الجيش أمام المرحلة الخطيرة و الصعبة ابراهيم يسري


يحفزنا النجاح الباهر وقوة ضبط النفس وعدم الغرور في استخدام القوة و التوصل مع الاجهزة الاستخبارية و المباحثية الي عودة الجنود المختطفين دون اراقة قطرة دم , ان نتذكر انه علي مر السنين تجلت العقيدة الوطنية المجيدة للقوات المسلحة المصرية , فكان الجيش المصري علي الدوام درعا حاميا للوطن حافظا للشرعية مانعا للفوضي , لم يرفع سلاحه يوما ضد الشعب , كما شهدنا في بعض الدول الافريقية وماساة جريمة القتل الجماعي التي قامت بها كتائب القذافي وجيش الاسد , كان الهتاف الاول لثوار٢٥ يناير الجيش و الشعب ايد واحدة , واحاط الثوار بالدبابات التي نزلت الميدان مرحبة بالجنود و الضباط احتفاء بهم وليس خوفا منهم , ولم يتقاعس جيشنا يوما عن اداء واجبه في الحفاظ علي امن البلاد في الداخل و الخارج. مرت به هزات نتيجة اخطاء قياداته ولكنه لم يكل عن استعادة قوته ووضعها في خدمة الشعب بلا استعلاء ولا نظرة فوقية علي السلطة كما يفعل انصار الزند من الدولة العميقة.

بل كان لجيشنا فضل اشعال فتيل ثورة التجديد في 23 يوليو ١٩٥٢ بانقلاب حوله الرئيس عبدالناصر الي ثورة للتغيير الحقيقي الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي.

كان حكم المجلس العسكري تجربة مرة مليئة بالاخطاء ولكن جيشنا كما استعاد بناءه وقوته بعد هزيمة ١٩٦٧ , تمكن من ضم صفوفه وتعزيز قوته بعد انتهاء حكم المجلس العسكري واثبت للكافة انه جيش نظامي دستوري يعرف واجباته ومهامه في حماية الوطن في الداخل و الخارج.

●●●

ومن اروع ما حدث في المشهد السياسي تمسك قادة الجيش بدورهم وانهم لم ينخدعوا بدعوات بعض الفصائل و الشخصيات الفاشلة بالانقلاب علي النظام و العودة الي الحكم العسكري للبلاد , كان القائد العام ورفاقه من الحكمة و الحنكة و الوطنية عندما عززوا الشرعية ومضوا في اعادة اللياقة للجيش بعد ١٨ شهرا من الرخاوة التي لحقت بهم نتيجة وجودهم بالشارع يؤدون مهمة لا قِبل لهم بها , واثبت الفريق السيسي ورفاقه انهم ماضون في تدريب وتطوير القوات المسلحة استعدادا لمواجهة اخطار خارجية محتملة في الشرق و الشمال بل و الجنوب ايضا. كما لاحظنا اهتمامهم بتسليح الجيش بكل الوسائل بما فيها العودة الي تصنيع السلاح وتنويع مصادره وتحديثه وعدم الاعتماد علي مصدر واحد للسلاح حتي نضعف من استخدام توريد السلاح كاداة للضغط السياسي مع الاخذ في الاعتبار ان جيشنا هو الجيش العربي الوحيد الذي احتفظ بكيانه وقوته بعد انهيار جيوش عربية اخري وان عليه واجبات قومية عربية خارج الحدود خلال عقد او عقدين من الزمان.

وقد يضع قادة الجيش في خططهم دراسة تنظيم ظهير له يتمثل في جيش شعبي او ما يسمي بالجيش المرابط ' في الاربعينيات ' او حرس وطني ' في الخمسينيات ' او قوات احتياطية علي النهج الاسرائيلي , يكون مدربا تدريبا خاصا وتحدد له مهام معينة اوقات الازمات الداخلية و الحروب الخارجية كما هو معمول به في عدد من الدول بما فيها الولايات المتحدة الامريكية بعد ان ثبت في المرحلة الاخيرة قدرة وقوة المقاومة الشعبية علي التصدي لاقوي الجيوش , كما شهدنا في افغانستان و العراق لبنان.

●●●

اما عن الاخطار الحالية و التي لا يغفل جيشنا عنها و التي لا بد ان تاخذها قواتنا المسلحة في اعتبارها وتخطيطها فهي ما تواجهه مصر من مؤامرة علي حصتنا في مياه النيل وجريمة في الشمال تستهدف الاستيلاء علي حقول الغاز الكبري التي منَّ الله بها علينا للقضاء علي الفقر و البطالة و المضي في التنمية , بعد ان سرق نظام مبارك غازنا وضخه لاسرائيل بابخس الاسعار , و الجيش فضلا عن توجهاته الوطنية ملزم بنصوص الدستور بوضع هذه المخاطر في الحسبان مع كل اجهزة السلطة بدءا برئيس الجمهورية , حيث تنص المادة ١٨ بالتزام الدولة بالحفاظ علي الموارد الطبيعية بينما تنص المادة ١٩ علي الالتزام بحماية حصتنا في مياه النيل.

ولا ينبغي ان يؤخذ ذلك بانه دعوة للحرب ضد اي دولة جنوبا او شمالا او شرقا , وانما ستكون قوة الجيش المصري وقدراته الكبيرة عاملا فعالا للردع يساند المفاوض المصري في حماية مائنا في الجنوب وغازنا في الشمال وامننا في الشرق.

ليست هناك تعليقات :