كارثة حكم الدستورية بتحقيق ما عجز عنه الأعداء : تفكيك الجيش المصري


عماد الدين حسين ... المحكمة الدستورية العليا , قضت امس الاول , بحق افراد الشرطة و الجيش بالتصويت في الانتخابات النيابية تطبيقا لقاعدة المساواة بين المواطنين . لكن السؤال الجوهري هو : هل نحن مستعدون لهذه الخطوة حاليا ؟ , و هل يصب ذلك في صالح مصر و ديمقراطيتها و تعدديتها الآن ام انه قد يكون باب جهنم الذي تدخل منه كل الشرور ؟!

تصويت العسكريين في الانتخابات ليس بدعة , و موجود في دول كثيرة و منها الولايات المتحدة , لكن هذه الدولة و امثالها قطعت شوطا كبيرا من الاستقرار و الايمان بالديمقراطية . و الاهم ان جيشها و شرطتها محترفان و لا يعملان بالسياسة .

اعتقد ان السماح بتصويت افراد الشرطة و الجيش في الانتخابات القادمة او حتي خلال عشر سنوات سيؤدي الي كوارث لا حصر لها , و بالتالي , فان النوايا الطيبة المتمثلة في تحقيق المساواة بين المواطنين هي التي قد تقود الي جهنم كما يقول المثل .

القاعدة العامة المعمول بها ان الشرطة و الجيش يفترض انهما لا يعملان بالسياسة , هما يعملان لمصلحة كل الوطن بكل احزابه و تياراته و منظماته , لكن تطبيق النص الدستوري الجديد ينسف هذه القاعدة تماما , و لكي نطبق النص الدستوري الجديد علي ارض الواقع , فسوف نسمح للمرشحين المستقلين و الحزبيين بمخاطبة و اقناع جنود و افراد و ضباط الجيش و الشرطة لكي يصوتوا لهم . النتيجة الطبيعية لذلك هي انقسام هؤلاء الضباط و الجنود بين هذه البرامج و الاحزاب , و الطبيعي ان الشرطة سيكون لها مرشح , و كذلك الجيش , بل ربما ان كل سلاح او منطقة سيكون لها مرشحها الخاص .

و هنا نكون قد نقلنا كل مناقشات و مجادلات و صراعات المجتمع السياسي الي داخل القوات المسلحة و الشرطة .

من الطبيعي ان يتصارع السياسيون و احزابهم علي البرامج , لانهم لا يملكون الا الحوار و الحجة , لكن المشكلة ان العسكريين يملكون السلاح الذي قد يفكرون في استخدامه لتطبيق ما يؤمنون به من افكار . الاخطر علي الاطلاق اذا طبقنا هذا النص الجديد فهو ان غالبية احزابنا الآن ذات خلفية دينية .

تصوروا مرشحي الاخوان او السلفيين او الجماعات الاسلامية و هم يطلبون دخول الوحدات العسكرية و اندية الشرطة ليقيموا ندواتهم و مؤتمراتهم الانتخابية , و المنطقي ان المرشحين الاقباط سوف يطالبون بنفس الحق , مارايكم في مثل هذه الصورة اذا تم تطبيقها علي ارض الواقع ؟!

او تخيلوا ان الاجهزة الامنية منعت دخول المرشحين الي الوحدات العسكرية حفاظا علي الاستقرار و منعا للفتنة لكنها لن تستطيع منع الجنود و الضباط من ممارسة نقاشاتهم الطبيعية حول افضل البرامج و الاحزاب , و تخيلوا خناقة او مشادة تدور بين هذه المجموعة المؤيدة للتيار الديني و اخري مؤيدة للتيار المدني ؟!!

الدولة لا تزال تمنع رسميا حتي الآن ممارسة السياسة في الجامعة التي هي المكان الطبيعي للافكار و بناء شخصية الطلاب سياسيا و الآن مطلوب منها ان تسمح بممارسة السياسة في الشرطة و الجيش ؟!

تخيلوا ايضا ان الدولة بكل اجهزتها الآن لا تستطيع تامين مؤتمر يعقد في نقابة , و لا تستطيع الزام الباعة الجائلين باخلاء شارع رئيسي مثل طلعت حرب , فكيف ستستطيع منع الجيش من الانقسام و التشرذم ؟

يكاد المرء يشم رائحة غير نظيفة في كل ما يحدث , و ان بعض اجهزة الدولة و مؤسساتها دخلت في نوع من المكايدات يهدد بقاء الوطن نفسه . تصويت العسكريين الآن انتخابيا يعني تفكيك الجيش المصري . اي تحقيق ما عجز عنه كل الاعداء حتي هذه اللحظة .

ليست هناك تعليقات :