عضو في لجنة تقييم سد النهضة يؤكد أن التقرير النهائي يصب في مصلحة مصر


بعد نحو 60 ساعة من العمل المتواصل علي مدار خمسة ايام في اجتماعهم الاخير في اديس ابابا , عاد العضوان المصريان باللجنة الدولية لتقييم سد النهضة الاثيوبي , شريف المحمدي و خالد حسين , الي القاهرة امس , بعد الانتهاء من الصيغة النهائية لتقرير اللجنة الذي يرفع عددا من التوصيات و يتضمن الراي الفني و العلمي بشان تداعيات و آثار انشاء سد النهضة .

و قد أبدى الدكتور شريف المحمدي , رئيس الجانب المصري في اللجنة الدولية لتقييم آثار السد فور وصوله للقاهرة , ' ارتياحه للصيغة النهائية لتقرير اللجنة الدولية , لانه يصب في صالح مصر بشكل عام ' . لكنه رفض الافصاح عن تفاصيل تقرير اللجنة , و قال انه سيعرض علي الحكومة , و هي المخولة بالاعلان عنه .

و ردا علي سؤال حول اسباب ارتياحه اجاب المحمدي باقتضاب شديد قائلا : ' نتائج تقرير اللجنة الدولية تصب في مصلحة مصر ' . مؤكدا ان التقرير الذي صدر من اللجنة بصورته النهائية ' يعد علامة ايجابية علي التوافق مع الجانب الاثيوبي ' , ونفي في الوقت نفسه ' وجود اي اعتراض من جانب ممثلي الدول الثلاث ' مصر و السودان واثيوبيا ' علي التقرير , حيث وافق جميع اعضاء اللجنة علي محتوياته.

وعبر المحمدي عن استيائه من نشر بعض وسائل الاعلام لتقارير سرية كانت ستساعد في الموقف التفاوضي لمصر , قائلا : ' صدمنا بتسريب بعض التقارير السرية للنشر في الصحف -- وهو ما اضر بموقفنا ' .

كانت اللجنة الدولية قد مدت عملها في الاجتماع الاخير لمدة يومين اضافيين بعض الاعتراض علي بعض البنود الواردة في التقرير النهائي للجنة , فضلا عن مطالبة الخبراء السودانيين بتعديل بعض المواصفات الفنية في السد وسياسات التشغيل.

وحول طبيعة دور هذه اللجنة قال المحمدي ' عمل اللجنة الدولية لتقييم آثار السد يتحدد من خلال الشروط المرجعية التي تم الاتفاق عليها من قبل مصر و السودان واثيوبيا , و التي لخصت عمل اللجنة في تقديم توصيات وراي فني فيما يتعلق بتاثير السد , فضلا عن مراجعة التقارير المقدمة من الجانب الاثيوبي , ثم تقديم رايها العلمي في هذه التقارير و الدراسات واوجه القصور بها ولفت الانتباه بالدراسات المطلوبة واهمية تغطية ودراسة بعض الجوانب الفنية في مجالات مختلفة تتعلق بانشاء السد , وهو ما تم التوصل اليه بعد سلسلة طويلة من المناقشات وتوضيح وجهات النظر ' .

لكنه اكد ان اللجنة ' ليس من مهمتها تعديل مواصفات السد , او تحديد سياسات التشغيل , ولكننا نفترض رايا علميا ودراسات يمكن البناء عليها وتقييم الآثار ' , مشيرا النظر الي انه سوف يتم تقديم هذه التوصيات النهائية الي حكومات الدول الثلاث لاتباع الطريقة المثلي لاتخاذ قرار مبني علي اساس علمي وفني , باعتبار الفوائد و الاضرار التي يمكن ان تقع علي كل دولة.

ونفي المحمدي ان يكون هناك راي قاطع بتاثير السد سواء سلبا او ايجابا قائلا ' لا يمكن الحكم بان السد ليس له آثار سلبية علي مصر -- ونحن بحاجة الي اتخاذ موقف يحافظ علي المصلحة و الامن المائي المصري ' .

واشار المحمدي الي ان اللجنة وصلت الي اثيوبيا قبل الاعلان عن نية الحكومة هناك تحويل مجري فرع النيل الازرق لبناء السد بيوم واحد , وان الجانب الاثيوبي استغل احتفال البلاد بالعيد القومي وتم تدشين هذه الخطوة بهذه المناسبة , وقد يكون اسيء فهم هذا التصرف من جانب مصر وترك انطباعا سيئا لدي الشعب المصري.

وحول تقييمه لخطوة تحويل مجري النيل الازرق قال عضو اللجنة الدولية لتقييم سد النهضة ' هي مجرد خطوة اولية ولا تعني بناء السد بشكل كامل ' , وحول المدة الزمنية التي ستستغرقها الحكومة المصرية لتحديد موقفها من بناء السد اكد ' انه لا يمكن اخذ قرار سريع , ولكن الحكومة المصرية ستدرس النتائج التي وصل اليها التقرير , وسيتم اتخاذ قرار بشان ذلك و الاعلان عنه ' .

واكد المحمدي انه لا مجال لنشر التقرير النهائي للجنة الا بعد صياغة الموقف المصري بشان السد , مشددا علي ان جميع التقارير التي تم تداولها في وسائل الاعلام ليست لها علاقة بالتقرير النهائي للجنة الدولية , موضحا ان ما تم نشره هي دراسات للجنة الوطنية المساعدة للخبراء المصريين المشاركين في اللجنة الدولية ولا يعني بالضرورة انها تعبر عن راي اللجنة الدولية.

كان قد اثير مخاوف لدي بعض المتابعين لتطورات ملف العلاقات بين مصر و السودان في ظل ازمة سد النهضة الاثيوبي ان يكون الربط الكهربائي مع السودان بداية تمهيد لقبول مصر للسد ثم حصولها علي الكهرباء المولدة منه , وهنا اكد المحمدي ان ' مشروعات الربط الكهربائي بين مصر و السودان تتم في اطار التعاون الفني و الثنائي بين البلدين , ولا اعتقد ان يكون لها علاقة بمشروع سد النهضة الاثيوبي ' .

واوضح ان هناك مشروعات للربط الكهربائي بين مصر و السودان واثيوبيا , ولكنها كانت دراسات تمت من خلال مكتب حوض النيل الشرقي ' الانترو ' التابع لمبادرة حوض النيل ' .



تاثير الضغط الشعبي

علي التفاوض

' حالة من الاستغراب و الاندهاش من الجانب الاثيوبي عندما سمعوا بموجة التخوفات التي عمت مصر ' , يصف شريف المحمدي حالة رد الفعل الاثيوبي الذي نقلت له خلال تواجده في اديس ابابا عبر الايام الماضية , بعد حالة الاحتقان التي سادت الشارع و الراي العام المصري و التضخيم الاعلامي من خطورة الموقف علي الامن القومي و المائي المصري من التحرك الاثيوبي المنفرد في مياه النيل وشروعها في بناء السد.

ويصف المحمدي ما شاهده في موقع سد النهضة الذي زاره بعد يومين من بدء الاجتماعات , قائلا ' ما وجدناه هي اعمال انشائية , لكنها لا تعني بناء السد في صورته النهائية , موقع السد هناك ' رهيب ' وكبير وهناك المئات من العمال يقومون باعمال تكسير للحجارة , و المسالة ليست بالسهولة التي يتخيلها الراي العام المصري , كما ان هناك مشاكل هندسية في البناء ' .

واكد المحمدي ان اعضاء اللجنة تحدثوا مع الشركة الايطالية ' ساليني ' المنفذة لسد النهضة عند زيارتهم لموقع السد قبل يومين , وتمت مناقشة جميع ما يشغل بالنا من مواصفات فنية و التاكيد من تنفيذ ما ياتي في الدراسات علي ارض الواقع.

وطالب عضو اللجنة الدولية لتقييم اثار السد الشعب المصري بعدم الانزعاج وعدم الانخراط في موجة الهيجان التي حدثت عقب تحويل اثيوبيا لمجري النيل , مؤكدا ان هذه اللجنة كانت فرصة جيدة لبناء راي علمي حول السد.

وحذر المحمدي من تفاقم حالة الغضب لدي الراي العام المصري , مؤكدا ان بعض هذه التصرفات قد تؤدي الي عناد اثيوبيا ووقف الاجتماعات وعدم الاستمرار في التعاون مع مصر بشان السد ' .

كان العشرات من المحتجين قد تظاهروا امام السفارة الاثيوبية بالقاهرة امس الاول للتنديد بالموقف الاثيوبي و المطالبة بطرد السفير الاثيوبي وحاول البعض اسقاط العلم الاثيوبي من السفارة , وهو ما حذرت منه الحكومة من التسبب في ازمة دبلوماسية بين البلدين في وقت تسعي فيه القاهرة الي تدعيم وتقوية علاقتها مع اديس ابابا.

واضاف المحمدي ان تحويل المجري كان جزءا من الخطة الاثيوبية لبناء السد , وكان خطوة هندسية ضرورية للتمكن من بناء جسم السد , موضحا ان الاعلان عن توقيت التحويل كان في نوفمبر الماضي وكان ورادا حدوثه في اي لحظة.

كانت اللجنة الدولية لتقييم آثار سد النهضة قد شكلت بعد زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل ميلس زيناوي الي القاهرة , بعد الاعلان عن انشاء سد النهضة , وضمت عشرة من الخبراء اربعة منهم من الدوليين تم التعاقد معهم من مكتب محاماة دولي , وشاركت الدول الثلاث مصر و السودان واثيوبيا في دفع مرتباتهم , وعضوية خبيرين عن كل دولة , ووضعت الشروط المرجعية لعملها بالتشاور بين الدول الثلاث و التي لم تلزم ايا من الدول بالالتزام بالتوصيات الناتجة عن اللجنة ولكن كان هناك نوع من الالتزام الادبي و التعهد بعدم الضرر من الجانب الاثيوبي.

ليست هناك تعليقات :