الخلل الذي أصاب جبهة الانقاذ في المخ عماد الدين حسين

اذا صح ان جماعة الاخوان تفكر و تعمل علي تاجيل الانتخابات النيابية القادمة و ترحلها الي العام القادم بدلا من اجرائها بعد اربعة شهور , فمعني ذلك ان المعارضة السياسية و الممثلة اساسا في جبهة الانقاذ مصابة بعمي او حول سياسي مزمن , و تحتاج الي الذهاب الي جراح عيون ماهر , او ربما الي مستشفي عالمي للتاكد من سلامة سائر وظائفها الحيوية خصوصا المخ .
الكلام عن تاجيل الانتخابات كان يتردد في اروقة كثيرة , لكن اوضح علامة عليه جاءت في تصريحات الدكتور جمال جبريل المستشار القانوني للرئيس محمد مرسي لصحيفة الوطن قبل يومين .
المعارضة تقول ان السبب الرئيسي لمقاطعة الانتخابات هو انها تخشي غياب ضمانات النزاهة , لكن هناك سببا في العقل الباطن يتمثل في خوفها من الهزيمة , الامر الذي سيكرس في هذه الحالة شرعية الرئيس محمد مرسي و جماعة الاخوان .
بالطبع سوف تنفي جبهة الانقاذ هذا السبب , و تركز علي غموض قانون الانتخابات و ممارسة الحقوق السياسية , و هي محقة فيه الي حد كبير .
الحول السياسي الذي اصاب غالبية قوي المعارضة هو الذي يمنعها من رؤية الازمة التي تعيشها جماعة الاخوان المسلمين في الشارع المصري خصوصا في القاهرة الكبري و مدن المحافظات .
الجماعة باختصار و بموضوعية ورثت تركة ثقيلة للغاية , و بلدا شبه محطم بسبب سياسات مبارك , لكن المشكلة ان الجماعة بلا خبرة او تجربة او كفاءة لتبدا في الاصلاح و الاخطر انها تعتقد انها قادرة علي العمل وحدها , و لا تستمع لمن ينصحها .
لدينا ازمة اقتصادية خانقة بلا افق للحل , وازمة غياب الاستقرار الامني , و الانفلات في جميع مناحي الحياة , و الاخطر غياب التوافق الوطني الكفيل بمعالجة هذه الازمات بموضوعية .
ايضا فان الاخوان تسلموا البلد وحكموه في اسوا توقيت سياسي ممكن , وبالتالي , فقد كانت امام المعارضة فرصة لا تعوض للاصرار علي الذهاب الي الانتخابات و القتال من اجل توفير افضل الضمانات الممكنة لنزاهتها .
بالطبع يمكن تفهم وجهة نظر بعض غلاة المعارضة في جبهة الانقاذ بشان المقاطعة , وان الاخوان ربما يؤمنون بالديمقراطية و نزاهة الانتخابات لمرة واحدة هي تلك التي توصلهم الي السلطة .
لكن هؤلاء ينسون ان الاخوان انفسهم كانوا الاشد معارضة لنظام مبارك و عانوا كثيرا , و رغم ذلك شاركوا في كل الانتخابات .
في السياسة لا يوجد خيار مثالي جدا وخيار سيئ جدا , لكن هناك توليفات و موازنات و مواءمات و تفضيلات بين اسوا الموجود , و بالتالي تحتاج جبهة الانقاذ الي اتخاذ قرار جريء , و هو الاعلان انها ستشارك في الانتخابات , و تبدا فورا النزول الي الشارع و الاحتكاك بالناس و بمشكلاتهم , و لا مانع من استمرارها في الاحتجاجات السلمية.
البسطاء يحتاجون فقط لمن يقول لهم : ' انا متواجد معكم و اتفهم مشاكلكم , و سوف اسعي لحلها ' .
لكن المعضلة التي لا يريد بعض قادة الانقاذ ان يفهموها هي ان جماعة الاخوان ورغم كل المشكلات الاقتصادية و الاجتماعية وسوء اداء حكومتها ستحصد غالبية المقاعد لانه لا توجد معارضة ليبرالية تفنع انصارها بالذهاب الي الصناديق في حين ان انصار الجماعة ملتزمون بالذهاب الي الصناديق , و حتي اذا فقدت الجماعة بعض المقاعد فانها سوف تذهب الي السلفيين و ليس الي الانقاذيين .
السؤال الآن : هل تعترف المعارضة بالخطا و تبدا في اصلاحه ؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق