فراج اسماعيل ... لا احد يمكنه الادعاء بان مصر تتمتع بقضاء نزيه ومستقل ومساند للثورة -- ولا احد ينفي ان اقالة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود كانت اول امانينا ومطالبنا من الرئيس محمد مرسي .
عقب الحكم ببراءة المتهمين في موقعة الجمل خرجت المظاهرات لتطويق دار القضاء العالي , مطالبة باقالة النائب العام , ومعتبرة انه نائب مبارك و النظام السابق , الذي اجهض القضايا وتلاعب في الادلة وتواني عن اتخاذ اجراءات سريعة تحول دون خروج المليارات التي هربت الي الخارج بعد تنحي الرئيس السابق عن الحكم.
لم يكن احد يريد استمرار عبدالمجيد محمود. كان كابوسا يطارد الثوار و التواقين لمصر الجديدة في نومهم. لا يجوز ان تدفع خصومتنا للرئيس او اختلافنا معه الي المطالبة بعودة النائب السابق , و القول ان قرار اقالته كان خاطئا , فمنصبه وجزء كبير من المؤسسة القضائية يحتاج الي تطهير , وهو ما ينطبق علي الاعلام ايضا.
اكيد ان الرئيس مرسي لن يستسلم ويهزم نفسه بتنفيذ حكم خاطئ. القاضي ليس نبيا يحكم بوحي يوحي -- في ظل الاجواء الضبابية المترصدة للثورة ولنظام لحكم الجديد لا يسلم عاقل نفسه لبعض من القضاة عليهم علامات استفهام.
نقلت ' المصري اليوم ' عن الاستاذ منتصر الزيات قوله ان اقالة عبدالمجيد محمود كانت من اهم مطالب الثورة , و الجميع كان يتفق علي ذلك , و الآن تغير الموقف , فنفس الذين كانوا يقفون ضده -- يقفون لرجوعه ويطالبون بالاطاحة بالنائب العام الحالي , وذلك كله لخلاف بينهم وبين السلطة الحاكمة و الرئاسة.
مما جاء في حديث الزيات الذي كان خاصا بقناة ' امجاد ' , ونشرت الصحيفة مقتطفات منه ان النص القانوني واضح في موقف النائب العام , ولكن القاضي اخطا عن علم وعين ولم يطبق القانون , فالاعلان الدستوري انهي مدة عبدالمجيد محمود. الاعلان الدستوري ملزم للجميع و الدستور الذي وافق عليه الشعب , لابد ان يكون هو الفيصل , ويستحيل ان تؤيد محكمة النقض حكم عودة النائب السابق.
ما يجب التوقف عنده وتامله جيدا هو قول منتصر الزيات : ' عندما علمت اسم المستشار الذي ينظر قضية عودة عبدالمجيد محمود , تيقنت انه سيصدر الحكم لصالحه ليتلقفه الزند ومن معه ' .
انه تلميح من محامٍ شهير الي طغيان عوامل شخصية -- فهل يخضع مرسي لتنفيذ احكام مشخصنة مخالفة للدستور تنزع عنه سلطاته وتحوله الي حاكم بروتوكولي؟!
لو فعل ذلك فقد تصدر احكام اخري تصل الي عزل الرئيس نفسه واثبات ان قرار اللجنة العليا للانتخابات بفوزه لم يكن صائبا , ولن يكون هناك اعتبار لتحصين قراراتها بموجب اعلان مارس 2011 الدستوري , استنادا علي سابقة تنفيذ حكم محكمة الاستئناف الذي لم يحترم حصانة الاعلان الدستوري و الدستور الدائم.
المستشار محمود حمزة , رئيس محكمة جنح الازبكية اصدر منذ شهور حكما شاذا بعدم قبول الدعوي الجنائية لرفعها من غير ذي صفة لانعدام شرعية النائب العالي . في اطار الاحتفالية التي اقامها يوم الخميس الماضي , نادي احمد الزند , المسمي بنادي القضاة , بمناسبة صدور حكم الاستئناف بالغاء تعيين طلعت ابراهيم نائبا عاما , تم استضافة حمزة ليزعم ان وزير العدل توعده بالتنكيل به وبشقيقه القاضي وشقيقه الآخر المحاسب.
ثم تلقفته فضائيات الفتنة لينسج الحكايات عن تلك البطولة -- لكن تجاهل وتناسي المحتفون به ان محكمة جنح مستانف الازبكية برئاسة المستشار ابراهيم محمد قضت بالغاء حكمه ذاك , واكدت ان تعيين النائب العام الجديد جاء مستوفيا للشروط الشكلية و الموضوعية التي حددها القانون و الدستور لتولي المنصب.
الحكم الذي اصدرته محكمة الاستئناف في جنح الازبكية , اكد ان الاعلان الدستوري هو الاداة القانونية التي تخول للسلطة القائمة ادارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية , حتي يتم اقرار دستور دائم لها , وبالتالي فان الاعلان الدستوري الصادر عن رئيس الجمهورية في 21 نوفمبر الماضي , و الذي تم بموجبه تعيين المستشار طلعت ابراهيم نائبا عاما , قد صدر عنه خلال المرحلة الانتقالية , باعتباره راس السلطة التنفيذية وقمتها وبوصفه سلطة حكم , وليست سلطة ادارة , وجاء في نطاق وظيفته السياسية التي تمكنه من اصدار اعلانات دستورية كرئيس منتخب , وفي اطار ما اوجبته عليه مسئوليته السياسية وواجبه الوطني.
واوضحت محكمة الاستئناف ان آثار هذا الاعلان الدستوري واخصها انتهاء مدة شغل النائب العام السابق لمنصبه بمرور 4 اعوام علي تاريخ توليه لمنصبه , قد تحصنت باقرار دستور دائم للبلاد تم استفتاء الشعب عليه.
اليس هذا كلام قضاء ايضا؟! -- اعلان دستوري صار اطارا قانونيا , ثم دستور دائم حصن نتائجه -- فلماذا تريد المعارضة ان تاخذ فقط ما يحقق لها شل سلطات الرئيس؟!
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق