ساينس مونيتور الأمريكية ترصد الجماعة الاسلامية بعد الثورة و الزمر يؤكد أن العمل السلمي أفضل


ابرزت الصحيفة الامريكية ' ساينس مونيتور ' في عددها اليوم الاربعاء , المحاولات الحثيثة التي تبذلها الجماعة الاسلامية في مصر لكي تتحول الي قوة سياسية في الديمقراطية الناشئة , بعدما كانت تمارس العنف ضد الحكومة لعدة عقود , ونقلت الصحيفة علي لسان مراقبين قولهم ان ماضي الجماعة الاسلامية سيظل يطاردها , رغم المسار السياسي الذي تحاول ان تنتهجه.

في البداية , تحدثت الصحيفة عن طارق الزمر , مسئول المكتب السياسي بحزب البناء و التنمية , ورصدت التناقض بين الاشياء ذات الدلالة الدينية التي تملا مكتبه , وارتدائه البدلة , وهو ما يعكس التناقض بين محاولاته لان يبدو رجل سياسة عادي , وتاريخه من السجن في اعقاب تورطه في اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات في عام 1981.

وقالت الصحيفة ان محاولات طارق الزمر للتحول الي رجل سياسة عادي تعد جزءا من محاولات الجماعة الاسلامية , للتحول من كونها جماعة ارهابية الي قوة سياسية , وهو ما بدا بتاسيس حزب البناء و التنمية في اعقاب ثورة يناير , وبالرغم من ان الجماعة كانت قد اعلنت نبذها العنف في 2003 , لكن لم تتجلَ مظاهر ذلك الابتعاد عن العنف , ويتبلور ادراكها لعدم جدواه الا مع اندلاع ثورة 2011 , فعن ذلك يقول الزمر : ' لقد وضعت ثورة يناير قواعد جديدة , فقد اثبتت لنا ان الطرق السلمية نتائجها افضل من العنف ' , واكد الزمر انه الآن يؤمن بان خلع السادات كان افضل من قتله.

وكانت الجماعة الاسلامية قد لجات الي العنف في مواجهة القمع و التعذيب الذي كان يتعرض له الاسلاميون , سواء في عهد الرئيس السادات او في عهد الرئيس مبارك. ففي التسعينيات , شاركت الجماعة في اعمال عنف ضد النظام باستهداف السائحين للاضرار بالاقتصاد واسقاط الحكومة. وبالرغم من ان ردود الفعل تجاه مقتل السادات كانت متباينة في مصر , كان هناك رفض عام لمقتل السائحين علي مقربة من معبد حتشبسوت في الاقصر , كما دفعت تلك الحادثة السلطات الي شن حملات قمعية اكثر قسوة علي الجماعة المسلحة , وهو ما جعلها تدفع ثمنا باهظا لافعالها , حيث قُتل ما يزيد عن 2000 من افرادها في الهجمات و الصدامات مع السلطات , وتم اعدام 100 وسجن الآلاف لعدة عقود.

ثم بدات رحلة الجماعة للمصالحة مع المجتمع , وذلك في اطار ما عرف باسم المراجعات الفكرية , و التي استمرت لسنوات عديدة حتي اعلنت الجماعة بشكل واضح نبذ العنف في 2003 وادانتها لتنظيم القاعدة , ثم اعقب ذلك اطلاق سراح الآلاف منهم , فعن ذلك يقول عماد شاهين , استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية بالقاهرة : ' لقد ادركوا ان العنف في دولة قوية وقمعية ليس هو الوسيلة المثالية للتغيير , فهناك عدم توازن استراتيجي , وبالتالي , سيخسرون في النهاية ' .

وقبل عدة سنوات , كان ظهور الجماعة كقوة سياسية غير ممكن , حيث كان العديد من اعضائها مازالوا في السجون , كما ان من اطلق سراحهم كان يعزفون عن المشاركة السياسية , وهو ما تغير مع الثورة وانفتاح الفضاء السياسي بعدها . فسرعان ما عقدت الاحزاب الاسلامية تحالفات سواء مع الاخوان المسلمين او مع الاحزاب السلفية الذين شكلوا معا 70 في المائة من المقاعد في البرلمان .

و يبذل حزب البناء و التنمية الذي يعد احد الاحزاب السلفية التي تحاول ان تخلق لنفسها هوية سياسية جهودا مضنية للعب دور سياسي , ولكن السؤال بشان قدرته علي تجاوز ماضيه الذي يتسم بالعنف وامكانية بزوغه كقوة سياسية فاعلة ومستقلة عن الاحزاب الاخري للتيار الاسلامي , سيظل سؤالا مفتوحا .

ليست هناك تعليقات :