أحمد منصور يكتب : مفاتيح الدنيا التى بيد غيرنا


حضرت نقاشا علي مدي يوم كامل عن مستقبل تكنولوجيا الاتصالات و البث في العالم , وكان الحضور يمثلون ما يقرب من خمسين شركة متخصصة في هذا المجال , بينهم مشغلون عرب في مجال الاتصالات , وما اذهلني في هذه الصناعة هو كم التطور الهائل فيها كل لحظة واتساع الاسواق و المستخدمين ونوعية الخدمات التي تقدم يوما بعد يوم , غير ان مفاتيح هذه الصناعة مثل مفاتيح كل الصناعات العالمية المتطورة ليست بيد العرب او المسلمين وانما هي بيد الدول و الشركات الغربية من اولها الي آخرها , ودور العرب و الشركات العربية انهم ليسوا سوي مشغلين او موزعين لخدمات هذه الشركات.

ففي مجال الاتصالات كل الاجهزة المصنعة واسرار المهنة و الكابلات واجهزة البث الفضائي وغيرها ليس لاي دولة عربية مجال في تصنيع اي منها ولا توجد اية خطط مستقبلية للدخول الي اسرار هذه الصناعة وهذا يعني ان قيام هذه الشركات الغربية في اي لحظة باغلاق خدماتها فيما يتعلق بمجال الاتصالات و الانترنت فان كل شيء يمكن ان ينهار في بلادنا حيث اصبح اعتمادنا عليها شبه كامل في كافة شئون الحياة , ولعلنا نجرب شيئا من هذا حينما ينقطع احد الكابلات التي تغذينا بهذه الخدمات حيث تصاب خدمات كثيرة بالشلل.

والامر نفسه في مجال الطيران حيث ان كل الشركات العالمية المصنعة للطائرات التي تستخدم في الدول العربية و الاسلامية هي شركات غربية , ولا يوجد سوي اندونيسيا التي لها محاولات متواضعة في مجال تصنيع الطيران , ماذا لو قامت الدول المصنعة للطائرات بمنع قطع الغيار عنا , كما حدث مع ايران مثلا؟ او رفضت البيع لنا وحظرته علينا.

مجال آخر مهم وخطير هو مجال الاجهزة الطبية التي اصبح الاعتماد عليها سواء في التشخيص او العلاج رئيسيا , كل الاجهزة الرئيسية التي تشخص او تعالج الامراض الرئيسية هي من صناعة شركات غربية , ونحن لسنا سوي مشغلين لها , ماذا لو منعت هذه الاجهزة عنا او منعت قطع الغيار؟ ويمكن القياس علي ذلك في كافة مجالات الحياة المتقدمة الاخري.

لقد نجح الغرب من خلال التقدم الصناعي و التكنولوجي الهائل في ان يمسك مفاتيح الدنيا بيديه بعدما جعل دول العالم تعتمد علي صناعاته ولا يمكن لها ان تستغني عنها وانقسم العالم الي مصنعين يملكون الادوات و المفاتيح ومشغلين يستفيدون من هذه الخدمات دون ان تكون لهم القدرة علي امتلاك ادواتها , وهذا يعني اننا لا ناكل ما لا نزرع ولا نلبس مالا نصنع فقط بل ان كل او معظم وسائل التكنولوجيا و الاتصالات في العالم ليس لنا نصيب فيها سوي الاستخدام.

لكن الامر ليس سوداويا الي حد كبير ولكن يمكن استدراك ما فاتنا عبر التفكير في كيفية تحولنا من اجراء الي شركاء فاعلين ومصر علي راس الدول التي يمكن ان تصبح شريكة في مجال الاتصالات و التكنولوجيا من خلال موقعها الاستراتيجي وهناك دراسات واقعية حول قناة السويس الالكترونية التي تحول مصر الي معبر لكابلات الاتصالات في العالم هذا , فهل يمكن لمصر ان تدخل مجال الشراكة في امتلاك مفاتيح العالم؟

ليست هناك تعليقات :