الثورة المضادة و حربها لمنع انتصار القمح وائل قنديل


لو صح ان عصابات شريرة اشعلت الحرائق في مساحات مزروعة قمحا بطريق مصر الاسكندرية الصحراوي , فاننا امام جريمة عدوان غاشم علي امن مصر القومي , يتطلب تحقيقا سريعا ووصولا اسرع الي الجناة ومن يقف وراءهم.

ان الخبر المنشور بالصور علي مواقع التواصل الاجتماعي امس الاول , يثير القلق علي ما هو قادم , ويؤكد صحة ما سبق ذكره من ان هناك مخططا شريرا يجري تنفيذه منذ الاعلان عن انتاجية قمح غير مسبوقة في التاريخ المصري , تقربنا كثيرا من حلم الاكتفاء الذاتي , وقد ظهرت ملامح هذا المخطط بالكشف عن اشرار ينشطون في شراء محصول القمح من الفلاحين واعدامه او اخفائه كي لا يتم توريده الي الصوامع الحكومية.

ومن يسوقه حظه العاثر لمتابعة ما يسكبه اعلام الثورة المضادة هذه الايام من كميات كيروسين خرافية بهدف اشعال النار في هذا الحلم , يدرك ان دورا مهما من مؤسسات الدولة لا يزال مطلوبا , فالحاصل ان هناك عملية تدور علي قدم وساق لتكفير الفلاح بقمحه , ودفعه دفعا الي الندم علي تحقيق هذه الطفرة التاريخية في الانتاج , بالطريقة و الآليات و الوجوه ذاتها التي مارست ولا تزال تمارس دورها الشرير في تكفير المصريين بثورة يناير.

وليست هناك ادني مبالغة في القول ان كارهي ثورة القمح هم انفسهم كارهو ثورة ٢٥ يناير , ممن جرحوها وشوهوها واهالوا التراب عليها في ايام خالدة من تاريخ المصريين ' ٢٥ يناير _ ١١ فبراير ' ثم تملقوها وتوشحوا بثيابها فيما بعد ليواصلوا تخريبها وتدميرها قيميا وسياسيا من الداخل.

وكما نجحوا في اصطياد بعض المحسوبين علي الثورة واستخدامهم بوعي او بدون وعي في تنفيذ مخططهم , يحاولون الآن اصطياد الفلاح المصري لاستخدامه في افساد ثورة القمح , ومن عجب ان الفلاح كان اكثر فطنة وزكاء ووعيا بهذه المحاولات الخبيثة من النخبة السياسية التي سقطت مع سبق الاصرار في مستنقع آسن يمتزج به نقاء الثورة مع عطن الثورة المضادة.

وعلي عهده مصادر ثقة انه جرت مساء اول امس محاولة استدراج نقيب الفلاحين لكي يظهر علي احدي الشاشات السامة ويكذب اخبار الارتفاع المذهل في انتاجية القمح هذا العام , وقبل اللقاء بساعات ذهب اليه احد سماسرة هذه الشاشة ليلقنه ما يجب ان يقول , بحيث ينفي تماما صحة التقارير الخاصة بزيادة الانتاج , وكما قال لي احد شهود الواقعة فان السمسار اياه حاول ايهام الفلاح الاصيل بان من مصلحة مصر الا يقال انها ستحقق الاكتفاء الذاتي من القمح.

غير ان فطرة الفلاح السوية لفظت هذا الفحيح وفاجا الرجل البرنامج بتاكيد معلومة ارتفاع اجمالي محصول القمح , فتغيرت خارطة الحوار الي محاولة التشكيك في نجاح عمليات التوريد و التخزين.

لقد فعل الفلاح المصري ما عليه , ويبقي علي مؤسسات الدولة ان تؤدي دورها علي النحو المطلوب من الكفاءة و القدرة علي التصدي لمحاولات افساد الفرح واحراق الحلم فوق الارض وعلي الشاشات التليفزيونية , وليس اقل هنا من ان يدعو رئيس الحكومة الوزراء المعنيين بمحصول القمح للجلوس علي وجه السرعة مع الممثلين الحقيقيين للفلاحين للنقاش و التداول حول العقبات التي تعترض تامين حصاد المحصول وتوريده وتخزينه , اذ من غير المعقول ان يستمع زارع قمح لكل هذا الصخب الاحتفالي بالطفرة , ثم يصطدم بموظف بليد او كاره للحلم يرفض استلام المحصول منه.

ان آفة المصريين دوما انهم يغرقون في الاحتفال ببشائر انتصاراتهم وينسون ان العبرة بالخواتيم ومن هنا تحدث ' الثغرة ' تماما كما جري في انتصار اكتوبر ٧٣ ويناير ٢٠١١ , فلا تتركوا ثغرة يتسلل منها الكارهون لانتصار القمح فيتبدد او يتحول الي نصف انتصار.

ليست هناك تعليقات :