أردوغان يحول تركيا الى النظام الرئاسي قبل الجلوس على كرسي الرئيس
تستعد تركيا لان تعيش صيفا سياسيا ساخنا , بعد ان قرر رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان خوض معركة جديدة بتحويل الدولة من النظام البرلماني الي الرئاسي , حيث سيقوم حزبه الاسلامي ' العدالة و التنمية ' بطرح مشروع دستور جديد للبلاد و القيام بحملة لضمان تمريره قبل نهاية العام الجاري 2013 , لتبدا تركيا مرحلة جديدة تنسلخ فيها من المبادئ ' الاتاتوركية ' التي ظل الجيش يحميها منذ تاسيس تركيا الحديثة في 1923.
وستنضم تركيا بهذا الي 38 دولة في العالم , يقوم نظامها الاساسي علي النظام الرئاسي لتصبح الدولة ال39 , ومن ابرز تلك الدول امريكا وكوريا الجنوبية وفنزويلا و المكسيك وكينيا و البرازيل وافغانستان , وتخطو تركيا اخطر خطواتها , حيث ان العديد من الدول التي تتعامل مع هذا النظام * باستثناء القليل منها * تحولت بسبب تكدس السلطات في يد شخص واحد الي ' انظمة ديكتاتورية ' , و النظام الرئاسي في تركيا سيضع في يد الرئيس صلاحيات اكبر , الا ان اردوغان سارع بارسال رسالة طمانة الي شعبه بان هذه الصلاحيات ستعين بلاده علي المضي في خطط الاصلاح , وتسلسلية في اتخاذ القرارات , بل ويري انه سيعزز الديمقراطية في تركيا , ويخلِّص السلطة التنفيذية من الاعباء البيروقراطية و الطرق الملتوية الطويلة في سير الاجراءات , واضعا امام الشعب التركي الحلم الامريكي , القوي العظمي في العالم , و التي يحكمها نظام رئاسي.
ورغم الاهداف السامية التي رفعها رئيس الوزراء التركي , فان ' طموحه الشخصي ' كما يقول دكتور مصطفي اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية و الاستراتيجية بالقاهرة الذي بات واضحا في السياسة التركية , وهو الاساس وراء مناداته بهذا التغيير , حيث ان سعي اردوغان لتغيير النظام الحاكم في تركيا من برلماني الي رئاسي يصب في مصلحته الشخصية , بانتقاله من رئيس الوزراء الي قصر الرئاسة.
اللباد لفت الي ان اردوغان هو الاكثر حظا للحصول علي منصب اول رئيس تركي منتخب مباشرة من الشعب طبقا للتعديلات الدستورية , فمنذ تولي حزبه العدالة و التنمية في 2001 , هيمن اردوغان علي المشهد السياسي , وحقق نموا اقتصاديا سريعا , وهزم المعارضة في 3 انتخابات متوالية , ولكن بموجب لوائح الحزب لا يستطيع اردوغان الحصول علي فترة اخري كرئيس للوزراء , وبات معروفا في وسائل الاعلام قبل الانتخابات الاخيرة , بانه يرغب في الانتقال الي النظام الرئاسي , قبل انتهاء ولايته في عام 2015.
ويرغب اردوغان في ان يظل في مقدمة المشهد السياسي التركي حتي عام 2023 حيث الاحتفال بالذكري المئوية لتاسيس الجمهورية التركية , وان ينجز مشاريع عديدة الي ذاك التاريخ , تجعل تركيا اكبر قوة اقليمية , حيث انه في حال انتخاب اردوغان لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2014 , عقب انتهاء ولاية الرئيس الحالي عبد الله جول سوف يتم اختياره لمدة خمس سنوات , لتتم اعادة انتخابه لفترة رئاسية اخري , فسيكون حينئذ رئيس الجمهورية لمدة عشر سنوات , الا ان بقاء اردوغان من العام 2001 وحتي 2014 كرئيس وزراء , ثم رئيسا للجمهورية حتي العام 2024 , وضع هواجس كبري لدي المعارضة التركية التي اعلنت بلا تردد رفضها للنظام الرئاسي جملة وتفصيلا , بحجة انه قد يؤدي الي السلطنة و الدكتاتورية , وان يصبح اسلوب اردوغان السلطوي اكثر وضوحا , اذا نال صلاحيات الرئيس دون وجود برلمان لديه القوة الكافية لكبحه.
و يؤكد اللباد ان حزب العدالة و التنمية الحاكم في تركيا , لا يملك اغلبية دستورية لاحداث تغيير سياسي بمفرده , فهو لا يتمتع بثلثي مقاعد البرلمان حتي يمرر الدستور , ولا الاغلبية التي تمكِّنه من احالته الي الاستفتاء الشعبي , وبالتالي فان الحزب الحاكم يحتاج الي احداث توافق مع الاحزاب المعارضة اذا كان يسعي للتغيير.
اردوغان يسعي الي اقصاء سيطرة الجيش علي الحياة المدنية منذ ان اسس كمال اتاتورك الدولة التركية الحديثة , ظل الجيش حاميا للدستور و الدولة العلمانية , الا ان اردوغان عبر دستوره الجديد يتطلع الي الحد من صلاحياته , حيث يمارس نفوذا كبيرا علي التوجهات السياسية لتركيا , وعملية صنع وتنفيذ القرار في كل المسائل المتعلقة بالامن القومي التركي الداخلي و الخارجي , كما يتحكم بتعيين اعضاء المحكمة الدستورية , و المجلس الاعلي للقضاء , وحظر الاحزاب السياسية , وبالطبع فان النظام الرئاسي سيخلص اردوغان من قبضة الجيش , و سيصبح هو حامي الدستور بدلا من المؤسسة العسكرية , لانه هو المسؤول عن حماية الدستور وتطبيق القوانين وتقديم مشاريع القوانين وتعيين كبار القضاة و الوزراء وكبار الموظفين , وسيكون المسؤول بصورة اساسية عن علاقات تركيا بالدول الاجنبية .
شعبية اردوغان وانجازاته هي الحامي لمرور دستوره الدكتور سعيد لاوندي , خبير العلاقات السياسية الدولية بالاهرام , يري ان الشعبية الكبيرة التي يحظي بها رئيس الوزراء التركي , تؤهله الي احداث هذا التغيير السياسي و الدستوري الجذري في تركيا , خاصة ان الرجل يسعي دائما الي تحول تركيا من دولة تابعة لحلف شمال الاطلسي ' الناتو ' الي دولة مؤثرة .
و يتابع : كما ان لاردوغان مواقف دولية هامة تعكس قوة الموقف التركي الذي يجسده من مواقف خارجية عدة , خاصة المصيرية منها , ففي مؤتمر دافوس الاخير ترك اردوغان الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز احتجاجا علي الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية .
في حال اقرار الدستور اردوغان وجول سيتبادلان المقاعد العام القادم تشير التقديرات و المؤشرات الي ان العام القادم سيشهد تحولا تركيا علي الطريقة الروسية , حيث سيتبادل اردوغان و صديقه الرئيس الاخير لتركيا في نظامها البرلماني عبد الله جول الاماكن , حيث سيتولي رئاسة حزب العدالة و التنمية , و ذلك حلا حتي لا يغضب جول الذي افصح صراحة عن تخوفه من تحول تركيا الي النظام الرئاسي , مشددا علي ضرورة ان يكون هناك توافق حول هذا الامر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق