كيف تنتقل مصر من حافة الهاوية لتصبح دولة قوية شعبها مترف ؟ ابراهيم يسري

لن نختلف كثيرا اذا ما قلنا ان مصر تمر بعد ثورتها العظيمة بازمات طاحنة في الداخل وخلل في تحديد استراتيجية لادارة علاقاتها الخارجية ولا يجوز ان نبالغ في القاء المسئولية في هذا التدهور علي طرف دون آخر فكلنا شركاء فيه وكلنا مخطئون -- ولا اعتقد ان تناول المشهد الداخلي سيفصح عن حلول سحرية لصراع عبثي محتدم تمضي فيه جميع الاطراف دون هوادة ولا تقبل الا تحقيق اهداف كل طرف لمصالحه ورؤاه دون تدبر الوضع الخطير و الخسائر الكبيرة التي يسببها هذا الصراع و الذي يستغل فيه كل طرف شبابنا النقي غير المسيس فيلقون في جوفهم طوفانا عارما من الكراهية للآخر كوسيلة لممارسة التنافس بين القوي السياسية التي ترفض الآليات الديمقراطية. ولكن الامل ما زال يحدونا للتغلب علي هذه الصعاب رجوعا لضمائرنا واحقاقا لوطنيتنا.
ومع ذلك قد يكون من المهم الا نغفل عن ان نحاصر وبسرعة وقوة وجدية الاخطاء الجسيمة التي تهددنا من خارج الحدود وان نعيد ترتيب تحالفاتنا وعلاقاتنا بعدد من الدول. ولابد ان اشير هنا الي جدية واهمية الزيارات التي قام بها الرئيس منذ توليه سواء لاغلاق مضامين لم تعد صالحة او لاعادة فتح ملفات كانت راكدة في الادراج دون حساب لتغيرات سياسية واقتصادية بل وعسكرية مهمة وجديدة.
●●●
وابدا هنا بالدعوة الي ترسيخ تركيزنا علي اعادة بناء اقتصاد الدولة ورفاهية شعبها واستبعاد اي توجهات لاستخدام القوة في المنطقة خلال عدة عقود من الزمن دون التنازل عن حقنا في الدفاع عن ترابنا ومصالحنا الحيوية التي تهدد وجودنا وتعرقل جهودنا في التنمية معتمدين علي جيشنا كواحد من اقوي جيوش المنطقة.
وفي الموضوع اشير الي المخاطر الشديدة و القضايا العاجلة التي تستوجب اتصالات نشطة ومفاوضات مضنية وتصميم علي الحفاظ علي كياننا ومكونات وجودنا :
اولا : مياه النيل التي قابلنا اخطار انحسارها وقلتها باهمال جسيم ولامبالاة غير مبررة , واشير بالطبع الي مؤامرة اتفاقية عنتيبي التي دبرت بليل ضد مصر و السودان بالدرجة الاولي و التي ساهمت فيها الي جانب دول المنبع مؤثرات اسرائيلية وامريكية واستفادت منها اقتصاديا دول صديقة مثل الصين وايطاليا. و الآن يوشك سد النهضة الاثيوبي علي الاكتمال وتتخذ اثيوبيا ودول المنبع اجراءات التصديق علي اتفاقية عنتيبي واخطر تطور هنا هو انضمام جنوب السودان لهذه الدول رغم الاتفاقيات العديدة التي وقعها رئيس وزرائنا لمساعدة هذه الدولة. ولئن كان نظام مبارك مسئولا عن هذه الكارثة فلا اجد من المشاركين في اهمالها اكثر من رئيس وزرائنا الذي امسك بملف مياه النيل طوال عقد او اكثر من الزمان تحت رئاسة اكثر من وزير للري دون ان يعقب اثرا او ينبه للخطر ويقبل الاستمرار في عمله دون الاستقالة او علي الاقل اعلان رايه في المحافل المصرية. وقدمت قبل الثورة خطة عمل لوزير الخارجية ورئيس المخابرات العامة وامضيت السنوات الخمس الاخيرة في تنظيم الندوات و الاسهام فيها للتنبيه لخطورة المشكلة دون ادني جهد في العمل الجاد و المثابر لدفع هذا الخطر. لذلك يقتضي الامر تحركا سريعا جادا وقويا ورادعا حتي لا تجف بحيرة ناصر ويصبح السد العالي متحفا تاريخيا لا يحفظ لنا ماءنا ولا ينتج حتي الكهرباء.
ثانيا : الاستيلاء علي حقول غنية للغاز الطبيعي تقع في منطقتنا الاقتصادية الخالصة وجرفنا القاري باتفاقية مفبركة مع قبرص تعتمد علي خرائط مزيفة وتحرمنا من ثروة هائلة تصل الي مئات المليارات من الدولارات وقد رفعت بشانها دعوي الغاء امام مجلس الدولة كما قدمت للمسئولين خطة مقترحة للتعامل مع هذا الامر.
ثالثا : تكثيف ودعم التعاون و التكامل بين مصر و السودان وليبيا , واقامة علاقة وثيقة مع ليبيا وتقديم المساعدات اللازمة بما في ذلك الجوانب العسكرية وقضايا الامن وتحقيق ما اصطلح علي تسميته بالمثلث الذهبي.
رابعا : اعادة العلاقات مع ايران وتعظيم التبادل الاقتصادي و الصناعي و الفني معها و العمل علي تعاون مصر وايران وتركيا كقوي اقليمية بالمنطقة.
خامسا : الاحتفاظ بعلاقتنا التقليدية مع الولايات المتحدة في اطار استقلال القرار المصري وعدم المساس بمصالحنا و المضي فيما اسفرت عنه زيارة الرئيس لروسيا من امكانيات تعاون اقتصادي وتكنولوجي واستيراد قطع غيار الاسلحة الروسية في سياق سياسة تنويع مصادر التسلح وتعزيز علاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي بالاضافة الي الصين و الهند و البرازيل.
●●●
والاهم من ذلك كله هو ان تبادر القوي السياسية و الشعبية بالتظاهر دعما لحقوقنا السليبة في الجنوب و الشمال تاييدا للحكومة وضغطا عليها في آن واحد.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق