الغاية شريرة و الوسائل منحطة و الهدف دفن الثورة وائل قنديل


لان الغاية شريرة , تاتي الوسائل ايضا غارقة في قاع الانحطاط , ولان المستهدف هو تشييع ثورة يناير الي مثواها الاخير , فان الادوات لا تقل خسة عما جري استخدامه من قبل في محاولات الاجهاز علي هذه الثورة.

ان اللعب يدور علي المكشوف الآن , ولا يخفي علي كل ذي عينين ان صدارة المشهد الثوري المزيف الآن يسكنها ما تبقي من ذيول دولة مبارك.

ولا جديد يذكر منذ احداث الاتحادية الاولي , سوي ان رغبات اراقة الدماء هذه المرة تبدو اكثر تصميما علي الانتقام من الثورة و الثار من كل اطرافها.

في 23 ديسمبر الماضي سجلت في هذا المكان ان ' في مصر الآن الكذب بدون حد اقصي , كل شيء مباح في معركة الفرصة الاخيرة التي يخوضها النظام القديم للعودة , برموزه الصريحة , ومعارضاته التي تغذت ونمت علي فساده.

لا سقف للاختلاق و التلفيق و التحريف و التخريف , اذ تعمل مضخات التفزيع ومنصات الترويع بكامل طاقتها , في محاولة اخيرة لنسف المرحلة بكل ما فيها , في مشهد لن تجد وصفا له الا في قصيدة صلاح عبدالصبور الخالدة ' الظل و الصليب ' التي يقول فيها ' هذا زمن الحق الضائع __ لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتي قتله __ ورءوس الناس علي جثث الحيوانات __ ورءوس الحيوانات علي جثث الناس __ فتحسس راسك ' .

وانظر حولك الآن __ ستجد ميكروفونات الثورة في ايدي الذين قامت ضدهم الثورة , ولن تعدم من يقول لك ببجاحة انها حالة مصالحة وطنية __

ستجد ايضا اعلاما واقلاما للثورة ' العكسية ' في ايدي حملة المناشف للمخلوع وولده , حملة المباخر لهذا النموذج من الحكام بامتداد الخارطة العربية , من مخلوع تونس الي مخلوع ليبيا , الي ذلك الآيل للسقوط في دمشق.

ثم انظر مرة اخري ستكتشف انك امام عملية تدوير لنفايات مبارك وعمر سليمان ومخلفات الجنرال الذي يطل علي المشهد من جحره , قائدا وزعيما وملهما ل ' الثورة علي الثورة ' __ ولن تري من تفاوت بين خطابه الركيك وخطاب الزعماء البائسين , الذين فضلوا الدخول في سبات عميق حين كانت الميادين تستصرخهم الا يخذلوها ' .

وها نحن امام تكرار للماساة ذاتها , غير انه وكما تكسرت سهام الخسة في المرة الاولي , ستتكسر في هذه المرة , ذلك ان للثورة ربا يحميها , فضلا عن انه في نهاية المطاف سيقف ابناؤها الاصليون امام مرآة الضمير وسيكتشفون بعد المسافة بينهم وبين ما آمنوا به في فجر يناير 2011.

ولن امل من التكرار : الثورات بالنيات كما قلتها في بدايات ظهور فلول مبارك في صدارة المشهد , و الحاصل انه لم تنجح ثورة 25 يناير في ازاحة المخلوع الا لانها كانت واضحة الهدف نقية الغاية , بعبارة واضحة كانت النية صافية ومخلصة ومن هنا نجحت خلال 18 يوما فقط في تحقيق مطلبها باسقاط مبارك وعصابته.

وقد قيل ويقال دوما ان هذه الثورة محاطة بعناية الله ورعايتها , لان انصارها اخلصوا النية وحددوا الهدف , ولذلك صمدت الثورة في وجه ضربات عنيفة ومحاولات اعنف لسحقها وازالتها من وجدان المصريين.

ليست هناك تعليقات :