تعقب الساخرين اهانة للرئيس مرسي وائل قنديل


لو كنت مكان الدكتور محمد مرسي لطلبت فورا انهاء ملهاة الضبط و الاحضار و التحقيق مع التليفزيوني الساخر باسم يوسف بتهمة اهانة رئيس الجمهورية , ولطالبت في اللحظة ذاتها بالتحقيق مع ذلك المدرس الذي تطوع بوضع سؤال في امتحان اللغة العربية يحمل دفاعا عن شخص الرئيس واتهامات للمعارضة , لان هذا السلوك الاخير هو ما يسيء حقا لشخص رئيس الجمهورية ومنصبه.


ان هذا النوع من البلاغات التي تتعقب الساخرين من شخص الرئيس يهين الرئيس ويسيء اليه اكثر مما يدعمه وينصره , لان ناتج جمع هذه البلاغات سيكون ان رئيسا منتخبا لمرحلة تتجه صوب الديمقراطية يسمح بمطاردة الاعلام , ويسكت عن جره الي ساحات القضاء , مهما كان حجم الشطط و التجاوز و الانفلات الذي يمارسه هذا الاعلام -- وفي عصر صناعة الصور لن يتوقف احد عند مضمون ما يقدمه الاعلام , وسيتم تثبيت الكاميرا علي لقطة وحيدة , يجري بعد ذلك تكبيرها وتضخيمها , يظهر فيها النظام ممسكا بالسواطير لذبح الاعلام وحرق مساحات حرية التعبير.

وازعم ان هذا النوع من الاداء الاعلامي الغارق في السخرية , و المهتم بالسفاسف و الثانويات , يضيف للرئيس اكثر مما يخصم منه , وكلما انزلق هذا الاداء اكثر الي السخرية لمجرد السخرية , استفاد الرئيس كثيرا.

والامر هنا لا يتوقف عند حالة باسم يوسف , او الاعلام الساخر فقط , بل يمتد الي بنية المعارضة الحالية , بما تتسم به من كاريكاتورية وهزلية , تجعلها محصورة في دائرة السباب و الاعتماد علي تخليق الاكاذيب الصالحة للاستعمال مرة واحدة , حتي انك لا تملك الا ان تحسد النظام الحالي علي هذا الصنف اللطيف من المعارضة , التي يتعدي حجم خسائرها اليومية , ما يخسره النظام , رغم اخطائه وارتباكاته وتعثره في قرارات تضعه طوال الوقت هدفا للمدفعية الثقيلة.

وآخر منتجات هذا النوع من المعارضة ما راج علي مواقع التواصل الاجتماعي طوال الساعات الماضية منسوبا الي مجلة امريكية لا وجود لها اسمها ' فان تايم ' ويحمل صورة علي مساحة كبيرة للرئيس مرسي تحت عنوان ' الرئيس القرداتي ' وبالبحث وراء المنشور يتبين ان القصة كلها مختلقة ومصنعة في ورش الكذب الالكتروني , حيث تبدع آلة ' معارضة الفوتوشوب ' في فبركة هذا النوع من الصفحات المزيفة وتطلقها علي اوسع نطاق , في اطار الحرب غير الاخلاقية الدائرة هذه الايام.

ومرة اخري يقدم هذا النوع من المعارضة الخرقاء خدمات جليلة للرئيس ونظامه , خصوصا مع تكشف تهافت هذه الاكاذيب الاحترافية , التي لم تتوقف يوما , مدعية تارة ان مصر ستبيع القناة و الاهرامات و النيل للشقيقة قطر , وتارة اخري تجدها تلهو في ملاعب توكيلات الجيش للانقضاض علي الحكم , وثالثة باختراع حواديت صحفية عن الرئيس منسوبة لوسائل اعلام اجنبية لا وجود لها الا في المخيلة الخصبة لتجار الاكاذيب المنتشرين ببضاعتهم الزائفة.

علي ان ذلك كله ينبئ عن اننا نعيش في وطن صار فارغا من محتواه الحضاري و الاخلاقي , ولذا من الطبيعي ان يتضاءل حجم قضاياه ومعاركه الي هذا المستوي.

ليست هناك تعليقات :