سر عبده الذي لم يعد مشتاقا لدخول الحكومة بعد الثورة

عماد الدين حسين ... قبل ايام سالت مسئولا حكوميا بارزا : لماذا تتمسكون بالوزير الفلاني , رغم انه يسبب لكم الكثير من الصداع؟!.
المسئول رد بسؤال غريب : ومن ترشح بدلا منه؟.
الاجابة فاجاتني ولم ارد , فاعاد السؤال بصورة جادة , فلم يات في ذهني اسم يمكن ان يكون محل توافق في هذا المنصب.
المسئول استغل ترددي في الاجابة وشن هجوما مضادا بقوله اذا كنت انت ليس في ذهنك شخص حاضر ليتولي مثل هذا المنصب , الم تفكر انت وغيرك اننا سالنا كثيرين ليتولوا مناصب وزارية او محافظين او هيئات , ومعظمهم رفضوا؟!.
وافقت هذا الصديق رايه , وبعدها علمت فعلا ان حكومة هشام قنديل عرضت علي عشرات الاسماء المحترمة و اللامعة و الكفؤة ان تتولي مناصب وزارية , وغالبيتهم رفضوا بطرق مختلفة ومهذبة.
سبحان مغير الاحوال , كانت غالبية النخبة المصرية مصابة قبل الثورة بداء عضال اسمه ' عبده مشتاق ' تلك الشخصية الكرتونية التي ابتدعها الفنان مصطفي حسين وعكست رغبة واندفاع غالبية هذه النخبة الي ' الاستوزار ' كي يحمل لقب معالي الوزير.
كاريكاتير مصطفي حسين وقتها لم يكن تحليقا في الخيال , بل من عمق الواقع المرير , وحدث ان بعض الاسماء المعروفة كان يتلقي ' تليفونات مضروبة ' , ويذهب لمجلس الوزراء مننظرا التكليف , ويتفاجا مجلس الوزراء ويقع في حرج بالغ.
الآن الغالبية تتهرب من منصب الوزير , فزمن الابهة يفترض انه انتهي , وبعض الوزراء يخشي ان يفتح مكتبه حتي لا يتعرض للضرب من صغار الموظفين.
واذا اضفنا الي هذا ان عمر هذه الوزارة قصير وهي اقرب الي الوزارات الانتقالية , فان كثيرين يفكرون بمنطق برجماتي خلاصته ' ما الذي يجبرني علي تولي منصب وزاري لمدة شهور قصيرة , يتم خلاله حرقي سياسيا؟! ' .
يمكننا ان ننتقد هشام قنديل وحكومته كما نشاء , لكن المؤكد انهم حاولوا مع كثيرين كان يمكن ان يشكلوا فارقا. وهنا يثور السؤال الاهم : اذا كنا نلوم دائما قنديل , فما الذي يجعل غالبية المنتقدين يحجمون عن تحمل المسئولية و المشاركة في حكومة يمكنها علي الاقل تخفيف وتقليل فاتورة الخسارة اليومية؟!.
ظني الشخصي ان المسئولية الاساسية تتحملها مؤسسة الرئاسة وجماعة الاخوان لانهم فشلوا ببراعة في تنفير الجميع من المشاركة في العمل السياسي. لا يعقل ان ينفرد الاخوان بالسلطة السياسية ويضعون الدستور و القوانين كما يشاءون ثم يشتكون من ان البعض يرفض مشاركتهم في الحكومة؟!.
العملية باختصار مناخ عام وممارسة , و الواقع يشير الي ان الامور تتعقد ولا تنفرج , و الرؤية تغيب , وبعض الامور تسير بصورة عشوائية كاملة , ومعلوماتي ان الصورة التي انتهي اليها التعديل الوزاري ليست هي التي بدا بها.
هناك شرفاء كثيرون يريدون المشاركة في الحكومة , لكن فقط عندما يضمنون ان هذه المشاركة سيكون لها عائد حقيقي لمصلحة الوطن , وليسوا مجرد ديكور او ' عروة في جاكت المشاركة ' من دون وجود برنامج واضح وصلاحيات حقيقية تضمن تطبيقه.
عندما يرفض حزب النور المشاركة في الحكومة , وعندما يري شخص مثل ايمن نور غير المعروف بخلافه مع الاخوان ان التعديل مخيب للآمال , فماذا نتوقع من بقية المعارضة المتشددة او الحالمين بتغيير حقيقي ومستقبل افضل؟.
كل التمنيات الطيبة للوزراء الجدد و القدامي -- وكان الله في عون قنديل.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق