تشكيك في قدرة روحاني على تغيير الموقف الايراني من سوريا و خبير يؤكد : لن يقدم تنازلات للغرب في البرنامج النووي

بدات المؤشرات الاولية للانتخابات الرئاسية الايرانية تتجه نحو المرشح الاصلاحي المعتدل حسن روحاني , وربما تعلن دائرة فرز الانتخابات مساء هذا اليوم , فوز المرشح الذي حصل علي 51 في المائة من الاصوات بعد فرز اكثر من نصف مراكز الاقتراع , ياتي هذا وسط تحليلات تشير الي تطور هائل في السياسة الايرانية التي تتجه نحو الاعتدال في الحكم , وامكانية التوصل لتسوية في الملف النووي مقابل رفع العقوبات عن طهران في ظل واصلاح العلاقات مع مصر و الدول العربية و العالمية.
وفي هذا السياق , قال الدكتور محمد مجاهد الزيات , رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط , ان الانتخابات الايرانية التي تجري حاليا تشهد تطورا في طبيعة السياسة الايرانية خاصة مع اقتراب المرشح حسن روحاني من الفوز بالرئاسة و الذي يدعمه الرئيسان السابقان , محمد خاتمي , وعلي اكبر هاشمي رفسنجاني , الذي اقصي من المشاركة في الانتخابات . ياتي ذلك في الوقت الذي يدعم فيه علي خامنئي المرشحين سعيد جليلي وولايتي وهذا له مؤشرات علي الاعتدال في الحكم و التخلي عن التطرف.
ويلفت الدكتور الزيات الي ان الرئيس الذي يمارس الاعتدال لن يختلف عن الرئيس الذي يمارس التطرف خاصة في القضايا القومية و الملف النووي و الحضور في منطقة الشرق الاوسط , مشيرا الي ان روحاني في حال فوزه بالرئاسة لن يقدم تنازلات في الملف النووي ومن الممكن ان يكون اقصي تنازل يقدمه هو الموافقة علي الوصول الي درجة تخصيب 20 في المائة ثم يتوقف التخصيب ومن هنا تكون ايران قد اتخذت قرارا استراتيجيا بان تبقي هذه المرحلة سلمية مقابل رفع العقوبات عن طهران.
ويري د. الزيات ان ايران سيستمر تدخلها في سوريا بعد فوز روحاني او اي مرشح آخر لاهداف استراتيجية تخدم استمرار النفوذ الاقليمي في الدوائر المهمة في منطقة الشرق الاوسط.
وبخصوص تقارب القيادة الايرانية الجديدة من مصر , يوضح د. الزيات ان قرار التقارب بين مصر وايران بيد القاهرة في المقام الاول , ولكن ستظل مصر هدفا اساسيا بالنسبة لايران التي تحاول خلق محور جديد مع القاهرة يوازي المحور التركي الذي فقدته ايران مؤخرا.
اما بخصوص علاقة ايران الفترة القادمة بدول الخليج , اوضح د. الزيات ان روحاني قال خلال فترة الدعاية الانتخابية , انه حريص علي ان تكون له علاقات جيدة مع دول الجوار , ومن الممكن ان تكون هذه التصريحات ارضية لعلاقات جيدة مع هذه الدول.
من جهتها , اعربت دكتور امل حماد , استاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية بجامعة القاهرة , علي تحفظها علي اعلان فوز المرشح المعتدل حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الايرانية مرجعة ذلك لان النتيجة النهائية لم تظهر بعد.
وتري د. حماد انه في حال فوز روحاني في الانتخابات لن تغير ايران من ثوابتها الخارجية لكنها سوف تغير اللغة الخطابية بمعني وجود تحسن في لغة الخطاب و البعد عن اللهجة العدائية تجاه الدول الاخري , ومن الممكن ان تشهد العلاقة بين مصر وايران تحسنا , لكنها ستظل علاقة غير كاملة علي جميع المستويات بسبب حالة التعقيد الكبيرة في الداخل المصري وبسبب اختلاف المواقف بين الطرفين تجاه سوريا , فمن الصعب حدوث تحالف قوي بين ايران وتركيا ومصر بسبب الاختلافات في الاولويات و المظاهر و الرؤي ولكن قد يحدث تنسيق بين الاطراف الثلاثة.
وتتابع قائلة : ' فاذا صرح روحاني من قبل علي اولوية قصوي لتحسين العلاقات مع دول الجوار في السياسة الخارجية وخاصة السعودية فلا اتوقع وجود تغير كبير في ثوابت السياسة الخارجية الايرانية تجاه تلك الدول وانما قد يشهد تحسن علي مستوي لغة الخطابة ' .
وفيما يخص الملف النووي الايراني , تشير د. حماد الي ان الرؤية الايرانية ستظل متحمسة تجاه الملف النووي ولن تتغير مهما كان اسم الرئيس والي اي تيار ينتمي فلا يمكن ان يتنازل اي رئيس من الرؤساء او حتي يعيد النظر في الملف النووي لان كل المرشحين متفقون علي اهميته وانه يستخدم كورقة ضغط وان كان في حالة فوز روحاني سوف يكون الخطاب اقل عداء ويتم فتح باب التفاوض و الرجوع الي مائدته.
واذا توقع العديد من الخبراء ان هناك تشابه بين روحاني ورفسنجاني في سياستهم الداخلية فقد رجحت د.امل حمادة سبب ذلك ان رفسنجاني اصلاحي استطاع ان يمارس سياسة برجماتية دون احداث اصلاحات كبيرة فهو كان مرن وقادر علي بناء التحالفات في الداخل ولا يستعدي التيار المحافظ وكذلك الحال عند روحاني , فهو قادر ان يزيل انقسام المجتمع الداخلي بين الاصلاحيين و الحافظين , فاذا استطاع ان يتعامل بطريقة رفسنجاني فهي تعتبر فرصة تاريخية لانهاء تلك حالة الاستقطاب الداخلي في ايران.
اما الملف السوري الذي له اهمية كبيرة علي طاولة السياسة الخارجية الايرانية تعتقد د.امل حمادة انه لن يتغير شكل الموقف الايراني تجاه سوريا ولكن قد يختلف في طريقة التعامل معها.
من جهة اخري , يري السفير محمود فرج , سفير مصر بطهران سابقا , ان ما يظهر من نتائج اولية في الانتخابات الرئاسية الايرانية وتقدم رجل الدين المعتدل حسن روحاني علي منافسيه يدل علي الرغبة الملحة للشعب الايراني في التغيير الذي يخرجه من المشاكل غير العادية في حياته اليومية , فلا بد لايران التخلص من انغلاقها علي نفسها وتدعيم علاقاتها بالعالم الخارجي.
وشدد السفير فرج علي ضرورة تغيير ايران لمواقفها العدائية للدول العربية و الغربية نظرا لما تعانيه الدولة من مشاكل كبيرة من الممكن التوصل فيها الي حلول , فالوضع الاقتصادي شبة متدهور وهذا سيكون التحدي الاكبر امام روحاني اذا اكدت باقي صناديق الاقتراع فوزه , ولكي يستطيع روحاني اعادة بناء ايران مرة اخري , لا بد ان يعمل علي تخفيف حدة التوتر بين طهران و الغرب و الدول العربية خاصة سوريا و السعودية.
ويعتقد السفير فرج ان التقارب بين مصر وايران في حال فوز روحاني بالرئاسة لن يزداد نظرا لان هذا التقارب مربوط بحل بعض المشاكل العالقة بين الدولتين منذ زمان , خاصة المشاكل الامنية ويتم عقد لقاءات بين الاجهزة الامنية للحكومتين للتوصل لحل لهذه المشاكل , موضحا ان هذا التقارب مربوط ايضا بعلاقة ايران بدول الخليج و التي تعاني من توتر شديد وصل الي حد الصراع , ولا بد من ان تنهي طهران خلافاتها مع هذه الدول حتي تستطيع التقارب اكثر من مصر.
وبخصوص برنامج ايران النووي , يري السفير فرج انه من السهل التوصل لصيغة توافقية بين ايران و الغرب في هذا الشان , قائلا : ' اعتقد ان الجانبين مستعدان لتسوية هذا الملف ولكن هذا مرتبط بمشاكل كبيرة لايران في المنطقة العربية خاصة سوريا ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق