ننشر مذكرة قانونية أعدها سامح عاشور لاثبات قانونية استمارات تمرد لسحب الثقة من الرئيس


اعد سامح عاشور , نقيب المحامين , و القيادي بجبهة الانقاذ الوطني , مذكرة شارحة بالاسباب و الاسانيد الدستورية و القانونية المؤيدة لحجية و قانونية استمارات حملة ' تمرد ' , لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي , و جماعة الاخوان المسلمين .

وهذا نص المذكرة :
مذكرة شارحة بالاسباب و الاسانيد الدستورية و القانونية المؤيدة لحجية وقانونية استمارات حملة ' تمرد '
مقدمة من سامح عاشور
المحامي بالنقض
نقيب المحامين
الي جموع الشعب المصري ولكل من يهمه الامر :
يعتقد البعض واهما في ظنه ان فكرة جمع التوقيعات علي امر معين او فكرة سحب الثقة هي من نسج الخيال وليس لها اصل تاريخي او قانوني.

فعلي الصعيد المحلي لا ننسي انطلاق حملات مشابهة عبر عقود طويلة ولعلنا نتذكر وقتما رغب الزعماء الثلاثة ' سعد زغلول * عبد العزيز فهمي * علي شعراوي ' عام 1919 الذهاب لمؤتمر الصلح في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الاولي للمطالبة باستقلال مصر فما كان من المندوب السامي البريطاني وقتها ' ونجت ' الا ان واجههم رافضا ومتهكما : ' من انتم حتي تمثلوا الشعب المصري ' , فما كان منهم * دون ياس * الا ان قاموا بعمل صيغة جمعوا عليها توقيعات قطاع عريض من الشعب المصري لتفويضهم وتوكيلهم عنهم.

وانتشرت اوراق جمع التوقيعات رغم حصارها ومحاربتها الا انها اصبحت رمزا وفكرة وحلم لجموع المصريين ضد الاحتلال الغاشم وانتصرت ارادة الامة في الحرية و الاستقلال علي ارادة الاحتلال.

وعلي الصعيد العالمي ايضا لم تكن فكرة سحب الثقة بعيدة عن التطبيق الواقعي فهي طبقت في عديد من دول اوروبا لكن اشهرها في التاريخ الحديث كانت عام 2003 في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية فقد قام احد اعضاء الحزب الجمهوري بعمل حملة لسحب الثقة من حاكم ولاية كاليفورنيا ' جراي ديفيس ' بعد عام من انتخابه , وذلك بسبب احفاقاته السياسية والقائه اللوم دائما علي الحاكم الذي سبقه واعتبر ' ديفيس ' وقتها ان اجراءات سحب الثقة منه هي اهانة لارادة ما يزيد عن 8 ملايين ناخب قاموا بانتخابه منذ عام واحد فقط وحاول حزبه ' المحافظين ' انقاذه بان قاموا بعمل حملة مضادة لتاكيد الثقة فيه مرة اخري بجمع توقيعات للمؤيدين وبعد مرور اقل من شهرين علي الحملة اظهرت الاستطلاعات ان 50 في المائة من عدد السكان يؤيدون سحب الثقة مما اضطره للتنازل.

وكل هذه الحملات العالمية و المحلية كان مردها الدستوري هو اعمالا لصحيح نظرية سيادة الشعب في ممارسة السلطة استخداما وممارسة للديمقراطية المكفولة له بنص الدستور و القانون.

ولان الدستور في تعريفه : ' هو القانون الاعلي الذي يرسي القواعد و الاصول التي يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات و الحقوق العامة ويرتب الضمانات الاساسية لحمايتها ويحدد لكل من السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية وظائفها وصلاحيتها ويضع الحدود و القيود الضابطة لنشاطها مما يحول دون تدخل اي منها في اعمال السلطة الاخري او مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها ' , فهو بذلك * اي الدستور * عند قراءته لابد من التدقيق في كل ما يحويه من نصوص وعبارات وقواعد حتي نقف علي المعني الحقيقي المقصود.

وبمطالعة الدستور المصري الذي نتحفظ عليه وعلي مضمونه ولا نتمسك فيه الا بما استقرت عليه الشرعية الدستورية في جميع انحاء العالم و المبادئ الدولية المستقرة و المتفق عليها ونؤكد اننا نحاج القائمين علي السلطة لما سطروه في دستورهم وخدعوا به الامة من اول ديباجته نجد انه يؤكد علي :

' ان هذا الدستور وثيقة ثورة الخامس و العشرين من يناير التي فجرها شبابنا و التف حولها شعبنا وانحازت اليها قواتنا المسلحة بعد ان رفعنا في ميدان التحرير وفي طول البلاد وعرضها كل صور الظلم و القهر و الطغيان و الاستبداد و الاقصاء و النهب و الفساد و الاحتكار ' ,
واكدت ديباجة الدستور ايضا علي :

' اولا : الشعب مصدر السلطات يؤسسها ويستمد منه شرعيتها وتخضع لارادته ومسئولياتها وصلاحيتها امانة تحمله لا امتيازات تتحصن خلفها.

ثانيا : نظام حكم ديمقراطي يرسخ التداول السلمي للسلطة ويعمق التعددية السياسية و الحربية ويضمن نزاهة الانتخابات واسهام الشعب في صنع القرارات الوطنية ' .

وبالنظرة الدقيقة لهذا السرد الوارد في ديباجة الدستور تجدر الاشارة الي مبادئ عدة لابد من التاكيد عليها :

اولا : ان هذا الدستور هو وثيقة ثورة تفجرت عن طريق الشباب و التف حولها الشعب مما يؤكد بشكل جلي ان الثورات محمية بنص الدستور ومصونة باحكامه لا يجب النظر اليها وما شابهها علي انها عمل غير مشروع يعاقب عليه القانون وبتلك الثورات سقطت انظمة وقامت انظمة جديدة من المفترض انها كانت تقوم علي تحقيق مطالب ثورية اتت بهم في النهاية الي سدة الحكم.

ثانيا : ان ديباجة الدستور قد قررت للشعب حقوق عدة اهمها ان للشعب حق في الاسهام في صنع القرارات الوطنية فاذا ما ثار علي ما ارتآه من ظلم وطغيان وقهر واقصاء واحتكار كما هو الحال في ثورة الخامس و العشرين فان الدستور يحميه في ذلك ويصون ثورته الجديدة.

ثالثا : ان الدستور في ديباجته وفي نصوصه اكد ضمن ما اكد علي ان الشعب هو مصدر السلطات اي انه منشئها وهذه السلطات تستمد مشروعيتها القانونية و الدستورية من ذلك الشعب الذي انشاها وكل هذه السلطات في مجملها تخضع لارادته وفق نصوص الدستور فاذا ما وجد * الشعب * ان هذه السلطات انحرفت عن المسار الذي انشئت من اجله حق له بل واجب عليه ان يتدخل لتصحيح مسارها الذي اعوج , كما فعل من قبل حينما وجد مؤسسات الدولة انحرفت عن مسارها فثار عليها حتي اسقطها و رغم ان الدستور السابق 1971 لم يشر صراحة لحماية هذا النوع من الاجراءات ' التحركات الثورية ' فان الدستور الحالي نص صراحة انه وثيقة ثورة ولذلك فالحماية مضاعفة فلو ان التحركات الجماهيرية تعكس ارادة شعبية مصونة يضاف اليها النصوص الجلية التي تؤكد وتحمي وتصون هذه الارادة وتحث علي التحرك الثوري اذا ما دعت الحالة ذلك من وجهة نظر الثائرين .

كما نجد ان في نهاية الديباجة التي لا تنفصل عن الدستور التزام من الدولة و الشعب معا بالثوابت الواردة في هذا الدستور -- ديباجة ونصوص ' .

و قد جاء في هذا المقام المادة الخامسة من الدستور التي تنص علي :

' السيادة للشعب يمارسها و يحميها و يصون وحدته الوطنية و هو مصدر السلطات و ذلك علي النحو المبين في الدستور ' .

و يعد هذا انعكاسا وتجسيدا واضحا لنظرية ' سيادة الشعب ' وقد ذهبت كافة الشروح و التفاسير القانونية و السياسية لتلك النظرية علي انها تقوم علي ان السيادة للجماعة بوصفها مكون من عدد الافراد اي انها تنظر الي الافراد ذاتهم وتجعل السيادة شركة بينهم فهم ليسوا كتلة واحدة لا تتجزا انما هي حق لكل فرد في الجماعة بقدر متساو بمعني انه اذا كان مجموع ما حصل عليه الرئيس مثلا يساوي عدد معين مارس سيادته فلا يعني هذا باي حال من الاحوال انكار هذه السيادة علي باقي الشعب باعتبارها موزعة عليهم ايضا و الفيصل هنا هو مجموع الافراد اللذين اتجهت ارادتهم نحو امر معين.

لان كل فرد طبقا لمبدا سيادة الشعب * الذي اقره الدستور * له نصيب متساوٍ من هذه السيادة , وهو ما يعني ان كل فرد له حق ممارسة السلطة كمظهر من مظاهر هذه السيادة.

وقد انعكس مبدا سيادة الشعب علي ممارسة الحرية السياسية وقد ادي هذا المضمون الي نتائج هامة قانونيا وسياسيا , حيث انعكس ذلك بصورة مباشرة علي ممارسة الحرية السياسية فتوسع نطاقها لتشمل اكبر عدد من الافراد وتنوعت آليات ممارستها نظرا لتعدد المنافذ السياسية التي تطل منها علي حركة الحياة الاجتماعية وهكذا فالي جانب الصورة النيابية لممارسة الحرية السياسية و التي تتمثل في اختيار الافراد لمن سيتولون مهمة التعبير عن صاحب السيادة الاصيل وهو الشعب ايضا هي تمكن افراد المجتمع السياسي ' الشعب ' من الممارسة المباشرة لحريتهم السياسية دون وسيط او وكيل حتي وان اختاروه فاختيارهم له لتوكيله بمهمة التعبير عن سيادتهم لا يحرمهم من ممارستها فهي حق اصيل لهم.

ومن مظاهر ذلك الديمقراطية بانواعها وكذلك الصورة الشعبية عن طريق الاحزاب السياسية وجماعات الضغط.

ولقد اجمع العالم باسره في الدول الديمقراطية ان الاسلوب الامثل و المعترف به قانونا و المحمي دستوريا هو وجود هيئات تمثيلية منتخبة من قبل الشعب ' البرلمان * الرئاسة ' تمارس السلطة باسمه ولحسابه الي جانب مشاركة الشعب المباشرة في ممارسة السلطة بطرق وصور مختلفة.

لدرجة ان بعض التفاسير القانونية و الدستورية ذهبت الي جواز طرح مشروع او اقتراح علي الشعب لابداء الراي فيه دون عرضه حتي علي البرلمان المنتخب , حيث بمجرد الموافقة عليه من قبل الشعب بشكل مباشر يكتسب قوته الالزامية للجميع.

وهذا ما حدث بالحرف ابان ثورة يناير المجيدة فقد طرح شبابنا امر الثورة علي الفساد و الظلم و القهر و الاستغلال علي جموع الشعب فوافق الشعب مطالب الشباب وتلاقت ارادتهما و التف الشعب حول ثورة الشباب حتي اسقطت النظام المنتخب و البرلمان المنتخب.

وكذلك الامر بالنسبة لحملة تمرد فهي طرحت اسبابا علي الشعب ارتات في حدود سيادتها الشعبية انها اسبابا كافية لسحب الثقة من رئيس الجمهورية وتخليه عن الحكم وقد لاقي طرحها هذا قبولا من غالبية الشعب ومارس سيادته الشعبية ايضا في قبول هذه الاسباب مما يعد ممارسة جلية وصحيحة لنظرية سيادة الشعب الذي اقرها الدستور ولا يعفي من ممارسة هذه السيادة كون الرئيس منتخب من عدمه لان ارادة الجماهير اذا كان لها رايا آخرا اصبحت ارادتها هذه بمثابة قوة الزامية اقوي من سلطة الرئيس المنتخب.

كما تجدر الاشارة علي ان هذا المبدا له اصل ووجود من الناحية الشرعية , فان سلطان الامة او الشعب له الحق في اختيار الحاكم الذي يحكمه , وكذلك توجيهه ومساءلته ومحاسبته ومحاكمته وعزله اذا لم يكن صالحا للحكم.

ويثور التساؤل :
هل ينسحب هذا المفهوم ويمتد الي العمل الذي تقوم به حملة تمرد؟
الاجابة بمنتهي الوضوح وطبقا للتفاسير المعمول بها علي مستوي كافة الدول الديمقراطية التي تاخذ بمبدا سيادة الشعب كما هو الحال في الدولة المصرية فان ما تقوم به حملة تمرد عبارة عن ممارسة ديمقراطية شعبية سلمية دستورية قانونية يمارس فيها الشعب سيادته وصلاحياته التي خولها له الدستور و القانون بل حثه عليها بممارستها وحمايتها اذا لزم الامر فالتوقيعات المجمعة تعبر عن ارادة شعبية تعكس سيادة الشعب في اتخاذ قرارات معينة.

ولان الديمقراطية و المواطنة هما اساس ممارسة سيادة الشعب , فقد جاءت المادة السادسة من مواد الدستور لتنص علي : ' يقوم النظام السياسي علي مبادئ الديقراطية و الشوري و المواطنة التي تسوي بين جميع المواطنين -- . ' .

وفي ذلك مفهومان لابد من الاشارة اليهما :
الاول : شكل الحكم
الثاني : نظام الحكم
واذا كان شكل الحكم هو التنظيم الذي تكون عليه المؤسسات السياسية العليا في الدولة مثل مؤسسة الرئاسة و الحكومة و السلطة التشريعية وطرق تكوينها ومبادئها. فان نظام الحكم المقصود به شكل الحكم بالاضافة الي الوسائل و الاساليب المستخدمة لممارسة الديمقراطية و العملية السياسية برمتها.

ويتجلي هذا المفهوم من الناحية الدستورية في عدة عناصر منها :
المشاركة الفعلية المباشرة و المستمرة للمواطنين في تحديد اختيارات وسياسة البلاد وتطبيق هذه السياسة.

وهذا ما تقوم به حملة تمرد انها تشارك بشكل فعلي ومستمر في تحديد واختيار سياسة البلاد بل وتطبقها.

رفض الهيمنة الايدلوجية و المذاهب السياسية.

وهذا ما تقوم به حملة تمرد ايضا انها رفضت من خلال التوقيعات التي جمعتها كل اشكال الهيمنة و الاستئثار و السيطرة السياسية من جانب رئيس الجمهورية وارتات انه غير اهلا للثقة التي منحه اياها وقررت سحبها منه.

ومن المعلوم ان هذه الممارسة الديمقراطية تطبق من خلال ان ينتخب الشعب ممثلين عنه ليكونوا نوابا عنه في السلطة سواء السلطة التشريعية ' البرلمان او السلطة التنفيذية * رئيس الجمهورية ' هذا حق ثابت.

لكن الحق الاكثر ثبوتا ايضا الذي يتغافل عنه الجميع ان الشعب يحتفظ بحقه في محاسبة السلطات و الاعتراض عليها ومن هنا تسعي الديمقراطية الي تحقيق الغاية منها في ممارسة الشعب للسلطة ' مبدا سيادة الشعب الي حكم الشعب لنفسه وبنفسه ' .

ورغم ان للديمقراطية ابعادا وتاثيرات اقتصادية واجتماعية , الا انها تعد مذهبا سياسيا يعتمد علي اساس نظري يتمثل في كون الشعب مصدرا للسيادة وعلي اساس عملي يتمثل في ممارسة الشعب للسلطة.

ولذلك فان مفهوم السيادة ومفهوم الارادة العامة للشعب هو فوق اي ارادة فردية لا يقبل الجدل او النقاش في حقها , حيث تاسست وهو يقرر حقوق لافراد هذه السيادة ' الشعب ' انه * اي الشعب * يحمل الحكام اي انتهاك للحقوق ويسمح للشعب بمقاومة حكامه عند ظهور بوادر انحراف واضطهاد وهذا مفهوم من الديمقراطية * المقررة دستوريا * وهذا المفهوم قديم بقدم الدعوة اليها فيرجع الي جان جاك روسو * وهو واضع اصطلاح ' السيادة الشعبية ' .

وهذا ما تقوم به حملة تمرد في انها جمعت ارادتها الشعبية فاصبحت ارادة لا تقبل الجدل فهي تاسست وانعقدت نحو سحب الثقة من رئيس الجمهورية للاسباب التي ارتاتها فقاومته بشكل ديمقراطي يكفله الدستور الذي ارتضي ان يقوم النظام السياسي علي مبادئ الديمقراطية و المواطنة نظرا لما بدر منه من انحرافات واخفاقات واضطهاد وذلك كله ممارسة لسيادتها الشعبية.

وحول مجادلة البعض بارادة الناخبين التي اتجهت نحو رئيس الجمهورية و المجادلة بان حملة تمرد تقفز فوق هذه الارادة.

يرد علي هذا الطرح جان جاك روسو ومن بعده كل النظريات القانونية الداعمة للديمقراطية المقررة بالدستور فيؤكد علي ان :

' السيادة هي جمع اصوات المواطنين كافة لاستخراج الاكثرية منها ' , فالمعيار هنا هو اي الاكثرية تزيد عن الاخري؟؟ ؟ تلك التي اتجهت ارادتها لانتخاب رئيس الجمهورية ام التي اتجهت ووقعت علي سحب الثقة منه عن طريق حملة تمرد فالسيادة الشعبية تنعقد للاكثرية من بين هاتين الارادتين ' , لان كل ذلك مبني علي فكرة المواطنة و الارادة العامة فهي لا تتجزا او غير قابلة للتنازل.

كما اننا نؤكد ان حملة تمرد عبرت تعبيرا سلميا من الناحية الديمقراطية و القانونية و الدستورية حيث انها قامت في الاساس علي مفهوم ديمقراطي مبني علي حقوق المواطنة الذي يكسب الحملة عدة حقوق قانونية مكفولة بحكم ومواد الدستور :

_ حق الحرية : الذي ينعكس في العديد من الاستحقاقات مثل حرية التعبير وحق الحديث مع الآخرين و المناقشة حول مشكلات المجتمع ومستقبله وحرية الاحتجاج علي موقف او قضية او سياسة ما حتي لو كان هذا الاحتجاج موجها ضد الحكومة او رئيس الدولة.

واستخدام حملة تمرد لهذا الحق انما هي تمارس تلك النصوص الدستورية وتفعلها بدلا من جمودها فلم تقم حملة تمرد باكثر مما هو مقرر لها في حق الحرية المكتسب من حقوق المواطنة.

_ حق المشاركة : و التي تتضمن العديد من الاستحقاقات مثل الحق في تنظيم حملات الضغط السياسي السلمي علي الحكومة او الرئيس او بعض المسئولين لتغيير سياساتها وبرامجها وقراراتها وممارسة كل اشكال الاحتجاجات السلمية و الاضرابات.

وهذا ايضا ما قامت به حملة تمرد من تكوين جماعات للضغط لتنفيذ مطالب الحملة بشكل سلمي وقانوني مكفول دستوريا مما يستلزم شرعية عملها وترتيب الآثار القانونية المترتبة علي الاستجابة لهذه المطالب وذلك كله تعميقا لمبدا الديمقراطية القائم علي فكرة المواطنة الواردة في الدستور.

كما يجدر ايضا الاشارة و التاكيد علي نص المادة 45 من الدستور التي تنص علي : ' حرية الفكر و الراي مكفولة لكل انسان حق التعبير عن رايه بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك من وسائل النشر و التعبير ' .

وفي هذه المادة الواضحة المقصد ابلغ رد لكل من يشكك في شرعية الاجراءات التي تقوم بها حملة تمرد من طبع اوراق ونشر ارائهم علي الجميع من الناس واستفتاء الناس عليها بالتوقيع فهذا كله مكفول بحكم الدستور و القانون ولعل البلاغات المتلاحقة المقدمة ضد اعضاء الحملة وكذلك الملاحقات الامنية كلها ستصطدم بنصوص الدستور الذي ثبت للكافة ان المعترضين عليه يحترمونه اكثر من واضعوه.

ماذا لو تقاعست الجهات المعنية عن توجيه الاتهام الي رئيس الجمهورية رغم كونه منسوب اليه اتهامات بجرائم عدة؟

تنص المادة 152 من الدستور علي : ' يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية او بالخيانة العظمي بناء علي طلب موقع من ثلث اعضاء مجلس النواب علي الاقل ولا يصدر قرار الاتهام الا باغلبية ثلثي المجلس.

وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصه حتي صدور الحكم ' .

كما هو مقرر وفقا للدستور انه من الجائز ان يوجه اتهاما ما الي رئيس الدولة وقد حدد الدستور طريق توجيه الاتهام بطلب مقدم من ثلثي اعضاء مجلس النواب.

وهنا يثور الجدل لان مجلس النواب ليس له وجود الآن وليس من المقبول ان يتم تعطيل حق توجيه الاتهام لانعدام وجود مجلس النواب لان الاتهام يكون قائما بمجرد وقوع جريمة ما و الاتهام هنا يكون بمثابة امرا كاشفا لوقوع جريمة وليس منشئ لها ولا يتصور قانونا ان تكون هناك جريمة وقعت بالفعل و الاتهام معطل فيها.

وقد يطرح البعض انه تنتقل هذه السلطة لمجلس الشوري ' المؤقت ' لكن الرد ان هذا لا يجوز لمجلس الشوري حيث ان السلطات المنقولة اليه رغم بطلانه متعلقة بالتشريع وفي حدود استثنائية ضيقة فقط ودون توسع فلم تنتقل كافة سلطات مجلس النواب الي مجلس الشوري فبالتالي لا يجوز له ممارسة صلاحيات وسلطات لم تنتقل اليه.

وقد يطرح البعض ايضا انه يجوز للنائب العام في حال تقديم بلاغات ضد رئيس الدولة حال ارتكابه ايا من الجرائم واعمالا للمبدا الدستوري ان كافة المواطنين امام القانون سواء فكان ينبغي علي النائب العام ان يامر بفتح التحقيق في كافة البلاغات المقدمة ضد رئيس الجمهورية فيما يتعلق بقتل الجنود المصريين في رفح المصرية وكذلك قتل المواطنين في مدينة بورسعيد وكذلك قتل المواطنين في القاهرة علي اسوار قصره وكذلك سحل المواطنين في الشوارع علي ايدي وزير داخليته وكذلك خطف المواطنين وقنصهم مثل جابر جيكا وكريستي و الحسيني ابو ضيف وغيرهم الكثير و الكثير من البلاغات المجمدة.

اما وان النائب العام وهو وكيل الشعب لم يقم بواجباته في حماية الشعب و التحقيق فيما يقدم اليه من بلاغات.

وعلي افتراض احقية مجلس الشوري في توجيه الاتهام لرئيس الدولة فهو ايضا لم يفعل رغم كل النداءات الشعبية و الجماهيرية منذ عدة شهور متقاعسا او متخاذلا او حاميا لرئيس الدولة.

كل ذلك يدعونا للرجوع الي الاصيل في ممارسة سيادة الشعب وحكمه لنفسه وبنفسه لانه في حال غياب مجلس النواب وتقاعس مجلس الشوري و المجلسان لا يعدوان ان يمثلان علاقة التبعية بين النائب و الناخب ' الوكيل و الاصيل ' بحيث يعود الاول ملتزما بآراء ومعتقدات الثاني بغض النظر عن صحتها او خطئها او مدي تقبل الاول لها فهي ملزمة له طالما تتوافق مع ارادة االثاني.

وهذا الارتباط بين الوكيل و الاصيل يؤدي الي نوع من انواع الوكالة الالزامية.

اما وانهما ' مجلس الشوري * النائب العام ' تقاعسا عن تلبية نداءات الجماهير العريضة واسر الضحايا و المصابين فيرتد الحق لاصحابه ' الشعب ' المتمثل في الاكثرية التي جمعتها حملة تمرد لممارسة سيادته المشار اليها آنفا و المكفولة بنصوص الدستور.

ويصبح هذا الحق اكثر ضرورة لعدم وجود مجلس نواب يفترض ان يقوم بمهامه ان طلبت منه.

وهذا التجسيد في العلاقة بين الاصيل و الوكيل يعد اثرا مباشرا من اثار نظرية سيادة الشعب.

كما جاء بالدستور ايضا في مادته 153 :
' اذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء , وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للاستقالة او الوفاة او العجز الدائم عن العمل او لاي سبب آخر يعلن مجلس النواب خلو المنصب ' .

ففي هذا تاكيد علي ان هناك اسباب محددة ومسماة لخلو منصب رئيس الجمهورية , كما ان هناك ايضا اسباب غير محددة وغير مسماة لخلو منصب الرئيس او لاي سبب آخر ' لذلك جاءت العبارة عامة مجردة اذا اسباب خلو المنصب ليست واردة علي سبيل الحصر انما جاءت لتعكس الواقع الاجتماعي و السياسي و الجماهيري.

اذا نحن لا نتحدث عن قيام مانع موقت يتم تسليم السلطة بموجبه الي رئيس مجلس الوزراء , لكننا نتحدث عن خلو المنصب وبالتالي الدعوة لانتخابات اخري.

لان المانع المؤقت يجعل السلطة في يد رئيس الوزراء لحين زوال هذا المانع ثم تعود الي رئيس الجمهورية مجددا انما خلو المنصب يدعو للانتخاب بعد الاعلان عنه , وبالتالي عدم قابلية اعادتها اليه فاثر المانع المؤقت يختلف عن اثر خلو المنصب , كما جاء بالدستور واحكامه.

ومن ذلك كانت حملة تمرد معبرة عن تلك الاسباب الاخري المشار اليها بصدر المادة 153 يدعمها واقع مادي متمثل في توقيعات المواطنين عليها وواقع سياسي شعبي رافض لاستمرار الرئيس في الحكم , مما يؤكد ان استمارات حملة تمرد وفرت سبب من ضمن الاسباب الاخري التي بموجبها لابد من الاعلان عن خلو منصب رئيس الجمهورية.

هذا ومن ناحية اخري طبقا لما نصت عليه المادة 37 من قانون الاجراءات الجنائية و التي تنص علي ' لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية او جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطي ان يسلمه الي اقرب رجل من السلطة العامة دون احتياج الي امر ضبط ' .

و لما كانت الجرائم التي ارتكبها د. محمد مرسي اصبحت مشهودة و قد شاهدها كل الشعب المصري و اعلن هذه الشهادة جموع الملايين الموقعة علي استمارة تمرد فانه يحق لهذه الملايين ليس فقط الاعلان عن ضرورة عزله او محاسبته جنائيا بل يجوز لهذه الملايين اعمالا لنص المادة 37 من قانون الاجراءات الجنائية القبض عليه و تقديمه للسلطات القائمة من اجل العدالة التي تشفي صدور الوطن و المواطنين .

هذا ولما كانت محكمة جنح الاسماعيلية المستانفة في حكمها في الجنحة رقم 338 لسنة 2013 مستانف الاسماعيلية قد انتهت الي ضلوع د. مرسي و اخوانه و جماعته في جرائم الهروب و القتل و التخابر و تهريب السجناء الذي كان من بينهم سالف الذكر و آخرين بعد اعتدائهم علي القوات الامنية للسجون مستخدمين جميع انواع الاسلحة و السيارات تمهيدا لوصول عناصر اجنبية نجحوا بمقتضاها في تحقيق رغباتهم ومشروعهم الاجرامي .

ولما كانت المحكمة قد رات ان تلك الافعال تشكل جنايات مضرة بامن الحكومة من الخارج و الداخل المنصوص عليهم في البابين الاول و الثاني من قانون العقوبات في المواد 39 , 40 , 41 التي نصت علي انه يعد فاعلا للجريمة من يرتكبها وحده او يرتكبها غيره يعد شريكا في الجريمة كل من حرض علي ارتكاب الفعل المكون للجريمة ومن اتفق مع غيره علي ارتكابها كما اشارت المحكمة الي ارتكابهم للجنايات المنصوص عليها في المواد 77 , 88 مكرر فقرة ' ثانيا , ثالثا , رابعا ' , 138 فقرة 3 , 142 , 143 , 144 عقوبات ومفاده انه يعاقب بالاعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدي للمساس باستقلال البلاد او وحدتها او سلامة اراضيها و يعاقب بالاعدام كل من سعي لدي دولة اجنية او تخابر معها او احد مما يعملون باعمال عدائية ضد مصر .

بناء علي ما تقدم :
يكون من حق جماهير الشعب التي وقعت علي استمارات تمرد او لم توقع وشاركت مؤيدة للموجة الثانية للثورة من اجل انقاذ البلاد و الثورة بمن انحرف بها وارتكب كافة الجرائم سالفة البيان , ويكون من حق الجماهير الشاهدة علي جرائم رئيس الجمهورية ان تمارس حقها في عزله وتقديمه للمحاكمة واتخاذ كافة التدابير السياسية من اجل استمرار الثورة بحكومة محايدة انتقالية ولجنة قانونية لاعداد دستور جديد للبلاد مع عزل جميع الموظفين المعينين بمعرفته وعلي راسهم النائب العام الحالي .

سامح عاشور
المحامي بالنقض
نقيب المحامين

ليست هناك تعليقات :