حلمي الجزار يكتب عن تهنئة الأقباط فى أعيادهم الدينية


من المعلوم ان الدين الاسلامي يشتمل علي العقائد و العبادات و المعاملات و الاخلاق. وتختلف العقائد عند المسلمين بشكل واضح مع غيرهم من اتباع الاديان الاخري , وكذلك تختلف العبادات من دين الي آخر , ويعتز كل اتباع دين بعقيدتهم وعباداتهم.

ولقد ثار حوار طويل ولغط كبير حول تهنئة الاقباط باعيادهم. وترتبط الاعياد عند الاقباط بشكل واضح بعقائدهم الخاصة , بينما نجد الاعياد عند المسلمين مرتبطة بالعبادات بشكل اوضح , فعيد الفطر ياتي بعد صيام شهر رمضان , و الصيام عبادة , وعيد الاضحي مرتبط ارتباطا لا ينفصم بالحج وهو عبادة ايضا , بيد ان العبادتين كلتيهما ' الصيام و الحج ' تشكلان ركنين من اركان الاسلام , وبالتالي فالارتباط بين العيدين و العقيدة الاسلامية واضح ايضا.

لكن التهنئة بالمناسبات الدينية اكثر اتصالا بالمعاملات , فالزواج امرٌ ديني و التهنئة فيه من المعاملات الاجتماعية , وعلي ذلك يجب ان يكون هناك تفريق بين ما هو عقائدي وما هو متصل بالمعاملات. وحينما يتقدم اي مسلم بالتهنئة الي زميل او صديق قبطي فانه لا يستحضر العقيدة عند هذه التهنئة , فالزواج _مرة اخري_ عند اخواننا الاقباط يُعتبر من الاسرار الكنسية السبعة وهي تشكل جزءا مهما من العقيدة المسيحية , ولا يمكن ابدا عند تهنئة عروسين قبطيين ان يستحضر المهنئ في ذهنه هذه الاسرار الكنسية السبعة.

والازهر الشريف بشيخه وعلمائه وفضيلة المفتي لا يرون باسا في تهنئة الاخوة الاقباط بكافة اعيادهم , فهل يُعقل ان يدعي احد ان هؤلاء جميعا _اقصد شيخ الازهر وسائر العلماء وفضيلة المفتي_ ليس عندهم من العلم و الفقه ما يجعلهم يختارون الطريق الاسلم في التعامل مع هذه المناسبات؟! ان الازهر يوفد وفدا رفيع المستوي يراسه غالبا شيخ الازهر لتقديم التهنئة. ولقد رضيت التيارات الاسلامية كلها راي الازهر في بعض مواد الدستور المتعلقة بالشريعة الاسلامية , فمن المنطقي ان نرضي ايضا بالاختيار الفقهي للازهر الشريف في موضوع تهنئة الاخوة الاقباط.

ان الاثر الاجتماعي لهذه التهنئة اثر ملموس وايجابي يمكن ان ندعم به امر الوحدة الوطنية التي لا يمكن الاستغناء عنها , بل وندعم به ايضا مبدا المواطنة التي نص عليها الدستور , اما التردد و الحيرة في توجيه هذه التهنئة فيؤثر دون شك في مبداي المواطنة و الوحدة الوطنية.

ربما يحدث مثل هذا الارتباك في مجتمع ليس فيه الا المسلمون , فيكون غريبا عليهم ان يتوجهوا بالتهنئة لاتباع الاديان الاخري ان التقوا بهم في محفل او آخر , لكن مصر احتضنت اتباع الاديان الثلاثة الاسلام و المسيحية و اليهودية , ونتج عن ذلك تعامل اجتماعي لا اظنه ابدا يصطدم بالعقيدة الاسلامية.

انني اتوجه بالتهنئة للاخوة الاقباط ولا اجد تعارضا بين التهنئة _وهي عمل اجتماعي_ وبين ما جاء صريحا في سورة النساء التي احفظها وبصفة خاصة الآيتان ' 157 , 158 ' وتشكل جزءا مهما من العقيدة الاسلامية حول طبيعة وحياة السيد المسيح _عليه السلام_ فيا اقباط مصر , كل عام وانتم بخير .

ليست هناك تعليقات :