500 جنيه تكلفة تحويل مسدس الصوت التركي الى سلاح ناري و الخطر الأكبر انفجاره في صاحبه بعد عملية التعديل


مع استمرار حالة التشديد الامني الكبيرة و الحملات المكبرة للبحث عن قطع السلاح المنتشرة في الشارع المصري , ومع ارتفاع اسعار السلاح الحي في السوق السوداء , و المهربة من دول الجوار , خاصة اسرائيل وليبيا و السودان , ابتكر بعض الشباب خاصة اصحاب مهنة الخراطة و الحدادة فكرة جديدة لتحويل السلاح الصوتي الذي دخل مصر عن طريق مافيا السلاح المهرب من تركيا ليطلق رصاصا حيا , او ليطلق رصاص ' بلي ' قاتلا علي المسافات القريبة.

وسلاح الصوت علي الرغم من عدم قدرته علي الايذاء او الاصابة بوضعه الاصلي , فانه مع تعديله يصبح قاتلا , وربما كان عدم تجريم اسلحة الصوت هو احد الاسباب لرواجها , حيث تجد محال بيع الاسلحة الصوتية , ومحال ادوات رياضة الصيد و الرماية _ وهي منتشرة في منطقة وسط البلد _ تعلق امام معروضاتها لافتة صغيرة تقول ' مسدس صوت _ لا توجد موانع قانونية لحيازته ' , وعندما تدخل المحل تجد ان اجراءات الشراء هي السهولة ذاتها , علي اعتبار انه لا يوجد نص قانوني يجرم او يسمح بحيازة او بيع اسلحة صوتية , وهذا ما اكده احد بائعي الاسلحة عندما قال : ' يا استاذ -- السلاح الصوتي هو الوحيد في القانون الذي لا يوجد نص يسمح به او يجرمه -- انه غير موجود اصلا في القانون , والا كيف ابيعه لك بدون ترخيص؟! -- هذه مسؤولية علينا ' .

اما عن تصنيع الاسلحة في مصر فهي كثيرة بعدما كانت تتركز في الماضي علي اماكن بعينها , مثل بعض قري محافظات قنا , واسيوط , و القليوبية , و البحيرة , و الدقهلية , وقد استطاعت اجهزة الامن خلال ثلاثة اشهر ضبط 16 ورشة لتصنيع الاسلحة , وضبط مع اصحابها كميات كبيرة من الاسلحة المصنعة محليا , و التي انخفضت اسعارها في الايام الاخيرة , فبعد قيام ثورة 25 يناير ارتفع سعر الفرد الخرطوش الذي كان ثمنه لا يزيد علي 600 جنيه الي 3000 جنيه , الا انه بعد تدفق الاسلحة من الحدود الليبية انخفض سعر هذه الاسلحة عن سعرها ايام ثورة 25 يناير , ليصل سعر الفرد الخرطوش ما بين 900 و1100 جنيه , في حين وصل سعر المسدس الصوت الذي يطلق اعيرة نارية ما بين 2000 و3000 جنيه , بعد ان وصل سعره بعد الثورة الي ما يقرب من 5000 جنيه , وكان عدد كبير من المواطنين يفضلون شراءه حتي يتهربوا من المسؤولية في حالة ضبطه معهم من قبل اجهزة الامن.

سوق الاسلحة الصوتية -- حول مسدسك الي حي ب 500 جنيه -- حياتك في خطر , واذا كانت خطورة السلاح الصوتي الظاهرية هي شكله , و الصوت الناتج عنه , فان الخطورة الحقيقية تكمن في امكانية تحويله الي سلاح ناري , فيؤكد احمد جمال , احد خبراء الاسلحة الخفيفة , ان تحويل السلاح الصوتي الي سلاح ناري امر يعد بسيطا نوعا ما , فالموضوع يقتصر علي استبدال ماسورة ضرب النار بالمسدس الصوتي , بماسورة اخري تصلح لاطلاق الاعيرة الحية عن طريق ورشة خراطة , وهو ايضا تكلفته بسيطة اذا ما قورنت باسعار المسدسات الحية , حيث يتكلف الامر ما بين 300 و500 جنيه.

و يضيف الخبير : في الوقت نفسه قد يصبح هذا السلاح المتحول خطرا علي صاحبه , حيث تكون الماسورة الجديدة غير مخروطة بدقة , او تكون بقية اجزاء السلاح اضعف من الماسورة الجديدة , و هو ما يعرضه لانفجار الطلقة داخل المسدس , او باتجاه المُطلِق اثناء الضرب , و هذا يعرض حياته و حياة من حوله للخطر .

و عن التصرف القانوني ازاء ضبط هذه الاسلحة يقول اشرف سعد , محام بالجنايات , ان الامر يعود الي الضابط او امين الشرطة الذي يضبط السلاح و حائزه , فهناك من يصادر السلاح الصوتي و يترك حائزه , و هناك من يحيل القضية الي النيابة باعتبارها حيازة سلاح دون ترخيص , و يترك للنيابة حرية التصرف مع المتهم , و التي غالبا ما تكتفي بمصادرة السلاح الصوتي , و صرف المتهم من سراي النيابة .

يقول احد تجار اسلحة و ادوات الصيد ان تحويل مسدس الصوت الي حي او ' بلي ' موضوع وارد و ممكن , لكنه في منتهي الخطورة , لان اتفاقيات السلاح تنص علي مواصفات معينة للاسلحة و المسدسات , و ذلك تحت بند مكافحة الارهاب و الاستخدام السيئ , و لا يوجد مسدس صوت به ماسورة حديد او صلب , و لو وجد لن يتحمل الاحتكاك و الحرارة الرهيبة الخارجة من الطلقة لان المسدس سوف يضرب اول طلقة و الثانية , و في الخامسة تنفجر الماسورة , رغم تقويتها , و لكن اغلب مسدسات الصوت القديمة القابلة لهذه التحويلات تحتاج رصاصة 8 مللي او 8.5 مللي , او اقل , و هذه النوعية من الرصاص اصبحت منقرضة و قليلة جدا في السوق , و تكاد تكون غير موجودة , لان الجديد كله 9 مللي , و بالتالي فالتحويل غير عملي و في منتهي الخطورة .

و يعترف ' سيد ' , صاحب ورشة خراطة و حدادة صغيرة , بطريقة التصنيع , فيقول : ان تصنيع مسدسات و بنادق محلية الصنع ' المقروطة و الفرد الخرطوش و البنادق الساقية ' و التي انتشرت بصورة كبيرة بعد احداث الثورة , هو عبارة عن ماسورة الكباس القديم و الماسورة الصغيرة , الا انه مزود بمقبضين حتي يمكن التحكم فيه و حمله بيد واحدة , بالاضافة لسوستة داخل الماسورة الصغيرة بها يد لسحب السوستة لتدفع ابرة ضرب النار لاطلاق الطلقة و يستخدم بطريقة طلقة واحدة , و بعد اطلاقها يتم وضع الاخري لاطلاقها , علي طريقة البنادق الخرطوش .

و تعد خطورة مسدس الصوت المعدل لضرب البلي في انه سريع التصنيع , و قليل التكلفة , و يباع باسعار زهيدة حيث يتكلف تصنيعه حوالي 25 جنيها و يباع لمستخدميه بما يتراوح بين 300 و 500 جنيه , و الطلقة ب 15 جنيها .

اما طلقات الخرطوش فهي عبارة عن عبوة بلاستيكية محشوة بالبلي الحديدي و البارود الاسود , و الخارجون علي القانون يقومون بفك هذه العبوات و استبدالها ببلي كبير الحجم حتي يكون لها تاثير كبير نحو الهدف , الي جانب ان البعض يقومون باعادة تعبئة الطلقات بعدد من البلي الزجاجي الصغير الحجم , و الذي يتحول اثناء اطلاقه الي كرات من اللهب , مما يصعب علي خبراء المعمل الجنائي و الطب الشرعي تحديد نوع السلاح المستخدم في كثير من الجرائم .

و يقول اسعد , طالب , ان تحويل مسدس الصوت التركي الي حي بدا في مصر , ولوحظ في الفترة الاخيرة تواجد مسدسات حي اصلها صوت , وبدات اولا في دول الخليج وليبيا , وامتدت الي مصر , حيث يتم ' ترهيم ' الماسورة من الداخل , وهي في الاساس لا تحتمل الضغوط و الاحتكاك الناتجة عن الطلق الحي , و المسدسات مكتوب عليها ماركات عالمية : باريتا _ استرا _ ارمتيك , وتباع باسعار عالية علي انها مسدسات اصلية , وفي هذه الايام من السهل النصب , وعموما هي تجارة رائجة بين شباب الجامعة , بينما تقبل الفتيات علي ' السيلف دفينس ' , او ' الالكتريك شوك ' .

ويضيف سعد , مهندس : ' الموضوع مجرد نصب لجعل المسدس ابو 500 يساوي 5000 , ناهيك عن خطورته , ولا تنس ان مسدس الصوت مصنع من الانتمونيا عكس الحي فهو مصنع من سبائك صلب حراري لتحمل قوة الانفجار و الحرارة و الضغط الناتج لانفجار الطلقة , و المشكلة ليست في ماسورة صلب يتم تركيبها ويصبح كله تمام وميت فل وعشرة , وابعاد الرصاصة تختلف كليا عن الحية , وابعاد الخزنة ايضا تختلف عن الحية , وكذلك الاجزاء الحاملة للرصاصة وغير ذلك , نستطيع ان نلخص ما سبق في ان عملية تحويل مسدسات الصوت الي مسدسات حية عملية مستحيلة وخطيرة للغاية , وقد تضر المستخدم بصورة كبيرة قد تؤدي للوفاة ' .

ونتيجة حالة الانفلات الامني الموجودة بعد الثورة تصدرت قائمة من الاسلحة المحظورة في مصر قائمة المبيعات في السوق غير الشرعية المفتوحة , و التي سجلت اعلي معدلات المبيعات و الارباح , و التي قدرت بالملايين من الجنيهات خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة , بداية من فبراير الماضي حتي الآن , ومازالت اسواق البيع و الشراء تشهد رواجا غير مسبوق , و المثير مزاحمة شريحة الشباب المتعلم تجار السلاح غير الشرعي في مصر , ولم يكتفوا بذلك , فعلي الرغم من عدم المشروعية فان معظم تلك الصفقات تتم في شبه علانية , في ظل غياب امني وبالتبعية قانوني , وامام اغراءات ربحية تتخطي ال في المائة 300 في معظم الحالات.

ويبرر احد ضابط شرطة_ رفض الكشف عن هويته_ لجوء البعض لهذه الظاهرة , بان الطبنجات الحية المهربة , و التي لا ينطبق علي كونها ' ميري ' تضاعفت اسعارها حيث بلغت الطبنجة البريتا مثلا 9000 جنيه , في حين ان الميري لم تتجاوز في السوق السرية 3000 علي اعلي تقدير , ايضا حدث ارتفاع جنوني في اسعار السلاح الشرعي , اقل طبنجة وهي ' حلوان ' اصبح سعرها الآن 12000 , وهناك نوعيات اصبح ثمنها 85000 جنيه , و السبب توقف الاستيراد , وندرة المعروض , واستغلال الاقبال , وشجع علي هذا ضعف التواجد الامني , و الشعور بالانفلات , وغياب القانون , وزيادة حوادث السطو و السرقة بالاكراه.

ويضيف خبير قانوني : ' مادامت الاسلحة تباع خارج منافذها الشرعية , المحال المرخص لها ببيع السلاح الناري الحي و الفشنك و الابيض وادوات الصيد ومستلزماتها , فقد دخلنا في اطار مخالفة القانون , ايضا اساءة الاستخدام وتعريض الآمنين للايذاء يعرض المستخدم للوقوع تحت طائلة القانون ' , ويضيف : لمزيد من الايضاح فان المشرع _ في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بشان الاسلحة و الذخائر _ لم يطلق التجريم بالنسبة لاي سلاح , انما عمد الي تحديد انواع الاسلحة التي تشملها دائرة التجريم علي سبيل الحصر في جداول اربعة الحقها بالقانون , وهي جدول الاسلحة البيضاء , وجدول الاسلحة النارية غير المششخنة , وجدول الاسلحة النارية , وجدول الاجزاء الرئيسية للاسلحة النارية. ويبرر د. محمد السيسي , استاذ الطب النفسي , ظاهرة لجوء المصريين الي حمل السلاح المرخص او غير المرخص الي عدة اسباب , اهمها غياب الامن الاجتماعي , نتيجة انشغال الامن بالدور السياسي بشكل كبير جدا استغرق اغلب طاقته , بالاضافة الي البطء الشديد في التقاضي , وياس المواطن من استرداد حقه بالطرق و المسالك القانونية , وهو ما يولد شعورا داخل نفوس المواطن بان عليه ان يحمي نفسه واسرته.

ويضيف السيسي ان هذه الظاهرة مرشحة للتصاعد نتيجة الحالة الاجتماعية المضطربة , و الانهيار المجتمعي الشديد , وانتشار الفساد , وتفسخ القيم و الاخلاق , وهو ما عكسه تقرير وزارة التنمية الادارية عن سلوك المصريين من ان في المائة 55 من المصريين لا يرون في الكذب مشكلة , وان في المائة 39 اقروا بدفع رشاوي لانهاء مصالحهم , الامر الذي يعكس انتشار وقبول المواطنين لقيم سلبية , وانتشار هذه القيم السلبية ادي الي عدم وجود ثقة في التعامل بين المواطنين.

ليست هناك تعليقات :