مقال البرادعي في الفورين بوليسي : مصر دولة فاشلة و الإخوان غير مؤهلين للحكم و أخشى من الهاوية


قال الدكتور محمد البرادعي , انه بعد عامين من الثورة التي اسقطت ديكتاتورية حسني مبارك , اصبحت مصر دولة فاشلة , وذلك وفقا لمؤشر الدول الفاشلة التي تصدره مؤسسة السلام الامريكية.

واشار مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا , في مقالة بمجلة فورين بوليسي , الي ان مصر تشهد اليوم تآكل سلطة الدولة التي من المفترض ان توفر الامن و العدالة , كما يغيب عنها القانون و النظام.

ولفت الي ان جرائم القتل بلغت عام 2012 130 في المائة و السرقات الي 350 في المائة وعمليات الخطف 145 في المائة , وذلك وفقا لارقام وزارة الداخلية , فهناك شعور مسيطر بغياب سلطة الدولة التي تنفذ القانون و النظام , وبالتالي يعتقد الجميع ان كل شئ جائز , وهو ما يخلق , بطبيعة الحال , الخوف و القلق.

واكد مؤسس حزب الدستور , انه لا يمكن ان نتوقع لمصر حياة اقتصادية طبيعية في ظل هذه الظروف , فمن يمتلكون المال , سواء مصريون او اجانب , لا يستثمرون في مناخ يغيب فيه القانون و النظام , بينما لا تقوم المؤسسات بواجباتها , حيث لا يمكن ان تتوقع ما قد يحدث غدا.

و أضاف انه نتيجة لذلك تراجعت احتياطات النقد الاجنبي المصري الي ادني مستوي لها , فيما من المتوقع ان يصل عجز الميزانية هذا العام الي 12 في المائة , ولا يزال يستنزف الجنيه قيمته , وما يقرب من ربع شبابنا يستيقظ في الصباح دون عمل , وعلاوة عليه فان الاسس الاقتصادية تغيب عن الكثير من المناطق.

وقال البرادعي , الحكومة المصرية لم تقدم سوي رؤية مختلطة للسياسات الاقتصادية , دون وجود يد ثابتة علي راس الدولة , فالحكومة قد تبنت بعض تدابير التقشف في ديسمبر لتلبية شروط صندوق النقد الدولي , بينما الغتها في صباح اليوم التالي , وفي الوقت نفسه , بات ارتفاع الاسعار واوضاع الاقتصاد لا يمكن الدفاع عنها , لاسيما عندما يكون قرابة نصف المصريين يعيشون علي اقل من 2 دولار يوميا.

واكد ان السلطة التنفيذية ليس لديها فكرة عن كيفية ادارة مصر , فالقضية ليست فيما اذا كان الاخوان المسلمين ام الليبراليين في السلطة , وانما قضية اشخاص ليس لديهم رؤية او تجربة , انهم لا يعرفون كيفية تشخيص المشكلة ومن ثم توفير الحل , ببساطة انهم ليسوا مؤهلين للحكم.

وقال السياسي المعارض : ' اننا في المعارضة نحث الرئيس محمد مرسي طيلة اشهر , علي حاجة مصر الي حكومة تكون مختصة ومحايدة , علي الاقل من خلال الانتخابات البرلمانية القادمة , كما اننا بحاجة الي لجنة ذات تنوع واسع لتعديل الدستور المصري , الذي يتفق الجميع تقريبا علي انه لا يرقي الي ضمان توازن مناسب من السلطة وضمان الحقوق و الحريات الاساسية. '

واضاف البرادعي : ' اكدنا علي الحاجة الي شراكة سياسية بين مختلف الاطراف , بما في ذلك اصحاب التوجه الاسلامي وجماعة الاخوان المسلمين , التي تمثل ربما اقل من 20 في المائة من البلاد. لكن للاسف هذه التوصيات وقعت علي آذان صماء ' .

واشار الي ان الاخوان فقدوا الكثير لانهم غير قادرين علي تحقيق شعاراتهم الكبيرة , فالناس بحاجة الي طعام ورعاية صحية وتعليم , بينما لم تكن الحكومة قادرة علي تلبية توقعات الشعب , فالاخوان يفتقرون للناس المؤهلين , الذين ينحدر غالبيتهم من الاحزاب الليبرالية و اليسارية , لذا هناك حاجة الي تشكيل ائتلاف كبير وان نضع الخلافات الايديولوجية جانبا , لنعمل معا من اجل الاحتياجات الاساسية للشعب. فالناس لا يمكن ان تاكل الشريعة.

وخلص البرادعي بالقول اننا ندفع ثمن سنوات عديدة من القمع وحكم الرجل القوي ’ و ربما كانت هذه نقطة راحة للناس , اذ لم يكن عليهم اتخاذ قرارات مستقلة , لكن بعد الثورة اصبح كل شخص حر , بينما هذا الوضع غير مريح , انها معضلة الوجودية بين التوق الي التحرر و العكاز القديم الذي يستند الي شخص ما يملي عليك ماذا تفعل .

و يضيف ان معظم تحدياتنا هي نتاج للديكتاتورية القديمة . فلا يزال لدينا جرح مفتوح , بحاجة للتنظيف ولا يكفي له الاسعافات الاولية. لكن ما حدث هو الاعتماد علي نفس الافكار البالية . فالثورة لم تكن تهدف لتغيير اشخاص , و انما تفكيرنا بالكامل , فما نراه هو نفس نمط تفكير نظام مبارك مع مظاهر دينية علي الكعكة .

و يذهب البرادعي متوقعا سيناريوهات مختلفة اذا ما استمر تدهور القانون و النظام في البلاد , فالناس باتت تتحدث عن ما لم نتوقعه من قبل : فانهم يرغبون في عودة الجيش للحكم لتحقيق الاستقرار , او ربما نشهد ثورة الفقراء , التي ستكون غاضبة وقبيحة , ويختم بالقول : ' هناك امور اسوا من فشل الدولة , واخشي ان تترنح بلادنا علي حافة الهاوية ' .

ليست هناك تعليقات :