاجرام اخترقت عظام الجمجمة او الرقبة لتصل الي المخ و النخاع الشوكي اللذين يشكلان الجهاز العصبي المركزي للانسان.
وما من شك ان الغالبية العظمي من المتابعين واهل الراي يرفضون ويستنكرون هذا التصرف الاجرامي ، لكن تباينت ردود الفعل من بعض الجهات علي هذا المسلك ، رغم ان احد الضحايا يعمل في صحيفة ' الراية ' ، فهو اذن ينتمي الي الاسرة الصحفية التي احتجت بشكل صاخب _ولها الحق في ذلك_ علي سقوط ضحايا آخرين من الاسرة الصحفية ، بينما استحق الشاب ابراهيم عبدالرؤوف زيارة خاطفة من السيد نقيب الصحفيين.
ويوم الاحد الماضي ، الموافق 21 ابريل ، ناقش مجلس الشوري بعضا من مواد قانون التظاهر السلمي ، اوضحت مواد القانون ان التظاهر السلمي حق مكفول للمواطنين من اجل التعبير الحر عن آرائهم وطلباتهم ، ونتساءل معا : هل ما يحدث من هجوم علي اي متظاهرين سلميين وما قد يستتبعه من سقوط ضحايا يندرج تحت مسمي التظاهر السلمي؟ و الاجابة معروفة ، ولا يمكن ان تضبط وزارة الداخلية وحدها فكرة التظاهر السلمي ، لكن اصبح ضروريا ان يتكاتف المجتمع باحزابه وجمعياته ليحافظ بنفسه علي سلمية التظاهر ، ويساعد علي ذلك التحديد الدقيق لموعد اي مظاهرة ومكانها و الغرض منها ، فتقوم قوات الامن بحراسة فاعلة لمكان التظاهر الذي يجتمع فيه المتظاهرون السلميون ، ويمكنها آنذاك ان ترصد بل وتلقي القبض علي كل من يُفسد سلمية المظاهرات سواء من داخلها او خارجها.
ومن الملاحظ ان معظم المظاهرات ، منذ قيام الثورة وحتي الآن ، تتم في ميادين وشوارع وسط القاهرة وغيرها من الميادين و الشوارع الرئيسية في كثير من المدن ، وكثيرا ما يحدث تعطيل مباشر للمرور وللانشطة التجارية في المحال التي تقع في دائرة المظاهرات ، وقد تحدث في كثير من الاحيان تلفيات في الممتلكات و المنشآت. كيف نصل اذن الي نقطة التوازن بين الحرية في اختيار مكان المظاهرة وبين عدم حدوث اي تلفيات او اختناقات مرورية؟ قد يحتاج الامر منا الي مزيد من الوقت كي نتدرب علي هذا الادراك ، لكنني اري ان الارادة الفاعلة لا بد ان تتوافر لدي الاحزاب و المنظمات و الافراد ، ايا كانت ميولهم السياسية ، لتكون هي نقطة البداية للتعاطي السليم مع هذا الحق الدستوري.
ومن المهم ان يُدرك كل فصيل سياسي ان لغيره الحرية في التعبير عن الراي ، فيُحظر تماما وجود فريقين مختلفين في نفس مكان التظاهر ، القانون قد يساعد علي ذلك ، لكن ثقافة التظاهر السلمي يجب ان تسري في كل العقول و القلوب حتي يتم تفعيل القانون. اما البلطجة وممارسوها فيجب حصارهم وعدم تمكينهم من المشاركة في التظاهر السلمي . لان بينه وبينهم بُعد المشرقين.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق