منطقة الأهرامات تتحول الى وكر لعمليات الاحتيال و النصب علنا


' الاهرامات ' حضارة وتاريخ صنعها المصريون القدماء ابهرت العالم بعراقتها وقدمها , وعُدت احدي عجائب الدنيا السبع القديمة , فقصدها جميع السائحين علي مستوي دول العالم لمشاهدتها علي ارض الواقع فاصبحت المكان الاول الذي يقصده اي سائح تطا قدماه ارض مصر.

تحولت في العصر الحديث الي مكان يمارس فيه عمليات النصب و الابتزاز علي زائريه علي مراي ومسمع من شرطة السياحة , هذا ما سجله الواقع بعد تعدد روايات السائحين عن تعرضهم لمضايقات داخل منطقة الاهرامات من قبل الباعة الجائلين واصحاب العربات و الخيول , لتصبح المنطقة خارج نطاق شرطة السياحة.

من جانبها حاولت شرطة السياحة ووزارة الآثار درء الاتهامات عن نفسها بالتقصير ونفي وجود ادني مضايقات للسائحين داخل منطقة الاهرامات وخارجها , مؤكدة سيطرتها الكاملة علي المنطقة وعلي زيادة اعداد السائحين خلال الفترة الاخيرة مقارنة بما قبلها.

و عند زيارة منطقة الاهرامات ليوم كامل قضته بصحبة السائحين و المصريين من اصحاب الخيول و العربات الكارو و الباعة الجائلين و المرشدين السياحيين , رصدنا عدة مضايقات داخل المنطقة ما بين فتح ابواب السيارات بالقوة وعمليات النصب علي السائحين و الابتزاز من قبل اصحاب الخيول وانتشار الباعة الجائلين وتراكم القمامة وانبعاث روائح كريهة منها او من اسطبلات الخيول , بصورة لا تليق بالقيمة الحضارية للاهرامات , وسط غياب امني وتجاهل من شرطة السياحة , علي الرغم من تواجدهم بالمنطقة فانهم لا يتدخلون لمنع تلك المضايقات او الحد منها.

' من يزور منطقة الاهرامات مرة , ويتعرض لما يحدث هناك , لن ياتي مرة اخري ' , باللهجة الليبية المختلطة بالاسي وقليل من الانفعال قالها رجب محمد السائح الليبي الجنسية.

تعليق رجب جاء عن تجربة شخصية مر بها هو وزوجته عندما قررا زيارة المناطق الاثرية اثناء اجازتهما بمصر. اولي الزيارات كانت بمنطقة الاهرامات , التي واجه فيها السائح الليبي مع زوجته مضايقات , واستغلال , ومحاولات للنصب , جعلته يندم علي رحلته , ويقرر عدم تكرارها.

استقل محمد تاكسي من الفندق الذي يسكن فيه , وفوجئ فور وصوله منطقة الاهرامات بمجموعة من الاشخاص يستوقفون سائق التاكسي ويطلبون منه التوجه الي مكان معين , ادعوا ان الطريق مغلق. رفض السائق اتباعهم , واخبرهم انه سيبقي مع الزائرين حتي انتهاء رحلتهم.

قاطعو الطريق هم اصحاب الخيول و العربات , هكذا قال السائق , وحذر رجب وزوجته من عمليات النصب التي يمارسونها علي السائحين , ' يتواجدون هنا بكثرة , وقد يصل الامر الي البلطجة مستغلين حالة الانفلات الامني السائدة بالبلاد ' , قال رجب نقلا عن السائق.

الموقف الذي تكرر اكثر من مرة , كان في المنطقة المؤدية الي شباك التذاكر , وهناك كان اول ظهور لرجل شرطة , بحسب رجب. كان الرجل يرتدي زيا مدنيا عاديا لكنه يحمل جهازا لاسلكيا من اجهزة الشرطة , وهو ما اكد للسائح انه رجل امن.

استوقف رجل الشرطة التاكسي , وسال السياح عن اثبات شخصيتهم , الا انهم كانوا قد تركوا جوازات سفرهم في الفندق خوفا من الانفلات الامني. اصر الشرطي علي عدم دخولهم , رغم انهم اتبعوا التعليمات ودفعوا رسوم الدخول , بينما تدخل احدهم قائلا ' خلاص يا باشا دخلهم وهيشوفوك ' .

دقائق معدودة دارت خلالها مشادة بسيطة بين السائح الذي رفض دفع نقود اضافية مقابل السماح له بالدخول , وطلبه مقابلة المسئول عن المنطقة , وبين اصرار رجل الشرطة علي عدم السماح لهم بالدخول. انتهت بالموافقة علي دخولهم شريطة ان يرافقهم احد الاشخاص يدعي عبدالله , قيل لهم انه مرشد سياحي من وزارة الآثار.

' انا خلصت مهمتي وعايز بقي حاجة , وكل سنة وانت طيب ' , جملة انهي بها عبد الله شرحه السياحي لمنطقة الاهرامات و التي استغرقت اقل من ربع ساعة , بحسب رجب الذي ادرك وقتها انه اصبح فريسة للنصابين , الذين حذر منهم سائق التاكسي. اعطاه مبلغا من المال خوفا من الوقوع في مشكلات , واكمل رحلته علي امل ان يجدها ممتعة.

' بمجرد اختفاء عبدالله عن الانظار بدا توافد العديد من اصحاب الجمال , و الخيول , و الباعة الجائلين المتواجدين بكثرة داخل الاهرامات , وبدات المضايقات تزيد ' , بعضهم كان يعرض عليه شراء مشروب , او ركوب خيل , لكنه كان يرفض خوفا من عملية نصب جديدة , ' صاحب احد العربات اصر علي مرافقتي وكان يتطفل علينا , ويعطينا بعض الملاحظات مثل يمكنكم التقاط صور هنا او هناك ' .

استمرت المضايقات حتي نهاية الرحلة دون ان يظهر رجل شرطة واحد ينقذ السياح الموجودين من شرك المسيطرين علي المنطقة.

رغم الشكاوي المتكررة التي تصدر عن السائحين الزائرين للاهرامات , فان الارقام تشير الي زيادة عدد الزوار , حيث صرح اللواء عبدالرحيم حسان مدير الادارة العامة للسياحة و الآثار , ان هناك زيادة كبيرة في عدد السائحين الامريكيين الوافدين الي منطقة الاهرامات بنسبة 15 في المائة الشهر الماضي , وان منطقة الاهرامات استقبلت قبل ايام 100 سائح امريكي , قضوا رحلة سياحية في الاهرامات وعادوا الي الاسكندرية , بالاضافة الي قيام الجامعة الامريكية بتنظيم حفل حضره 1600 طالب وشخصية اجنبية , وتم تكريم الخريجين , وقدم طلاب الجامعة الشكر لشرطة السياحة علي المجهود الذي تقوم به شرطة السياحة.

واوضح حسان ان شرطة السياحة تقوم يوميا بحملات علي جميع المناطق السياحية , ولا توجد اي مشاكل تواجه السائحين , ' وفي حالة تحرير محضر ضد اي بائع او صاحب حصان او جمل يتم التحقيق فيه فورا ' .

' منطقة الاهرامات من اكثر المناطق الاثرية امنا , وتقوم شرطة السياحة بتامين جميع المناطق , ونطالب الذين يحاولون تشويه صورة مصر السياحية ان يزوروا المناطق الاثرية ' , كلام مدير الادارة العامة للسياحة و الاثار يتناقض مع البيان الذي اصدرته السفارة الامريكية بالقاهرة الاسبوع الماضي , تحذر فيه مواطنيها ورعاياها داخل مصر من الاقتراب من منطقة الاهرامات بالجيزة في الوقت الحاضر.

اتخذت السفارة هذا الاجراء , بحسب البيان , بعد وقوع عدة حوادث عنف غير مبررة لبعض الافواج السياحية , مضيفة انها لاحظت في الآونة الاخيرة وجود ' افراد غاضبين ' يحيطون بسيارات الافواج السياحية الامريكية بمنطقة الاهرام , بل ووصل الامر في بعض الاحيان الي محاولة فتح ابواب تلك السيارات بالقوة.

وجاء الرد علي بيان السفارة الامريكية ببيان من وزارة الآثار , اكدت فيه استقرار الاوضاع الامنية بمنطقة الاهرامات , ونفت ما جاء علي موقع السفارة الامريكية , مشيرة الي ان تحذير رعاياها من عدم التواجد بمنطقة الاهرامات لا مبرر له.

و خلال الجولة بمنطقة الهرم رصدت عدة تجاوزات من قبل الباعة الجائلين , بالاضافة الي اصحاب الخيول و العربات , الذين يمارسون جميع الطرق لارغام السائحين لركوب الخيل و العربات الخاصة بهم باسعار متفاوتة واغلبها خيالية.

تبدا المضايقات بحسب ما رصدناه قبل دخول الزائرين الي منطقة الهرم باستيقاف السيارات التي يستقلونها بشكل لا يليق باثرية المكان وتاريخه , دون وجود ادني دور للشرطة في ابعادهم عن الزائرين وعن سياراتهم علي الرغم من تواجد اعداد منهم بالمكان.

التقينا بثلاثة من السائحين الامريكيين وتحدثنا معهم عبر مرشدهم السياحي. ديفيد قال انهم لم يتعرضوا لمضايقات كثيرة تستدعي ان تصدر السفارة بيانا تحذيريا , واعتبر ان ما يحدث بمنطقة الاهرامات هو ما اعتادوا عليه في مثل تلك المناطق , مبررا تحذير السفارة لرعايها بانه قد تكون هناك حالات تعد علي آخرين رصدتها السفارة.

نيكول قالت انها مستمتعة برؤية الاهرامات , وابوالهول , و المنطقة الاثرية , وانها كانت تحلم منذ فترة بزيارتها , لكنها علقت بابتسامة علي وجود القمامة امام المدخل المنطقة بنزلة السمان , مما يسبب الروائح الكريهة , ابدت نيكول اندهاشها من اهمال الحكومة رفع القمامة عن منطقة اثرية.

بالقرب من ديفيد ونيكول , كان اشرف محمود يتجول , قال انه مصري , لكنه اخطا اثناء الحديث وتحدث باللهجة الخليجية.

ينكر اشرف جنسيته بعد ان نصحه صديق مصري بذلك لتفادي البائعين ومضايقاتهم , قال اشرف انه نجح في التخفي مع اكثر من شخص , وانه لم يطل الحديث مع الباعة.

وقال محمد عاشور , مرشد سياحي بمنطقة الاهرامات ان المنطقة الاثرية بلا امن , وان هناك حالات سرقة وتحرش بالسائحين من قبل الاشخاص المتواجدين امام البوابات الرئيسية لمنطقة الاهرامات , وامام فندق مينا هاوس , وان ما ساعدهم علي ذلك هو عدم التواجد الامني و الشرطي بالمنطقة , ' وان كان افراد الامن موجودين فان دورهم يقف عند المشاهدة فقط دون انكار اي من تلك المخالفات ' , مطالبا القيادات بسن قوانين تحمي السائحين من تلك الاعتداءات المتكررة.

و أكمل عاشور ان الحل لتلك الازمة هو عودة الامن للمنطقة , مشيرا الي انه تقدم وزملاؤه المرشدون بالعديد من البلاغات علي موقع وزارة الآثار حتي يتم تامين المنطقة حفاظا علي اهميتها , وتامين السائحين الا انهم لم يجدوا ردا علي تلك البلاغات.

واشار عاشور الي سبب البيان الذي اصدرته السفارة الامريكية بالقاهرة انه علم بان طلاب الجامعة الامريكية و المعتادين اقامة حفلات تخرجهم بالاهرامات كل عام وتسلم شهاداتهم بها , تعرضوا لمضايقات من جانب المتواجدين داخل المنطقة , ما قد يكون دفع السفارة لاذاعة هذا البيان علي موقعها بالانترنت وبالاخص ان البيان جاء عقب الحفلة مباشرة.

واقترح الخبير الامني العميد محمود قطري , للحد من تلك المخالفات الموجودة بمنطقة الاهرامات و التجاوزات و المضايقات للسائحين من قبل البائعين واصحاب الخيول ان يتم تخصيص فرد امن مؤهل ومدرب من شرطة الاثار يرافق كل وفد يصل الي الاهرامات ويتدخل حال حدوث اي مضايقات او تجاوزات من قبل البائعين.

واوضح قطري ان ما يحدث بمنطقة الاهرامات من تجاوزات ما هو الا جزء من حالة الانفلات الامني الموجود بجميع انحاء الجمهورية و الذي بدوره طال تلك المنطقة , مشيرا الي تفادي حالة الانفلات بالاهرامات بتكثيف تواجد القوات الامنية بالمنطقة نظرا لاهميتها وقيمتها الاثرية.

واضاف قطري ' لابد من تاهيل افراد الامن المكلفين بتامين منطقة الاهرامات , واعداد دورات تدريبية لهم بالتعاون مع وزارة الآثار و الثقافة حتي يصبح فرد الامن علي دراية كاملة باهمية تلك المنطقة , بالاضافة الي كيفية التعامل مع السائحين علي مختلف جنسياتهم , مشيرا الي تخصيص فرد امن لكل وفد سياحي لمرافقته علي طول الرحلة فاذا ما تعرض لمضايقات تدخل رجل الامن للتعامل مع المشكلة بطريقة قانونية وبصورة مشرفة تليق بقيمة المنطقة.

وجاء كلام محمد محمود صاحب احد البازات امام مدخل ابوالهول , ليبرر سبب نشر البيان من قبل السفارة الامريكية , مشيرا الي انه سمع كلاما عن سرقة بعض اغراض الطلاب المتواجدين بحفلة الجامعة الامريكية , بالاضافة الي المضايقات التي وصفها بالمعتادة من قبل البائعين المتواجدين امام وداخل منطقة الهرم.

وارجح محمود سبب معاملة البائعين للسائحين بتلك الطريقة التي قد تضايق السائحين بقلة عدد السائحين وان البائعين واصحاب الخيول لا يريدون ايذاء الزوار او مضايقتهم ولكنهم يبحثون عن كسب رزقهم فقط غير مبالين ان تكون معاملتهم تضايق السائحين ام لا.

واشار محمود الي انه قبل ثورة يناير لم تكن الحالة الامنية تعاني كما هي الآن , مضيفا ان البوابات الالكترونية كانت منتشرة علي طول الشارع , وكان يتم تفتيش جميع المتوجهين الي المنطقة ذاتيا قبل دخولهم حتي لو كانوا عاملين بالمنطقة , وان البائعين استغلوا غياب الامن وبداوا في مضايقة السائحين بكل طريقة لبيع بضائعهم , مطالبا عودة الامن وفرض عقوبات علي كل من يضايق السائحين حتي تظهر المنطقة ومصر بصورة جميلة بالخارج.

ونوه صاحب البازار ان الوقائع التي تحدث داخل المنطقة الاثرية من مضايقات او تحرش او سرقة يتم التعامل معها بشكل ودي من قبل شرطة الآثار خوفا من ان يتطور الامر ويصل الي اقسام الشرطة ما قد يضرهم في عملهم.

محمد فضل , صاحب احد اصحاب الاسطبلات : ان ما يحدث من قبلهم جاء نظرا لقلة وجود السائحين , مشيرا الي ان جميع العاملين امام البوابات يسعون لكسب رزقهم , ويدخلون في صراع مع بعضهم لكسب زبون , علي حد وصفه , قد يكون الوحيد في اليوم.

و أكمل فضل ان قلة عدد السائحين اثر سلبا علي عدد كبير من اصحاب الخيول و الجمال في دخلهم , بالاضافة الي عدم استطاعتهم اطعام تلك الخيول ما قد يدفعهم للمحاربة من اجل كسب رزقهم , مشيرا الي انه لا يوجد لديهم ادني اعتراض علي تخصيص اماكن لوقوف الخيول و الجمال و الالتزام من قبلهم باسعار تحددها الحكومة ولكن اشترط وجود مساواة في العمل بين الجميع دون قصره علي طرف معين او اصحاب الاسطبلات الكبار الذين يجاملون الفنادق لكسب ودهم ولاحتكار السائحين عليهم فقط.

ليست هناك تعليقات :