اثيوبيا تتحدى مصر و آثار سد النهضة مدمرة للزراعة و كارثية على الفقراء

في تحد غير مبرر تواصل اثيوبيا بنائها لسد النهضة الذي تقيمه علي النيل الازرق , علي الرغم من عدم انتهاء عمل اللجنة الثلاثية التي تم تشكيلها لتقيم الآثار السلبية للسد علي مصر , بل واعلنت عن نيتها اقامة خمسة سدود متتالية علي النيل الازرق , ياتي ذلك في الوقت الذي اشتعلت فيه البورصة السياسية بالقاهرة , وسادت حالة من الغليان بين الحكومة و المعارضة يتبادل فيها كل طرف الاتهامات , فالمعارضة تؤكد ان حكومة قنديل هي التي تسببت في اضعاف موقف مصر نتيجة الاهمال و التراخي وتضليل الراي في التصريحات المتناقضة لوزير الري , و التي كانت سببا في فشله في ادارة هذا الملف , وهو ما ادي الي وقوع مصر في كارثة يستحيل تداركها.
الخبراء اكدوا ان السد الاثيوبي له اضرار كثيرة علي مصر , منها انه سيعمق الفجوة الغذائية من 50 في المائة الي 75 في المائة , حيث يتم الاعتماد في سد هذه الفجوة بالاستيراد من الخارج , و وفقا للتوقعات فان الفترة القادمة ستشهد مزيدا من الازمات في ظل التدهور الاقتصادي , و تراجع الاحتياطي النقدي بمعدلات كبيرة , و هو ما يعني ضرورة ترشيد فاتورة الاستيراد , و بالطبع سيكون ذلك علي حساب الفجوة الغذائية التي يتم سدها من خلال الاستيراد .
الدراسات تؤكد ان خسارة مصر بجزء من حصتها السنوية في مياه النيل سياتي بمجموعة من الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تؤثر علي استقرار امن الدولة , فتبوير جزء من الرقعة الزراعية سينتج عنه وقف زراعة محاصيل يتم الاعتماد عليها بشكل اساسي ' كالارز ' اضافة الي محاصيل اخري , كالموز وقصب السكر و القمح , اضافة الي تاثيره علي الثروة الحيوانية , و التي ستزيد اسعارها بنسبة 150 في المائة , اضافة الي البيئة البحرية.
اكد الدكتور نادر نور الدين محمد استاذ الموارد المائية و الاراضي , ان الفجوة الغذائية في مصر تبلغ نحو 55 في المائة من اجمالي احتياجاتنا من الغذاء , حيث تستنزف نحو 5 مليارات دولار سنويا في استيرادها , علي الرغم من استنزاف القطاع الزراعي لنحو 50 مليار متر مكعب من المياه سنويا من اجمالي الموارد المائية من النيل و المياه الجوفية ثم اعادة استخدام مياه الصرف , في الري و مجموعها جميعا نحو 70 مليار مترا ' مكعب ' .
و اضاف نور الدين ان اي نقص في حصة مصر التي اعتادت عليها من مياه النيل و البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا تعني تعميق الفجوة الغذائية الي 75 في المائة و تستنزف الكثير من موارد النقد الاجنبي , بالاضافة الي تعطل خطط مشروعات استصلاح الاراضي للمشروعات القومية في سيناء و توشكي و الساحل الشمالي الغربي و الزمام الصحراوي لمحافظات الوادي و الدلتا , و التي تتطلب المزيد منها لملاحقة الزيادة السكانية , حيث سيصل عدد سكان مصر الي 105 ملايين نسمة عام 2020 والي 130 مليون نسمة عام 2050 , بالاضافة الي الاضطرار للجوء الي نظم تحلية مياه البحر المالحة و هي مرتفعة التكاليف لتوفير الاحتياجات المستقبلية لقطاعات الصناعة و السياحة و الاستهلاك المنزلي و الزراعة .
و اشار الي ان امتلاء البحيرة خلف هذا السد بهذا الحجم الهائل من المياه حتي ولو قدرنا انه يمكن ان يحدث خلال خمس سنوات فهذا يعني استقطاع 15 مليار متر مكعب كل سنة من حصة مصر و السودان , و بالاصح من حصة مصر فقط , لان سدود السودان ' خشم القربة و الرصيرص و سنار و مروي و جبل الاولياء ' تحجز حصة السودان من المياه اولا قبل ان تصل الي مصر و هي كمية تعني حرمان 3 ملايين فدان مصري من الزراعة .
و قال : اما اذا قررت اثيوبيا ان تملا البحيرة خلال ثلاث سنوات فقط , فهذا يعني خصم 25 مليار متر مكعب سنويا بما يعني دمارا كاملا لمصر و حرمان 5 ملايين فدان مصري من الزراعة وعدم امتلاء بحيرة ناصر بالمياه وانخفاض او انعدام التوليد المائي للكهرباء , وبذلك تكون كهرباء اثيوبيا في الواقع علي حساب كهرباء مصر , بالاضافة الي ضخ المياه لمصر علي صورة حصة يومية تتوقف علي قدر احتياج اثيوبيا للكهرباء فيتحول النهر الي ترعة يصرف فيها ماء مقنن باوامر اثيوبيا ولا يصبح لبحيرة ناصر اهمية ولا للسد العالي الذي سيكون هدمه افضل لتقليل البخر من بحيرة ناصر و تدفق حصة مياهنا من سدود اثيوبيا الي داخل البلاد يوميا في ترعة النيل بدلا من نهر النيل , و يستوجب علي مصر ابلاغ اثيوبيا باحتياجاتها مسبقا في قطاعات الزراعة و المنازل و الصناعة و المحليات حتي تتفضل بصرفها لنا يوميا بيوم و كانه ليس نهرا دوليا بل اثيوبيا صرفا .
اثيوبيا تدعي بان مصر و السودان تحصلان علي 90 في المائة من اجمالي مياه النهر وتطالب بالتوزيع ' المتساوي ' لمياه النهر بينما تطلب مصر و السودان بالتوزيع ' العادل ' لموارد النهر , فاجمال موارد مياه الامطار علي المنابع اكثر من 1600 مليار متر مكعب في السنة , تحصل مصر و السودان منها علي 84 مليارا فقط بنسبة 5 في المائة بينما الامطار هناك تشحن لهم المياه الجوفية وتنمي المراعي الطبيعية و المروج الخضراء التي جعلت ثروة اثيوبيا 100 مليون راس من المواشي لا تكلفها شيئا , بينما ثروة مصر 8 ملايين راس , نزرع لها نصف اراضينا بالاعلاف و البرسيم وتستنزف نصف حصتنا من المياه .
و اوضح نور الدين ان الامطار التي تريد اثيوبيا استبعادها من حصص توزيع المياه جعلت اثيوبيا اكبر مصدر في العالم للبن العضوي وواحدة ومعها تنزانيا واوغندا من كبار المصدرين في القارة و العالم للاغذية العضوية التي تروي بالامطار ولا يضاف اليها الاسمدة و المبيدات , وتدعي اثيوبيا ان الجفاف يهدد ربع اراضيها بينما هو ياكل 95 في المائة من مساحة مصر ويجعلها صحاري , كما ان موارد اثيوبيا من المياه المتجددة 123.3 مليار متر مكعب/سنة بينما مصر فقط 55.5 مليار .
و السؤال الذي يطرح نفسه حاليا كيف سوف يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع ومصر مقبلة علي حافة الهاوية وحصتها المائية مهددة بالضياع , كما اننا تعيش علي نحو 5 بالمائة فقط من اراضي مصر وباقي المساحة هي اراضٍ صحراوية , واذا تحدثنا عن زراعة 3 ملايين فدان فقط فانها تحتاج الي 55 مليار متر مكعب من المياه , اي ما يوازي حصة مصر الحالية من المياه , و بالتالي فان الحديث عن الاعتماد علي الزراعة و الاستصلاح في مصر من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي هو مجرد كلام .
و من جانبه اكد الدكتور علاء الظواهري عضو اللجنة الوطنية لتقييم السد , ان كل 4 مليار متر مكعب عجز من مياه النيل يعادل بوار 1 مليون فدان زراعي وتشريد 2 مليون اسرة في الشارع , وفقد 12 في المائة من الانتاج الزراعي وزيادة الفجوة الغذائية بمقدار 5مليارات , بالاضافة الي زيادة تلوث المياه و الملوحة وعجز في مآخذ محطات مياه الشرب نتيجة انخفاض المناسيب و التناقص الشديد في السياحة النيلية وزيادة تداخل مياه البحر في الدلتا مع المياه الجوفية و تدهور نوعية المياه في البحيرات الشمالية .
الخبراء المعنيون بالملف يؤكدون ضرورة التحرك السياسي لمصر علي المستويين الاقليمي و الدولي لعرض الآثار المدمرة للسدود الاثيوبية و وقف اي مخطط لتمويل هذه السدود و منع استخدام المنح و المساعدات الانسانية لبناء السدود , و اعداد ' كتيب ' عن السدود الاثيوبية وتبعاتها السلبية و توزيع نسخ منه الي الجهات المانحة و القوي السياسية و المنظمات الدولية , و وضعه علي المواقع الالكترونية لوزارتي الري و الخارجية و هيئة الاستعلامات .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق