ننشر تقرير لجنة تقييم سد النهضة النهائي : قصور في تصاميم السد و اعتراف إثيوبي بتأثيره على كهرباء السد العالي

في ظل الجدل المثار حول سد النهضة ومدي تاثر مصر به يتصدر المشهد يشوبه الغموض الكامل عن موقف القيادة السياسية المصرية في التعامل مع السد وتاثيراته السلبية علي حصة مصر المائية فلم يتم التحرك حتي الآن للتفاوض مع اثيوبيا او المجتمع الدولي للتنديد بتلك التاثيرات علي امتلاك مصر الكثير من اوراق الضغط علي الجانب الاثيوبي.
وفي المقابل تاتي تقارير اللجنة المشكلة مكن مجموعة خبراء دوليين متضمنة رصد كامل لكافة التاثيرات السلبية علي مصر , لم يات ذلك من فراغ في التاريخ الطويل و المشهد السياسي العالمي يؤكد ان اثيوبيا لا تتبع قواعد القانون الدولي الذي ينظم التعامل مع الانهار الدولية كنهر النيل الازرق ووجوب الاخطار المسبق و الدراسة المشتركة لاي مشروع مائي لتقليل المخاطر علي دولتي المصب ' مصر و السودان ' , كما انها اعلنت صراحة عدم اعترافها بالاتفاقيات القائمة وعلي وجه الخصوص اتفاقية عام 1959 بين مصر و السودان , وبالتالي فهي لا تعترف بحصة مصر السنوية من مياه النيل او الحقوق التاريخية المصرية.
ملخص عن التقرير النهائي لاعمال اللجنة الدولية للخبراء
وعلي الرغم من اعلان اثيوبيا ان للسد منافع كثيرة وليس له اضرار علي دولتي المصب الا ان التقرير النهائي للجنة الثلاثية لتقييم السد اكد علي ان معظم الدراسات و التصميمات المقدمة من الجانب الاثيوبي بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات , ولا ترقي لمستوي مشروع بهذا الحجم علي نهر عابر للحدود , وجزء من تلك الدراسات يحتاج الي تحديث في ضوء ما توفر من بيانات ومعلومات تم الحصول عليها من واقع الانشطة المعملية و الحقلية المتعلقة بالمشروع , حيث ان بعضا من تلك الدراسات تم اعدادها بعد الاعلان عن تنفيذ السد في 1 ابريل عام2011 , وكذلك اثناء عمل اللجنة.
واضافت المصادر ان التقرير النهائي اوصي باهمية وجود احتياطات انشائية تسمح بتوفير الحد الادني من احتياجات دولتي المصب من المياه تحت الظروف الطارئة ' توقف محطات توليد الكهرباء ' و التي لم يتم توضيحها في الدراسات الاثيوبية و التصميمات المقدمة للجنة , وفيما يتعلق بدراسات تقييم الآثار البيئية و الاجتماعية علي دولتي المصب , اوضح التقرير ان الجانب الاثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدي خطورتها علي دولتي المصب.
كما اكد التقرير وجود قصور شديد في الدراسات و التصميمات الخاصة بالسد المساعد ' السد الذي يرفع السعة التخزينية من 14.5 الي 74 مليار م3 ' , و الذي لم تقم الحكومة الاثيوبية بتقديم المستندات التصميمية الخاصة به للجنة بشكل يسمح لها بالتقييم.
واشار التقرير الي انه لا يوجد تحليل اقتصادي من واقع الدراسات المقدمة من الجانب الاثيوبي فيما يخص حجم السد وارتفاعه و القدرة التصميمية لمحطة الكهرباء , وقد اكد الجانب الاثيوبي ان قرار انشاء السد بهذه المواصفات خاص بالحكومة الاثيوبية , وليس من اختصاص اللجنة.
اكد التقرير عدم توفير عدد من الدراسات واهمها دراسة عن تاثير انهيار السد , وهي احدي الدراسات الاساسية التي يجب اتمامها قبل الشروع في انشاء اي سد , فيما يتعلق بدراسات تقييم الآثار البيئية و الاجتماعية علي دولتي المصب , اوضح التقرير النهائي ان الجانب الاثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدي خطورتها علي دولتي المصب.
واشار التقرير النهائي الي انه بالرغم من ان الدراسات الاثيوبية تشير الي ان ملء السد في فترات الفيضان العالية و المتوسطة سيكون له تاثير علي الكهرباء المولدة من السد العالي فقط , فقد اوضحت الدراسات ايضا انه في حال ملء الخزان في فترات الجفاف , فان منسوب السد العالي يصل الي اقل منسوب تشغيل له لمدة اربع سنوات متتالية مما سيكون له تاثير بالغ علي توفر المياه اللازمة للري , وعدم القدرة علي توليد الكهرباء لفترات طويلة.
بالرغم من ان التقرير النهائي احتوي علي ايجابيات السد من واقع نتائج الدراسات المقدمة من الجانب الاثيوبي , الا انه تضمن ايضا تاكيد الخبراء علي عدم امكانية الاعتماد علي تلك النتائج , حيث انها مبنية علي بيانات وطريقة تحليل غير محققة ونموذج محاكاة مبسط , وتحتاج الي دراسات معمقة لتعتمد علي نماذج رياضية اكثر تمثيلا لواقع النظام الهيدرولوجي لنهر النيل وظروف التشغيل تحت السيناريوهات المختلفة.
تضمن الجزء الخاص بتصميمات السد مجموعة كبيرة من المشاكل الانشائية و الجيولوجية , خاصة فيما يتعلق باسس تصميم مكونات السد ' السد الرئيسي , الاكتاف , المفيض , محطة الكهرباء , المواد المستخدمة في الانشاء -- . ' , وكذا الدراسات وطرق التصميم المستخدمة لهذه المكونات.
واشار التقرير النهائي الي وجود بعض التاثيرات البيئية و الاجتماعية و التي تتمثل في الاضرار بالثروة السمكية و المرتبطة بتدهور نوعية المياه نتيجة تحلل الزراعات الموجودة بمنطقة بحيرة السد , بالاضافة الي تاثر صناعة الطوب بالسودان نتيجة تقليل كمية الترسيبات الواردة مع المياه , فضلا عن تدهور خصوبة التربة الزراعية بالسودان.
المخاوف المصرية بخصوص السد
وتضمن التقرير النهائي الذي يحتوي علي عدد من الملاحق اكثر من 600 صفحة تتضمن محاضر الاجتماعات وجميع التعليقات الخاصة باعضاء اللجنة علي الدراسات الاثيوبية المقدمة , و التي اشتملت علي المخاوف المصرية و التاثيرات السلبية المتوقعة من هذا السد , حيث ذكر التقرير ملاحظات الجانب المصري وهي ان اقامة سد النهضة علي النيل الازرق بارتفاع 145 مترا وسعة تخزينية 74 مليار م3 وتشغيله بشكل منفرد لا يراعي مصالح دول المصب سيمكن اثيوبيا من التحكم الكامل في ايراد النيل الازرق وما سيتبع ذلك من تاثيرات سلبية علي الحصة المائية المصرية ونقص الكهرباء المولدة من السد العالي و الذي يمكن ان يصل الي حد توقف محطة توليد السد العالي تماما لعدد من السنوات و التي تزيد في فترات الجفاف بصورة كبيرة.
وذكر ايضا ان فترة الملء لسد النهضة بسعة 74 مليار م3 تمثل تاثيرا سلبيا شديدا علي مصر ويكون التاثير اخطر اذا تزامن ذلك مع فترة جفاف وخاصة ان الدراسات الاثيوبية تقترح الملء في فترة 6 سنوات ' بغض النظر عن ايراد نهر النيل ' , وهذا سيؤدي الي زيادة العجز المائي ونقص الكهرباء المولدة من السد العالي.
كما ان نقص المياه المتاحة لقطاعات الري و الزراعة و الشرب في مصر اثناء فترة الملء وخاصة في حالة الملء اثناء فترات الفيضان تحت المتوسط او الضعيف وهو ما له تاثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة قد تؤدي الي عدم القدرة علي زراعة ملايين الافدنة وفقدان الدخل لملايين المصريين المعتمدين علي الزراعة في دخلهم السنوي , بالاضافة للتاثيرات الاقتصادية نتيجة خسارة شبكة الطاقة في مصر لجزء كبير من الطاقة المولدة من السد العالي وهو ما يعني اعباء اقتصادية لتعويض هذا النقص , بالاضافة الي ان غمر الغابات و الاشجار عند ملء بحيرة سد النهضة , مما سيقلل نسبة الاكسجين المذاب و الذي يؤثر علي نوعية المياه المنطلقة خلف السد , وهو ما سيؤثر بشكل مباشر علي نهر النيل في السودان وليس في مصر.
واكد ان اعادة ملء الخزان بعد انتهاء فترة الجفاف بدون الاخذ في الاعتبار الاحتياجات المائية لدول المصب سيكون تاثيره ربما اشد من حالة الملء الاول , لانه بعد انتهاء فترة الجفاف يكون محتوي التخزين في بحيرة السد العالي منخفض مما يزيد من التاثير السلبي الشديد علي مصر.
كما ان نقص الطمي الوارد للسودان سيؤثر علي خصوبة التربة , وبالتالي سيدفعها لاستخدام المبيدات الزراعية و المخصبات الزراعية ومع عدم وجود نظام صرف متطور جدا ' وبالتالي مكلف اقتصاديا ' بشكل مباشر سيؤثر علي نوعية المياه الواردة لمصر , وهو ما يعني تدهور في نوعية المياه المستخدمة سواء في الزراعة او الشرب وهو ما سيؤدي الي تاثيرات جسيمة علي صحة المصريين وما يستتبعه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.
بناء علي التصميمات الهندسية المتوفرة من الجانب الاثيوبي وخاصة قيما يتعلق بالسد الجانبي اتضح وجود عوامل كثيرة قد تؤثر بشكل كبير علي امان السد علي المدي الطويل وهو ما يشير الي زيادة احتمالات انهيار السد وسيكون هناك تاثيرات كارثية علي السودان بداية من انهيار كل السدود علي النيل الازرق وارتفاع منسوب المياه في الخرطوم بدرجة كبيرة وهو ما يمثل دمار تام , هذا بالاضافة لم سيحدث نتيجة اضطرار مصر لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالي للحفاظ عليه من الانهيار , وهو ما سيؤثر سلبيا علي كل المنشآت المائية علي النهر من اسوان وحتي الدلتا بالاضافة لاحتمال غرق كثير من الاراضي و المنشآت القريبة من جسور نهر النيل.
مقترحات البدائل الفنية
واقترح الجانب المصري بالرجوع الي الابعاد الخاصة بسد الحدود ذو السعة التصميمية 14.5 مليارم3 وارتفاع 90 مترا و السابق دراسته في مشروع تجارة الطاقة بالنيل الشرقي مع الاتفاق علي شروط الملء التي تمنع حدوث اي آثار سلبية علي مصر بالاضافة الي الاتفاق علي كيفية التغلب علي ' او التعويض عن ' التاثيرات السلبية علي مصر علي المدي الطويل و المتمثلة في زيادة العجز المائي في فترات الجفاف , وتقليل انتاج الطاقة من السد العالي و كذا التنسيق التام و التوافق مع الجانب الاثيوبي علي قواعد الملء و التشغيل و التوصل الي آلية قانونية وفنية تسمح بالمشاركة الكاملة في الملء و التشغيل و الادارة , بحيث لا يكون هناك اي اضرار بالمصالح المائية المصرية.
اللجنة الثلاثية وتعامل اثيوبيا معها
واكدت المصادر ان اثيوبيا قامت من خلال اعمال اللجنة الدولية للخبراء بامداد اعضاءها ببعض الدراسات الفنية الخاصة بانشاء السد , حيث تلاحظ ان معظمها دراسات اولية ومن المتعارف عليه دوليا ان مثل تلك الدراسات تعد دراسات تمهيدية عند بداية التخطيط للمشروعات الكبري الا انه يجب ان تتبعها عدد من الدراسات التفصيلية اتي يتم علي اساسها البدء في انشاء السدود , كما ان الدراسات الاثيوبية لم يتم تحديثها لمطابقة ما يتم تنفيذه حاليا , كما لم تتضمن دراسة الآثار السلبية علي دولتي المصب بشكل سليم ووافٍ , بالاضافة الي عدم تقديم الدراسات الخاصة بتوليد الطاقة الكهربائية , ودراسة الجدوي الاقتصادية , ودراسة تاثيرات انهيار السد.
واضاف ان اللجنة بمراجعة المستندات التي ارسلها الجانب الاثيوبي وتحديد النواقص , وقام الخبراء الدوليون باعداد ملاحظات فنية تفصيلية عن الدراسات التي سلمت , كما قام ممثلو مصر باللجنة باعداد العديد من الملاحظات الفنية علي محتويات التقارير , مع ذكر ما لم تشمله الدراسات من متطلبات فنية هامة لتوضيح التاثير علي دولتي المصب بصورة دقيقة و التي كان من اهمها عدم تقدير الآثار بطريقة دقيقة , النقص في الكهرباء المولدة من المحطات الكهرومائية الحالية علي نهر النيل , النقص في احتياجات المياه وما له من تاثير علي النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و البيئية ' , كما تم التاكيد علي ضعف معظم الدراسات المقدمة واحتوائها علي سرد للمنافع و الاضرار بصورة عامة.
بعدها قامت وزارة الموارد المائية و الري بتشكيل لجنة وطنية لدراسة سد النهضة الاثيوبي ممثلا فيها كافة التخصصات الفنية و القانونية و السياسية حيث شملت خبراء من الوزارة , بالاضافة لخبراء من وزارات الكهرباء * البيئة * الخارجية * التعاون الدولي وبعض الجهات المعنية الاخري بالاضافة لعدد من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة من الجامعات المصرية , وكانت اللجنة تقوم بعقد اجتماعاتها بصورة دورية لتقديم الدعم و المشورة للفريق المصري المشارك في اللجنة الدولية للخبراء كما كان يتم موافاة كافة الجهات المسئولة بالدولة عن مخرجات وتوصيات تلك الاجتماعات.
وطالب الخبراء الوطنيون بضرورة الاشتراك بالتفكير في الخطوات و الاجراءات الممكن اتخاذها لتحقيق الامن المائي للشعب المصري مع المحافظة علي علاقات حسن الجوار مع دول حوض النيل ونقلها نقلة حضارية لتعويض ما فاتها في القرون الماضية , ووضع الخطط و البرامج التنفيذية لاستغلال موارده الطبيعية و البشرية افضل استغلال ممكن وتحقيق التنمية المستدامة من اجل تحقيق آمال شعوبه العظيمة , وان حقوق مصر التاريخية في مياه النيل هي نصب اعيننا جميعا لانها عماد الامن القومي المصري.
الجدير بالذكر ان اللجنة الثلاثية عقدت اربعة اجتماعات تمهيدية تم خلالها اختيار خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود ' الماني ' * تخطيط الموارد المائية و النمذجة الهيدرولوجية ' جنوب افريقي ' * البيئة ' فرنسي ' * التاثيرات الاجتماعية و الاقتصادية انجليزي , بلغ عدد اعضائها 10 خبراء ' 2 من كل دولة , بالاضافة الي 4 خبراء دوليين في مجالات المياه , البيئة , السدود.
وبدات اجتماعاتها في مايو 2012 وانتهت في مايو 2013 كان آخرها الاجتماع السادس باديس ابابا في الفترة ' 27_31 ' مايو 2013 وقد تخللتها ثلاث زيارات لموقع السد.
معلومات عن السد
_ تكلفة المشروع 4.78 مليار دولار امريكي.
_ يتكون مشروع سد النهضة من سد رئيسي خرساني بارتفاع 145 م وسد جانبي ركامي بارتفاع 50 م.
_ سعة التخزين الكلية 74 مليار م3.
_ محطة توليد بقدرة6000 ميجاوات.
_ يقوم بتنفيذ السد شركة ساليني الايطالية.
_ الانتهاء من المشروع عام 2017.
_ سوف يتم البدء في توليد الكهرباء اواخر سبتمبر 2014 .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق